غجر كردستان يسعون للمشاركة في الإنتخابات ويطالبون بالكوتا

المقاله تحت باب  قضايا
في 
08/06/2012 06:00 AM
GMT



عبدالخالق دوسكي | دهوك

يسعى الغَجَر في إقليم كردستان إلى دخول البرلمان الكردستاني في الدورة المقبلة بعد تزايد أعدادهم في العامين الماضيين إلى أكثر من 31 الف نسمة بحسب إحصاء قام به مركز "آلوكا" الثقافي الخاص بالغجر في محافظة دهوك (450 كلم شمال بغداد).
فكرة الإشتراك في العملية السياسية ودخول البرلمان تهدف إلى منح هذه الشريحة المتنقلة من السكان نوعا من الإهتمام في بلد تزاحم فيه المطالبون بالحقوق والمشتكين من التهميش.
يونس ظاهر رئيس مركز آلوكا الثقافي الذي أجرى آخر إحصائية لأعداد الغَجَر قال لـ"نقاش" إن المسح الميداني الذي أجراه المركز إستغرق ستة أشهر تم خلاله تشكيل لجنة عُليا ضَمّت ستة أشخاص من الغجر في محافظات اربيل والسليمانية ودهوك، فضلاً عن تشكيل لجان فرعية في المحافظات الثلاث المذكورة.
وأضاف "بعد إجراء المسح أظهرت الإحصائية التي أجريناها أن عدد الغجر هو (31145) نسمة يتوزعون على المحافظات الثلاثة للإقليم والنواحي التابعة لها أي بزيادة 5000 شخص عن إحصاء عام 2010".
التعداد الأخير الذي أجراه المركز قبل عامين أكد حينها ان عدد الغجر في المنطقة الجغرافية ذاتها لا يتجاوز 25 ألف غجري، لكن الزيادة الكبيرة التي حدثت في العامين الماضيين فاجأت فريق العمل.
يقول يونس "هناك سببين رئيسين في الزيادة السكانية لِغَجَر الإقليم، الأول يتعلق بالمجتمع الغجري الذي يُشجع على الإنجاب والتكاثر أما الثاني فهو نزوح عدد كبير من الغجر المتواجدين في الموصل وباقي المدن العراقية الساخنة الى إقليم كردستان هرباٍ من الأرهاب الذي كان يستهدفهم والميليشيات التي كانت تطاردهم".
مشاركة الغجر بقوائم منفردة أو بشكل مستقل عن الأكراد قد لا تُمَكنهم من الحصول على النتائج التي يرغبون بها، سيما وان إنتخابات مجالس المحافظات التي جرت في عام 2005 في الإقليم تمت بطريقة القوائم الحزبية المغلقة، أما الإنتخابات اللاحقة التي كان من المُفترض إجراؤها في أيلول من العام الحالي وتحدثت تصريحات المسؤولين الأكراد عن تأجيلها فلو تمت بطريقة القوائم المُغلقة فسيكون من الصعب على الغَجَر المشاركة فيها بشكل منفرد.
كما ان عدم تشكيل الغجر لأية حزب سياسي سيعيق دخولهم الإنتخابات، أما يونس ظاهر فتوقع ان يحصل الغجر على ممثلين لهم في مجالس المحافظات وأعترف في الوقت ذاته بوجود صعوبات في هذا الجانب وقال "نحن لم نشكل أي حزب سياسي خاص بنا لكننا موزعون على الأحزاب الكردية الأخرى وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني وقد نواجه صعوبات اذا ما خضنا الأنتخابات بمفردنا لذا نأمل ان يتم تخصيص مقاعد كوتا لنا في مجالس المحافظات مثل باقي الأقليات".
الميزَة التي يتمتع بها الغجر في الإقليم عن باقي غَجَر العراق هو تمتعهم بأجواء أمنية لا يطاردهم فيها المتشددون، فضلا عن وجود تحركات جدية لحكومة الإقليم بتوطين الغجر وإنهاء حياة الترحال التي يعيشونها.
مجمع (أدار) جنوب غرب دهوك هو أول مُجمَع غَجَري مدني شيدته الحكومة المحلية في محافظة دهوك عام 2008 ويعيش فيه أكثر من 260 عائلة غجرية في الوقت الحالي، ويضم المجمع مدرسة إبتدائية واحدة يُدَرس فيه مجموعة من المُعلمين الغجَر فضلا عن مُعلمين من خارج المكان ومركزاً ثقافياً، لكن السكان يقصدون مجمع دوميز القريب منهم لتلقي العلاج لعدم وجود مركز صحي داخل المكان.
