المقاله تحت باب منتخبات في
03/10/2010 06:00 AM GMT
بعد ترجمات كثيرة، فاقت أي أثر أدبي عربي وربما غير عربي، ها هي رائعة الكبير جبران خليل جبران "النبي" تنقل الى العربية بترجمة جديدة لجميل العابد عن النص الأصلي الوارد في الكتاب الصادر عن "دار جبران خليل جبران للتأليف والإنتاج والترجمة والنشر، بيروت". المترجم جميل العابد (سوري)، الذي عمل مخرجاً إذاعياً في "بي.بي.سي" ومعلماً للترجمة لطلاب الدراسات العليا في جامعة ليدز البريطانية، نال جائزة المفوضية الأوروبية للترجمة الإبداعية. إذاً جميل العابد له حيّز مرموق في مجال الترجمة الفورية أو غير الفورية، وله التجربة والممارسة المتميزتان، وهذا ما ظهر في ترجمته لكتاب جبران، أحد أكثر الكتب رواجاً في العالم. ترجمة دقيقة، حمّالة المعاني، والإيحاءات، والمناخات، وإيقاع اللغة، وخواتمها، وسحرها. نقول ذلك لأن "النبي" من أول النصوص المفتوحة في الأدب العربي، ليكون جبران عبر ذلك، مفتتحاً لما يسمى قصيدة النثر العربية في المجالات التي أدركتها والبعيدة عن الشروط التي أرستها سوزان برنار في دراستها "قصيدة النثر الفرنسية من بودلير الى أيامنا هذه". وإذا كان كتاب برنار صدر في الستينات واستقى منه كثيرون معتمدين الشروط التي استخلصتها الباحثة من النصوص الفرنسية على مدى نحو مئة عام، ليطبقوها كشروط جاهزة لقصيدة النثر العربية في بدايات تبرعمها، وكأنها صارت بمثابة "أوزان" جاهزة للتجربة الشعرية المفتوحة والحرة، والطالعة من عمق الاكتمالات الداخلية والاجتماعية. جبران، في نصه هذا كأنه سبق برنار في أن قصيدة النثر أبعد من الحدود المقننة التي رسمتها، وأنها نص يدرك اللامجهول بإيقاعاته وبناه وتشاكيله وتراكيبه. والرائدان الآخران لقصيدة النثر ضمن المفهوم الذي أدركه الشعر العربي والعالمي اليوم هما أمين نخلة "المفكرة الريفية" وأمين الريحاني في "هتاف الأودية". من دون أن ننسى فؤاد سليمان وقبل كل هؤلاء الشعراء الصوفيون النثريون من النفري، الى أبي حيان التوحيدي، الى المحاسبي. إذاً، حسناً فعل جميل العابد باختيار لغة أخرى لمقاربة النص الجبراني، فترجمته أقرب الى اللغة الصارمة (الدقيقة) على عكس ما هو مألوف، من ماديتها، وسلاستها، ومخبآتها، ودلالاتها، وفخاخها، وأسرارها، وتوهجها، وحتى كثافتها المضيئة (على غير ما هو موجود في شروط سوزان برنار). ترجمة فيها جهد معهم، ومحاولة قبض على جوهر "النغم" الجبراني، والمفردة، والسياق، والظلال، لكن مع هذا كان يمكن أن يخلي من ماويتها، وسلسالها، ونبرتها "الغامضة"، وكسورها الداخلية. قام جميل العابد بإنجاز مهم في محاولته ترجمة "النبي" بطريقة تختلف عن الترجمات السابقة من لبنانية، وسورية، وتونسية ومصرية... ننشر بعض النصوص المترجمة.
