بعد هدوء الصراع القومي في نينوى هل تشتعل فتنة طائفية؟

المقاله تحت باب  قضايا
في 
29/04/2012 06:00 AM
GMT




محمد كامل | الموصل 
اجواء احتقان طائفي لبدت سماء نينوى، بعد كتاب رسمي وصل ديوان الوقف السني من نظيره الشيعي، يطالب بتحويل ملكية مساجد في نينوى الى ملكية الشيعة، تنفيذاً لقرار كان قد صدر قبل نحو سبعة أعوام جرى التريث في تنفيذه.
ورغم عدم الإعلان عن اعداد المساجد المطلوبة او أسمائها بسبب تكتم الطرفين الشديد على تلك المعلومات وحجبها عن وسائل الاعلام، الا ان مصادر مطلعة في محافظة نينوى أبلغت "نقاش" أنها تناهز العشرات، وتتركز في مناطق مختلفة داخل مدينة الموصل ذات الاغلبية السنية المطلقة، وخارجها.
والقانون رقم 19 صدر بقرار حكومي في كانون الثاني (ديسمبر) من عام 2005، وألغي بموجبه نظام العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1948 و قانون ادارة العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1966 وقانون تعديله رقم 108 لسنة 1983، وأصبحت املاك ديوان الوقف الشيعي مستقلة عن السني.
ويتضمن القرار 23 مادة، تعرف إحداها المزارات الشيعية بأنها : "العمارات التي تضم مراقد مسلم بن عقيل وميثم التمار ...وغيرهم من اولاد الائمة واصحابهم والاولياء الكرام من المنتسبين الى مدرسة اهل البيت عليهم السلام في مختلف انحاء العراق".
ويذكر محمد خضر ادريس مدير الوقف الشيعي في نينوى، انه في ضوء هذا القرار، استعاد الوقف إدارته لمساجد ومقامات شيعية، رغم انتقال مقره من مدينة الموصل الى ناحية برطلة شرق المدينة (15 كم)، بسبب الاوضاع الأمنية التي عصفت بالمدينة في العام 2005 وبعدها.
وكان خضر قد ذكر في تصريحات صحفية، كيف ان أن القرار 19 مكّن الوقف الشيعي بعد 2005 من استعادة واحدة من اهم المقامات التي كانت تطالب بها، وهو مقام الإمام زين العابدين، في قرية علي رش التابعة الى ناحية برطلة، وان الوقف الشيعي كسب دعوى قضائية بالمناسبة رفعها الوقف السني أمام وزارة العدل.
ومحافظة نينوى يعيش فيها أكثر من ثلاثة ملايين ومئة الف مواطن، غالبيتهم العظمى من السنة وهم يشكلون نحو 30% من سنة العراق، ويعيش فيها الشيعة أيضاً ويتركز وجودهم في قضاء تلعفر ( 60 كم غرب الموصل )، وكذلك في ناحيتي بعشيقة وبرطلة شرقي الموصل، حيث غالبية السكان من الشبك ويمثل الشيعة نحو 60% منهم.
وفي تلك المناطق تحديداً تقع اهم المواقع الدينية المقدسة لدى الشيعة وهي مقامي زين العابدين وعلي بن موسى الرضا.
وفي مدينة الموصل مركز محافظة نينوى وأكبر بلداتها، قلة من الشيعة الشبك والتركمان بقوا هناك في احياء الكرامة والقدس والعطشانة وباب شمس والنبي يونس، بسبب هجمات كثيرة تعرضوا لها بين عامي 2005 و2008.
مقتل الكثيرين منهم ادى الى نزوحهم الجماعي، الى ناحيتي برطلة وبعشيقة والقرى المحيطة بها، حتى ان المسجد الوحيد للشيعة في منطقة الفيصلية وسط مدينة الموصل تعرض للتفجير، وقتل إمامه حكمت حسين علي في أيلول (سبتمبر) عام 2005.
وفي أول ردة فعل على طلب الديوان الشيعي، أصدر علماء الدين السنة بياناً تلقت "نقاش" نسخة منه، ويحمل الرقم (5 )، أكدوا فيه رفضهم تنفيذ القرار 19 الصادر عن مجلس الحكم الانتقالي في عام 2005، لانه صدر بغياب المكون السني.
ودعوا الى نقضه جملةً وتفصيلاً، لأن استمرار تنفيذه سيفتح باب "فتنة طائفية، ستدور رحاها، ولا يعلم أحد مداها، وقد يشمل ضررها العراق بأكمله".
