انقضت المائة يوم، فهل انقضت مشاكل كربلاء؟ |
المقاله تحت باب قضايا نقاش | عباس سرحان |
قبل نحو ثلاثة أشهر وجهت رئاسة البرلمان جميع النواب بالبقاء في محافظاتهم بمعدل أسبوعين من كل شهر بغرض رصد ومراقبة أداء الحكومات المحلية. وجاء هذا التوجيه بعد أن تعهد رئيس الحكومة نوري المالكي بتحقيق إصلاحات إدارية وخدمية خلال فترة مائة يوم انتهت فعليا في 7 حزيران يوينو الجاري.
ويرى النائب عن التيار الصدري، جواد الحسناوي الذي أقام بشكل شبه كامل في محافظة كربلاء خلال المائة يوم الأخيرة أن لا إنجازات كبيرة تحققت في محافظته موضحا أن تحقيق الإنجازات خلال فترة كهذه أمر يصعب تصديقه، واصفا تعهدات رئيس الوزراء في هذا الصدد بأنها "خدعة كبيرة". فمشاكل البلاد كبيرة بحسب النائب الكربلائي، وبعضها مستعص على الحل في الوقت الراهن لأسباب تتعلق بنقص الخبرة أو نقص الأموال، و"هناك مشكلات لا تحل إلى بالاعتماد على خبرات دولية واستثمارات وهذه غير متوفرة حاليا". وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد حدد في 27 شباط فبراير الماضي فترة مائة يوم انتهت فعليا في 7 حزيران يونيو الجاري، لتحسين واقع الخدمات في البلاد. وجاءت تعهدات المالكي إثر تظاهرات واسعة شهدتها البلاد للمطالبة بتحسين الخدمات، سقط على إثرها العديد من القتلى والجرحى بعد استخدام قوات الأمن القوة ضد المحتجين، الذين قاموا بدورهم بحرق عدد من الأبنية الحكومية. وشهدت محافظة كربلاء التي يزورها مئات الآلاف من الحجاج سنويا، مظاهرات طالبت بحل مشكلة الكهرباء المستعصية وتحسين البنية التحتية، إلا أن المائة يوم لم تجلب تغييرا يذكر على تأكيدات النائب عن التيار الصدري. وفي حديث مع "نقاش" أكد الحسناوي على أن مشاريع الطاقة لا يمكن معالجتها بأقل من سنتين في حال توفرت الجدية والأموال اللازمة لبناء محطات لإنتاج الطاقة. وأضاف "وجدنا أن أبرز معوقات تطوير الخدمات هو قلة التخصيصات المالية وغياب التخطيط وتعدد مصادر القرار في المحافظات". وأوضح النائب أن هناك "أكثر من عشرين عضوا يرأسون لجانا تحدد مسارات الخدمات والإعمار في كل محافظة عراقية، لكن أغلبهم يفتقر إلى الخبرة في إدارة ملفات خدمية هامة تلقى على عاتقهم، وهو ما يؤدي إلى عرقلة التقدم في مجال الإعمار". من جهته اعتبر النائب عن دولة القانون، حسن السنيد، مهلة المائة يوم "فترة تقييم تخص رئيس الوزراء الذي سيحدد من وزرائه الأكفاء من سواهم". وأضاف "لا أعتقد أن من يثبت فشله من الوزراء سيكون جديرا بالاستمرار في منصبه"، مرجحا أن يتم إقالة عدد من الوزراء بعد أن انقضت المائة يوم. ولفت السنيد إلى أن بعض وسائل الإعلام هي من حاولت تصوير فترة المائة يوم على أنها سقف زمني لتحسين الخدمات مشددا على أن الحديث عن هذا الأمر ليس معقولا، "ولا يمكن حل مشكلات العراق المتراكمة منذ عشرات السنين بمائة يوم". وخلال زيارته لكربلاء قال النائب لـ"نقاش"، إن "هناك من يحاول إسقاط رئيس الوزراء شعبيا عبر تحويل مهلة المائة يوم إلى سقف زمني لإنجاز كبير في الخدمات". بدوره لفت رئيس مجلس محافظة كربلاء محمد الموسوي، إلى أن فترة المائة يوم شهدت إنجاز العديد من المشاريع، واصفا كربلاء حاليا بأنها ورشة عمل "حيث تقام فيها مشاريع الخدمات على قدم وساق" على حد قوله. من بين تلك المشاريع، "جرى رصف عشرات الكيلومترات من الطرق بمادة السبيس، فضلا عن تكليف شركة مقاولات برصف أكثر من ثمانين كم أخرى ليتم الانتهاء منها في الفترة المقبلة". بدوره اعتبر عميد كلية الإدارة والاقتصاد، الدكتور علاء فرحان المائة يوم الأخيرة أن تحديد فترة مئة يوم لحل مشاكل معقدة وأزمات عانى منها العراقيون لعشرات السنين يعد "خطأ استراتيجيا لا يمكن لأي سياسي أن يقدم عليه". وقال لـ"نقاش" أن المقصود من تصريح رئيس الوزراء حول المهلة هو "تقييم عمل حكومته للتخلص من المتلكئين ودعم الناجحين". وفيما أشار مقربون من المالكي إلى أن الأخير قد يقيل عددا من الوزراء في الأسابيع المقبلة بسبب إخفاقهم في وضع خطط ناجعة للنهوض بأداء وزاراتهم، قلل عميد كلية الإدارة والاقتصاد من أهمية التعويل على الوزراء في مسألة النهوض بالواقع الخدمي. فعمل الوزارات وفقا لفرحان يبدأ من وكلاء الوزراء فنازلا مرورا بالمدراء العامين والموظفين في الوزارة، لافتا إلى أن اشتراط المهنية والكفاءة لابد أن يتحقق في هذه السلسلة من الموظفين وليس ضروريا أن يكون الوزير بحد ذاته مختصا، وقال "رأينا في الولايات المتحدة أن وزراء الدفاع لم يكونوا عادة من العسكريين". |