الحب عندئذ قالت ألمطرا، حدثنا عن الحب. فرفع رأسه ونظر الى الناس فحل عليهم سكون. فقال بصوت عظيم: إذا أومأ الحب لكم اتبعوه، ولو كانت دروبه صعبة وفي انحدار، وإذا ضمكم بجناحيه أسلموا له، ولو أدماكم في ريشه السيف الخفي. وإذا حدثكم صدقوه، ولو عصف صوته بأحلامكم عصف الشمأل بالروض. مثلما يتوجكم الحب يذيقكم أشكال العذاب. ومثلما ينمي عودكم يشذبه في آن. يتسلق إلى عليائكم ويداعب أرق أغصانكم المرتعشة في الشمس، ويهبط الى جذوركم ويهز لحمتها في التراب.
الثياب وقال الحائك، حدثنا عن الثياب، فأجاب: ملابسكم تحجب جل جمالكم، ولا تخفي ما هو غير جميل. تنشدون حرية الإنزواء في اللباس وربما وجدتموه لجاماً وقيداً. ليتكم تخرجون الى الريح والشمس بكثير بشرتكم وقليل لباسكم. فأنفاس الحياة في الشعاع وفي الريح اليد. يقول بعضكم، "ريح الشمال نسجت لنا الثياب". وأقول، بلى، هي الشمأل، لكن الحياء كان نولها واختلال اللحم الخيط. وعندما أتمت العمل قهقهت في عمق الفيء. لا تنسوا أن الاحتشام درع لصد عين الفجر. وماذا يبقي الاحتشام إن ولّى الفجر غير قيد وفساد فكر؟ ولا تنسوا أن الأرض تعشق لمس أقدامكم وهي عارية وأن الريح تهوى مداعبة الشعر. وإذا ما جاء المنشد والراقص وعازف العود فاشروا من مواهبهم أيضاً. فهم كذلك ممن يجمعون الثمار والبخور ما يأتون به، وإن من نسج الأحلام، كساء وغذاء للروح. وقبل أن تغادروا السوق، تأكدوا أن ما من أحد آب فارغ اليدين. فروح الأرض الأكبر لن ينام قرير العين على جناح الريح حتى تلبى حاجة الأصغرين.
القوانين ثم قال محام، ماذا عن قوانيننا، يا سيدي؟ فأجاب، قائلاً: يفرحكم سن القوانين، لكنكم في مخالفتها أكثر تفرحون. مثل أطفال على شاطئ البحر يلعبون وبدأب يبنون أبراج رمل ويهدمون ما بنوه ضاحكين. وفيما تبنون أبراج الرمل يحمل البحر الى الشاطئ المزيد من الرمال، وإذ تهدمون الأبراج يضحك البحر معكم. هكذا البحر، دائماً يضحك كلما راح الأبرياء يضحكون. لكن ماذا عن الذين لا يرون الحياة بحراً، ولا قوانين الإنسان أبراج رمل؟ الذين يرون الحياة صخرة، والقانون إزميلاً ينحتون به لأنفسهم منها تماثيل؟ ماذا عن القعيد يكره الراقصين؟ والثور ألف نيره فحسب الأيل وظبي الغابة أشياء شاردة في التيه؟ ماذا عن الصل الطاعن لم يستطع طرح جلده فوصم الحيات بالعري المشين؟ وذلك الذي خف الى وليمة العرس قبل الموعد، فإذا ما أتخم وتعب مضى في سبيله قائلاً إن جميع الولائم انتهاك وكل المحتفلين مارقون. ماذا أقول عن هؤلاء غير أنهم في ضوء الشمس كذلك واقفون، لكنهم للشمس ظهورهم يديرون؟ لا يرون إلا ظلالهم، وظلالهم هي قوانينهم؟ وهل الشمس لهؤلاء إلا مذرّة ظلال؟ وهل اعترافهم بالقوانين إلا انحناء وتقفي ظلالهم على الأديم بين الظلال؟ وأنتم، يا من تولون وجوهكم الشمس، أي أخيلة مرسومة على الأرض توقف سيركم؟ ويا أيها المسافرون مع الريح، أي دوارة ريح توجهكم؟ وأي قانون وضعه إنسان يقيدكم إن أنتم حطمتم نيركم ولم تحطموه على باب سجن إنسان؟ أي قوانين تخشون إن رقصتم ولم تتعثر أقدامكم بأصفاد؟ ومن سيحاكمكم إن أنتم مزقتم رداءكم ولم تتركوه في درب إنسان؟ يا أهل أورفليس، تستطيعون كتم أصوات الطبول وحل أوتار القيثار، لكن من ذا الذي يستطيع أن يمنع القبّرة عن الغناء مع الأطيار؟