ودعا العلماء في بيانهم مجلس النواب العراقي، وتحديدا النواب فيه الممثلون عن محافظة نينوى، وكذلك الحكومة المحلية في نينوى، وشيوخ العشائر العراقية، للعمل على الغاء القرار، "بحزم وجدية".
وفي غضون ذلك تجمع عدد من المواطنين في جامع النبي شيت القريب من ديوان الوقف السني، وحمل البعض لافتات حملت شعارات منها "لن نتخلى عن مساجدنا"، و "مساجدنا خط أحمر"، و"كلا كلا للطائفية ولدعاتها".
وفسر أحد علماء الدين وهو محمد عبد الوهاب الشماع السبب في أن تحمل جوامع ومساجد في مدينة الموصل ذي الغالبية السنية، أسماء رموز وشخصيات شيعية بقوله أن أحد الولاة على مدينة الموصل وكان يدعى بدر الدين لؤلؤ وأمتد حكمه (1209- 1261م ) قام وبهدف تقوية حكمه آنذاك، بإطلاق أسماء رموز أهل البيت على مدارس دينية كالمدرسة البدرية والعزية والتي تسمى إحداها الآن بعلي الأصغر، فضلاً عن مساجد بقيت ماثلة الى الآن.
ويتابع الشماع "السنة يحبون ويجلون أهل البيت، بل هم يدركون انهم الصلة بينهم وبين الله، من خلال السلام والصلاة عليهم خلال الصلاة اليومية العادية".
مجلس محافظة نينوى، رفض من جهته تطبيق القرار 19، بل وحتى مناقشته في جلسته الدورية، واكتفى بتصريحات عدد من أعضائه، كيحيى محجوب ممثل "الحزب الاسلامي" الذي وصف الأمر "بالفتنة الجديدة"، وان نينوى "أصبحت تمسي وتصبح على فتن من جميع الاشكال والاتجاهات".
ولفت الى ان اهالي نينوى ومدينة الموصل، "ومن حبهم لأهل البيت، سموا جوامع ومساجد فيها بأسماء أهل البيت، وان تحويل ملكيتها الان، يعني سلبها".
زميلته في المجلس كفاح حسين، استغربت من عودة الوقف الشيعي الى مطالباته وفي هذا الوقت تحديداً، رغم ان تريثا كان قد جرى من قبل في تنفيذ القرار.
وذكر فارس السنجري عضو مجلس النواب العراقي عن القائمة "العراقية"، أن المساجد المطلوبة تعود لأهل السنة، ولا يمكن لمجرد أن إحداها تسمى باسم أحد أبناء أهل بيت النبي محمد، أن تعود ملكيتها الى الوقف الشيعي.
وقال بانه سينقل الامر الى مجلس النواب العراقي، وتحديداً إلى لجنة الاوقاف والشؤون الدينية، وأنه سيعمل على إطفاء "الفتنة".
أما النائب زهير الأعرجي (العراقية البيضاء)، وهو ممثل عن نينوى أيضاً، فقال بأنه يحمل رسالة شفوية الى أهالي نينوى من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعد اتصال هاتفي جرى بينهما مفادها، "وقف جميع الاجراءات المتعلقة بنقل ملكية الأوقاف السنية الى الوقف الشيعي، وان تبقى الأمور على حالها، وان كتباً رسمية بهذا الخصوص ستوجه خلال الفترة القريبة المقبلة الى الوقفين"
ويؤكد الاعرجي، بأنه يسعى مع عدد من زملائه في مجلس النواب، لجمع التواقيع من اجل إصدار قرار بإلغاء الوقفين السني والشيعي إضافة الى هيئة الحج والعمرة، والتوجه الى تشكيل وزارة للأوقاف موحدة للجانبين.
ويرى علماء دين في نينوى، ان وقف الاجراءات ليست حلاً للمشكلة، وإنما هو "ترقيع" لمشكلة قائمة، سببها سن قانون في وقت كان فيه السنة مقاطعين للعملية السياسية، والآن ينبغي على مجلس النواب العراقي العمل على الغائه تماماً، منعا للفتنة.
وبعد انتهاء الصراع القومي بين العرب والاكراد بعودة اعضاء القائمة "المتآخية" الأكراد الى مقاعدهم في مجلس المحافظة، يحذر مراقبون من صراع سني-شيعي يضع الموصل مجددا في بؤرة التوتر.
وهم يعتقدون أن رائحة سياسية تفوح من مطالبات الوقف الشيعي بمساجد وجوامع في الموصل بناء على قرار مضى على إصداره سبعة سنوات كاملة.
عن (نقاش)