المقاله تحت باب مقالات و حوارات في
21/06/2014 06:00 AM GMT
ما قدمه الكاتب حسين السكاف في كتابه الجديد جهد توثيقي مرموق يمكنه، بحق، أن يسد فراغاً واضحاً، ليس في رصد واستعراض أهم الروايات العراقية خلال ثماني سنوات (2004- 2012) إنما يأتي انتباهة ذكية في باب التوثيق الضروري، بشكل عام، لجهود العراقيين وهو باب مهمل ومنخور،
للأسف، لم يصن أو يرمم منذ عقود مديدة بعد أن عصفت الحروب والحصارات والتشظيات السياسية والثقافية بالعراق وأهله من كتاب وقراء ومعنيين بشؤون الكتابة والبحث والفن، بخلاف ما تأتيه الأوساط المسؤولة والمهتمة في الدول المتقدمة التي تولي هذه المهمة الحضارية أهمية كبيرة وتجند لها مؤسسات وهيئات مختصة لحفظ آثار شعوبها خصوصاً ما يتعلق منها بالنتاج الفكري والفني الذي يعد الصورة الأصدق والأكثر تعبيراً عن حياة تلك الشعوب ومسارات حياة أبنائها ونتاجاتهم الإبداعية في ميادين شتى. أبدى السكّاف في كتابه الكثير من الصبر، مشفوعاً بمحبة زملائه من الروائيين العراقيين، وقرأ واستعرض ولخص خمسين رواية عراقية (صورة الوجع العراقي) وهو جهد مشكور إذ يضع بين أيدي الكثيرين ثمرة متابعته ودأبه المخلصين وثيقة قرائية ترتّب سجلّاً مهماً لا تقتصر فائدته على النقاد وقراء الرواية، حسب، إنما سيكون في متناول الأكاديميين والمكتبيين والورّاقين والدارسين، من المخضرمين والشبّان معاً، وكل من يستشعر حاجة البحث وضرورة تقصي السرد العراقي خلال سنوات المحن والأزمات وسجالات الألم والأمل التي تركت جراحاً مفتوحة، وستبقى، في مهج ملايين العراقيين ممن رصدهم روائيين"مؤجّلين"لأنهم وجدوا في الزمان والمكان الزيتونيين فضُربوا على حناجرهم وختم على آلامهم بالحديد الحار حتى انبثقت كلماتهم المخبأة من ثقوبها العميقة إثر ما حدث عام 2003 بعد سقوط كبير الزيتونيين على أيد الاحتلال الأمريكي، رغم التباس المرحلة ومرارة الخيار بين الطغاة والغزاة. الرواية، جنساً فنياً، خيار صعب يشترط ما لا يشترط غيره (الشعر مثلاً) فهي نوع من الملحمة التاريخية (حسب جورج لوكاش) وهي، أيضاً، ابنة وسط اجتماعي يفترض قدراً من التأمل والاسترخاء اللذين تتطلبهما الكتابة السردية مسعى صبوراً لا عجولاً، وإن أخذ البعض على روايتنا الجديدة (بعد 2003)".. في حين نجد أن الوضوح والمباشرة في إدانة النظام الدكتاتوري، يشيران إلى حرية الكاتب في تناول الكثير من الأدلّة التي تدين النظام السابق في روايات أخرى كانت قد كتبت في فترة بعد الزوال أو في المنفى"– من المقدمة -. أولى المؤلف، كما قلت، جهده الأرأس للتوثيق والأرشفة، وهو ما يشكل القيمة المهة لهذا الكتاب، وإن جاءت على حساب النقدي والجمالي، الأمر الذي لا يقلل من تلك القيمة التي نحتاجها جميعاً، وهذا ما أدركه السكاف وأشار له في مقدمته:"إن بحثنا هذا لا يدخل بالضرورة ضمن إطار النقد الأدبي أو النقد الروائي تحديداً، بل هو بحث يحاول دراسة المرحلة من خلال عالم الرواية.. بحث يهتم بالهم والحس الأرشيفي الذي تلمسناه لدى الروائيين وهم يسعون جاهدين إلى أرشفة مأساة شعبهم وتقلبات وطنهم السياسية وما خلفته من تغيرات عديدة أصابت صلب المجتمع العراقي". وإذ يقسم المؤلف كتابه إلى ستة فصول، كل بعنوان يحدد ثيمة البحث، يختتم الكتاب بملحق للروايات التي صدرت بعد 9 نيسان 2003، حسب تسلسل سنوات الصدور. الأعمال الروائية المبحوثة هي"السيد اصغر اكبر، الحلم العظيم، كوميديا الحب الإلهي، خلف السدة، مطر الله، رواية إعجام، خضر قد والعصر الزيتوني، المحرقة، قشور بحجم الوطن، الضلع، تحت سماء كوبنهاكن، عندما تستيقظ الرائحة، ياسين وصحبه، ما بعد الجحيم، اقصى العالم، اساتذة الوهم، مذكرات كلب عراقي، المزمار، بين الجنة والنار، هواء قليل، انه يحلم او يلعب او يموت، كوبنهاكن مثلث الموت، الامريكان في بيتي، اقتفي اثري، وحدها شجرة الرمان مشرحة بغداد، يا مريم، تغريبة ابن زيريق البغدادي الاخيرة. على أن الفصل الرابع وهو لا يقل أهمية عن الفصول الأخرى المعنون بـ (العراق في الرواية العربية) مثل: مطر على بغداد، ورواية حالة سقوط ورواية حراس الهواء ورواية الحياة كما هي ورواية سقف الكفاية ورواية سجين المرايا ورواية جنود الله. يتناول الفصل الخامس سرديات النهش – الحضور اللافت لرمزية الكلب في الرواية العراقية، بينما ضم الفصل السادس تعريفات ببعض الروايات العراقية وهي: العودة الى كاردينيا، تحت سماء الكلاب، عراقي في باريس، أموات في بغداد، الإرسي، حارس التبغ، حرب العاجز، حسناء الهور، رماد الحب، الصندوق الأسود، مدينة الصور، القنافذ في يوم ساخن، حدائق الرئيس، فيرجوالية، حياة باسلة، قتلة ومتاهة آدم. _______ صدر الكتاب عن دار (الروسم) – بغداد 2014 بإهداء إلى روح الشهيد كامل شياع عبدالله.
|