الحرية وقال خطيب، حدثنا عن الحرية، فأجاب: عند باب المدينة وجانب ناركم رأيتكم ساجدين وحريتكم تعبدون، مثل عبيد أمام طاغية يتذللون ويذهبون في مدحه وهم على يديه يذبحون. وفي غيضة المعبد وظل القلعة رأيت أكثركم عتقاً يلبس حريته كقيد ونير. ونزف القلب مني؛ فلن تكونوا أحراراً إلا عندما يصبح شوق البحث عن الحرية لكم قيداً، وعندما تكفون عن ذكر الحرية كهدف وإنجاز كبير. أحراراً تكونون عندما لا تخلو أيامكم من همّ ولياليكم من عوَز وغم، بل حين تطوق هذه حياتكم فتعلون فوقها عراة طلقاء. وكيف تعلون فوق أيامكم ولياليكم ما لم تحطموا الأغلال التي في فجر فهمكم كبلتم بها ساعة صحوكم؟ في الحقيقة ما تسمونه حرية هي أقوى هذه القيود، رغم لمعان حلقاتها في الشمس وإبهارها العيون. وهل ما ستنبذونه لكي تصبحوا أحراراً إلا نتفاً من خصائص ذاتكم؟ فإذا كان ما ستنبذونه قانوناً جائراً، فأنتم من خط القانون على جبينه بيده لا بيد غيره. ولن تستطيعوا محوه بحرق كتب القانون ولا بغسل جباه قضاتكم، ولو صببتم عليها البحر كله. وإذا كان ما ستخلعونه طاغية، فحطموا عرشه المقام داخلكم له أولاً. فكيف يحكم الأحرار الأباة طاغية، ما لم يكن في حريتهم هناك طغيان وعار في كبريائهم؟ وإذا كان ما ستتخلون عنه هماً، فذاك الهم اختياركم لا فرض عليكم. وإذا كان هذا خوفاً تريدون طرده، فالخوف بقلوبكم لا بيد من تخافون. في شبه عناق دائم تمور في كيانك الأشياء، كل الأشياء؛ ما ترهبه وما تتلهف له، ما تأباه وما تميل إليه، وما تلهث وراءه وما تهرب منه. تتحرك هذه فيك أنواراً وظلالاً بتلازم تلازم الظل والنور. وإذ يخبو ويغيب الظل، يصبح النور إذ يغدو ذبالة ظلاً لنور آخر. وهكذا حريتك ما أن تفقد قيدها حتى تصبح ذاتها قيداً لحرية أكبر.
الألم وتكلمت امرأة، قائلة، أخبرنا عن الألم، فقال: ألمكم هو انكسار القوقعة التي تطوق فهمكم. فمثلما على نواة الثمرة ان تنفلق، كي يشرئب قلبها في الشمس، عليكم اختبار الألم. ولو استطعتم ابقاء قلوبكم في دهش أمام معجزات حياتكم تتبدى كل يوم، فلسوف ترون أن ألمكم لا يقل دهشاً عن فرحكم؛ ولسوف تقبلون بمواسم قلوبكم قبولكم بالفصول تتعاقب على حقولكم. وبهدوء وصفاء تراقبون تعاقب شتاء حزنكم. ألمكم كثيره اختياركم. هو الدواء المر به يشفي الطبيب فيكم عليل ذاتكم. آمنوا بالطبيب، وارشفوا دواءه بسكون وصمت فيده، رغم بأسها وثقلها، يرعاها اللطيف الذي لا تراه عينكم. والكأس التي يأتي بها، رغم نارها على شفاهكم، قدت من الطين الذي بطاهر دمعه بلله صانعه.