سُكان المُجمع الغَجَري لا زالوا يُمارسون مِهَنهم الموروثة من الأجداد مثل صِناعة المهود الخاصة بالأطفال الرُضَع، صناعة الدفوف والغِربال فضلاً عن الغناء، أما البِغاء وبيع الجسد الذي يشتهر به الغَجَر المرتحلين فأنقطع سُكان المُجمع عن مزاولته كمهنة بتوجيه من وجهاء الغَجَر داخل المكان.
نايف حمو مطرب غجري يعيش في مجمع (أدار) يُناصر فكرة أن يكون للغَجَر تمثيل في البرلمان ويقول "نريد ان يكون لنا تمثيل في البرلمان وفي مجلس المحافظة لأن لدينا الكثير من المشاكل التي نعاني منها مثل قلة المباني المدرسية وعدم توفير فرص العمل التي أدت الى شيوع البطالة بين الشباب في المُجَمع".
المُطرب الغَجَري ورغم مطالبته بضرورة دمج الغَجَر في الحياة المدنية إلا أنه يعتّزُ كثيراً بالتراث الغَجَري ويقول "لدينا من يمتهنون مهنا أورثوها من آبائهم وأجدادهم منذ مئات السنين وغالبية هذه المهن تعاني الآن من خطر الإنقراض لأن الأجيال الجديدة لا تهتم بها لعدم الحاجة اليها في الوقت الحالي".
وتشاطر المُغنية الغَجَرية فهيمه فتاح (36 سنة) زميلها حول ضرورة التشبث بالعادات والتقاليد والتراث الغَجَري وتقول "الكثير من هذه العادات والتقاليد الغَجَرية مثل الملابس واللغة والأعراس مُعرضة للزوال ويمكن أن يندثر تحت ماكنة التحضر إذا لم يتم الحفاظ عليها من قِبَل الحكومة".
محمد بيرو أحد وجهاء الغَجَر في مجمع (أدار) في دهوك يرى أنه على الغَجَر ان يتكيفوا مع التطورات التي تجتاح العالم وأن يحاولوا الاستفادة من التغيرات السياسية والإدارية التي تحدث في المنطقة".
ويقول بيرو إن هناك الكثير من العوامل التي تدفع الغَجَر إلى الاستقرار والكَف عن الترحال ويضيف "ينبغي على الغَجَر إن أرادوا أن يكون لهم شأن داخل المجتمع ان يستقروا في المدن من دون ان يتركوا عاداتهم وهواياتهم مثل بقية الشعوب".
باحثون كُثُر كان لهم إهتمام واضح بالمجتمع الغجري في العراق بشكل عام وفي إقليم كردستان بشكل خاص، وهُم يملكون خبرةً كافية في تقاليد المجتمع الغَجَري.
الباحث بيار بافي رئيس جمعية التراث الكردستاني يقول ان من أبرز الأسباب التي أدت الى نشر الفقر والجهل بين هذه الشريحة هو العادات والتقاليد الخاصة بهم مثل الزواج المبكر الذي يدفع الشاب الغَجَري إلى الزواج قبل سن العشرين وتَحمُل أعباء الأسرة الجديدة".
ويضيف "المُجتمَع الغجري يتوق للتِرحال وحب المغامرة وهو لا يرتبط بالأرض ما جعلهم يدورون في فلَك ثابت على النقيض من المجتمعات الأخرى التي استفادت من التقنيات والتكنولوجيا الحديثة".
ويرى رئيس جمعية التراث الكردستاني انه من الضروري ان تلتف الحكومة الى هذه الفئة وتحاول أن تُغيّر النظرة الخاطئة التي كونّها المُجتمع عنهم وقال "المجتمع يَنظُر إلى الغَجَر بأنهم من الطبقات المُحتَقَرة لأنهم زاولوا في السابق التسول في البيوت والشوارع فأصبحت صفة لصيقة بهم".
عدم إدراك المجتمع للتغيرات التي طرأت على المجتمع الغَجَري خلال السنوات الأخيرة من توجههم نحو التمَدُن والتحضُر والإستقرار قد يترك أثراً سلبياً على نفسية أبناء هذه الشريحة ويدفعهم للتقوقع على الذات والإبتعاد عن الإختلاط كما هو حالهم اليوم ويدفعهم للبقاء بعيداً عن محافل السياسة.
مكتب مفوضية الإنتخابات في محافظة كردستان رَحَب بمشاركة الغَجَر في الإنتخلبات طالما كانت هذه المشاركة ضمن إطار قانون الأنتخابات.
ويقول المحامي بيار طاهر الدوسكي مدير مكتب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في محافظة دهوك "طالما كان الغَجَر يمتلكون الجنسية العراقية والبطاقة التموينية وهي الوثائق الرسمية التي تُثبت بأنهم عراقيون فلهم حق المشاركة كناخبين ومرشحين".
عن (نقاش)