الزمن وقال فلكي، ماذا عن الزمن، يا سيدي؟ فأجاب، قائلاً: تريدون قياس الزمن الذي لا يحد ولا يقاس؛ وتعديل سلوككم وتوجيه حتى مسار روحكم حسب فصول وساعات. ومن الزمن تجعلون جدولاً تجلسون على ضفافه وتراقبون انسيابه. لكن السرمدي فيكم يعي السرمدي في الحياة، ويدرك أن الأمس لليوم ذكرى وأن الغد حلم النهار. وأن المتأمل والشادي فيكم ما زال أسير اللحظة التي نثرت النجوم في الفضاء. من منكم لا يشعر بأن قدرته على الحب قدرة بلا حد؟ ومن ذا الذي لا يشعر مع ذلك بعين ذاك الحب، رغم لا نهائيته، كامناً في صلب كيانه، لا ينتقل من فكرة حب الى فكرة حب، ولا من مآثر حب الى مآثر حب؟ أو ليس الزمن اذن كالحب، لا قسمة ولا فضاء له؟ لكن ان لم يكن من قياس الزمن في فكرك بد، ومن تقسيمه الى فصول، فدع كل فصل يضم باقي الفصول، ودع الحاضر يعانق الماضي بتذكره والمستقبل بشوقه.
اللذة ثم تقدم ناسك يزور المدينة مرة في العام وقال، حدثنا عن اللذة، فأجاب، قائلاً: اللذة أنشودة حرية؛ لكنها ليست الحرية. هي براعم اشواقك في تفتحها، لكنها ليست ثمرة الاشواق. هي عمق ينادي علاء، لكنها ليست العلاء ولا هي الأعماق. هي حبيس صفق جناحه في قفص؛ وليست فضاء داخل فضاء بلى، وقول الحق، اللذة أنشودة حرية اتمنى لوغنيتموها بشغافكم؛ وأخاف ان تفقدوا قلوبكم في الغناء. بعض شبابكم ينشد اللذة كأنها كل الأشياء، فيحكم عليهم ويعنفون. وأنا لن أحكم عليهم ولن أعنفهم، سأتركهم في بحثهم ماضين. فلسوف يجدون اللذة، لكن ليس اللذة وحدها يجدون. سبع أخواتها، أقلها أكثر جمالاً من اللذة. أما سمعتم بالرجل الذي لقي كنزاً وهو يحفر بحثاً عن جذور؟ وبعض شيوخكم يستذكر اللذات بتندم كأنها خطايا ارتكبت في سكر. أما التندم فسحابة تغشى العقل، لا عقاب للعقل. فليتذكروا لذاتهم بامتنان، تذكرهم حصاد صيف وان أراحهم ان يتندموا، فهم وما اليه يرتاحون وبينكم من هم ليسوا شبابا للبحث ولا شيوخاً للتذكر؛ في خوفهم من البحث والتذكر يتجنبون اللذات كلها، خشية اهمال أو اساءة للروح. لكنهم حتى في تمنعهم يجدون لذة. وهكذا فهم كذلك يلقون كنزا رغم بحثهم بارتعاش عن الجذور. حلفتكم أخبروني، من يقدر ان يسيء للروح؟ هل يخدش العندليب سكون الليل أو اليراعة النجوم؟ هل يرهق لهيبك أو دخانك الريح؟ أم تظن الروح ماءً راكداً تعكره بعود؟ في انكارك اللذة على نفسك تختزن الرغبة في عمق الكيان. ومن يعلم ان ما يبدو قد أغفل اليوم لا ينتظر أن يعود بعد آن؟ فجسدك يعرف ارثه وحق حاجته، ولن يقبل خداعه. وجسدك قيثارة روحك، وبيدك أن تأخذ عذب الأنغام منه أو ناشز الأصوات. والآن في قلوبكم تسألون، كيف نفرق بين ما هو خير في اللذة وما هو ليس بخير؟" اخرجوا الى حقولكم وحدائقكم، وسترون أن جني العسل من الزهرة لذة النحلة، وأن لذة الزهرة طرح العسل للنحلة فالزهرة للنحلة ينبوع حياة، والنحلة للزهرة رسول حب، وأن عطاء اللذة وأخذها كليهما، النحلة والزهرة، حاجة وسرور. يا أهل اورفليس، كونوا في لذاتكم مثل النحل ومثل الزهور.
الدين وقال كاهن هرم، حدثنا عن الدين، فقال: وهل تحدثت اليوم عن شيء آخر. أليس الدين الأفعال كل الأفعال والاستذكار كل الاستذكار، وما هو ليس بفعل ولا استذكار، بل عجب ودهش ابداً في الروح بفيضان، حتى عندما في الحجر تحفر وبالنول تنسج اليدان؟ من يستطيع فصل ايمانه عن افعاله، او عقيدته عن اشغاله؟ من يستطيع بسط ساعاته أمامه، قائلاً، هذه لله وهذه لنفسي؛ هذه لروحي، وهذه الأخرى لجسدي؟" كل ساعاتكم أجنحة تضرب في الفضاء من نفس لنفس. من يلبس أخلاقه كافضل ثوب لديه أحرى ان يكون بلا رداء. فلا الشمس ستثقب لحمه ولا الهواء. ومن يلبس سلوكه لبوس الفضيلة يحبس طائره المغرد في قفص. نشيد الحرية الأكبر لا يأتي عبر اسلاك وقضبان. ومن كانت العبادة له نافذة تفتح وكما تفتح تغلق، لم يحل بعد بمنزل روحه حيث النوافذ مشرعة من الفجر الى الفجر. حياتك اليومية دينك ومحرابك. كلما دخلت المحراب، خذ كل ما لديك معك. خذ المطرقة والعود والمحراث والكير؛ ما هيأته لحاجة أو صنعته لسرور فلا أنت في أحلام يقظتك فوق مآثرك صاعد ولا دون اخفاقك قادر على الهبوط. وخذ كل الناس. فلا أنت في الهيام فوق آمالهم محلق ولا دون قنوطهم مذل نفسك في قنوط. وان أردت ان تعرف الله فلا تذهب في حل لغز. تلفت بدلاً من ذلك حولك وستراه يلاعب طفلك. وانظر الى الفضاء؛ وستراه في السحاب، ذراعاه ممدودتان في البرق وجلاله في هطول المطر. وستراه باسماً في الزهر، وصاعداً يلوح في الشجر.
الموت ثم تكلمت ألمطرا، قائلة، هلا حدثتنا عن الموت، فقال، تريدون ان تعرفوا سر الموت. وهل تجدونه ان لم تبحثوا عنه في قلب الحياة؟ طائر البوم ترى عينه الليل ولا تبصر النهار غير قادر على فك أحجية الضياء. ان اردتم ابصار روح الموت حقاً، فاشرعوا قلوبكم لجسد الحياة. فالحياة والموت واحد، كما النهر والبحر واحد. في عميق آمالكم وسحيق أشواقكم يكمن علمكم الصامت بالغيب؛ وكالبذور الحالمة تحت غطاء الثلج تحلم قلوبكم بالربيع. صدقوا الأحلام فان فيها الباب المؤدي الى الخلود ماخوفكم من الموت الا ارتعاش راع أمام مليك ستلمسه يده باكرام الا يخفي الراعي تحت ارتعاشه فرحاً لأنه سيحمل علامة الملك؟ أولا يفكر مع ذلك بارتعاشه أكثر مما يفكر بفرحه؟ فما الموت غير وقفة عراء في الريح وذوبان في الشمس؟ وهل توقف الأنفاس الا خلاص من مد وجزر كي تمتد وتنشد الباري بلا عوق؟ لن تعرفوا الغناء حتى تترعوا من نهر السكون. وعندما تبلغون قمة الجبل، سيبدأ تسلقكم للتو. واذ تطالب الأرض بأطرافكم، سترقصون كما يجدر بالرقص أن يكون.
|