نواب يطالبون بدبلوماسية امريكية أكثر حزما |
المقاله تحت باب قضايا نقاش | حيدر نجم : وأعرب النائب الكردي المستقل محمود عثمان، المعروف سابقا ولا يزال بمواقفه المعارضة للتدخلات الأجنبية، وتحديدا الأميركية منها، عن عدم ممانعته ممارسة أمريكا مزيدا من الضغوط "إذا كانت كفيلة بإنهاء أزمة الصراع على السلطة المتسمرة منذ نحو أربعة أشهر ووضع حد لمعاناة الناس". وهو ما شاطره فيه زميله في البرلمان الجديد فتاح الشيخ، الذي كان أحد المقربين من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قبل أن ينضم إلى القائمة العراقية بزعامة أياد علاوي. واكدت القائمة العراقية التي يقودها أياد علاوي، على ضرورة تدخل الإدارة الأمريكية والامم المتحدة في هذه المرحلة، لإنهاء أزمة الصراع على الحكم في البلاد، كونهما راعيتان للعملية السياسية القائمة منذ 2003. وقال النائب فتاح الشيخ "المطلوب من الجانبين إنجاز مشروعهما الديمقراطي في العراق من خلال الضغط على الاطراف الرافضة لآلية التبادل السلمي للسلطة، والمتمسكة بكرسي الحكم"، غامزا من قناة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها نوري المالكي. وكانت الأوساط العراقية قد عولت كثيرا على زيارة نائب الرئيس الاميركي جو بايدن، الممسك بالملف العراقي، التي قام بها مطلع الشهر الجاري، في الخروج بحل يفضي إلى تشكيل حكومة جديدة. لكن المهلة الدستورية المحددة لاختيار رئيسي البرلمان والجمهورية انقضت في 13 يوليو(تموز) الجاري، دون أن يفلح بايدن في الوصول إلى اتفاق تقاسم سلطة بين أياد علاوي (91 مقعدا) ونوري المالكي (89 مقعدا) المطالبين بمنصب رئاسة الوزراء. وأشارت مصادر من قائمة العراقية اطلعت على نتائج الزيارة إلى أن بايدن طرح تولي جلال الطالباني (التحالف الكردستاني) رئاسة الجمهورية ونوري المالكي (ائتلاف دولة القانون) رئاسة الحكومة وأسامة النجيفي (القائمة العراقية) رئاسة البرلمان وأياد علاوي (القائمة العراقية) رئاسة المجلس السياسي للأمن الوطني. وتشدد المصادر على أن طرح بايدن "لم يكن واقعيا بالنسبة لكافة الأطراف" وأضافت أن "مشكلة هذا الطرح كانت في كيفية توسيع صلاحيات مجلس السياسي للأمن الوطني، فهناك مجلس رئاسة له حق الفيتو وبرلمان يمتلك الحق نفسه، وهذا ما يؤدي أصلاً الى تعطيل العمل الحكومي وتأخير صدور القرارات. وإذا ما منح مجلس الأمن الوطني حق فيتو أيضا، فهذا من شأنه تعطيل الحكم في البلاد". فشل زيارة بايدن، رافقها على صعيد مواز "ضعف" في أداء السفير الاميركي كريستوفر هيل طوال الأشهر الأربعة الماضية. حيث لم تنجح رحلات هيل المكوكية بين بغداد وأربيل في إتمام آلية التوافق بين الفرقاء العراقيين. ويشير النائب الكردي محمود عثمان، الى ان"السفير كريستوفر هيل لم يمارس ضغوطا على الاطراف السياسية، مثلما كان يفعل خليل زاد الذي كان يجلس في مقدمة طاولة اجتماعات الكتل السياسية ويتدخل بكل كبيرة وصغيرة من دون ان يطلب منه ذلك". ومع تسارع الخطوات الرامية إلى خفض عديد قوات الاحتلال الأميركية إلى 50 ألفاً قبل نهاية الشهر الجاري، وهو إجراء لا يمكن أن يحصل في ظل غياب سلطة حاكمة في بغداد، قامت واشنطن بإعفاء هيل من منصبه، وهو يستعد حاليا لحزم حقائبه والعودة الى بلاده. ومن المتوقع حسب مراقبين، أن يلعب السفير الأمريكي المرتقب تعيينه جيمس جيفري، دور مماثلا للذي قام به سفير واشنطن الأسبق زلماي خليل زاد الملقب بـ "الثعلب الامريكي" في ممارسة الضغط على الأطراف العراقية ودفعها نحو التوافق. وقال عثمان أن "الولايات المتحدة سوف تمارس ضغوطا أكبر لتشكيل الحكومة المقبلة قبل أن تسحب قواتها"، موضحا أن "الوقت بدأ ينفذ وليس بوسع واشنطن الانتظار أكثر". السفير الأفغاني الأصل زلماي خليل زاد، والذي تربطه علاقات عميقة مع الزعماء العراقيين لا سيما الأكراد، كان قد نجح عقب انتخابات سنة 2005، في دفع الأطراف العراقية إلى تقديم تنازلات جوهرية لإتمام الصيغة النهائية "لحكومة الوحدة الوطنية". فقد نجح خليل زاد، وفقا لمصادر سياسية " في اشراك السنة في العملية السياسية، فضلا عن الحملة التي قادها بالضد من اعادة تسمية رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري لولاية ثانية، من خلال تحشيده القوى الاخرى باتخاذ مواقف معارضة لخيار الائتلاف العراقي الموحد في حينها، وكان يتدخل في عمل بعض الوزارات وله اجتماعات دورية مع الوزراء الامنيين". ويمتلك السفير الجديد جيمس جيفري، حسب المراقبين، خبرة واسعة في الشؤون العراقية تؤهله للعب دور مماثل لدور خليل زاد، بعكس السفير المنصرف، والذي كان قد شغل منصبه منذ منتصف العام الماضي. وسبق لجيفري أن عمل نائبا لرئيس البعثة الأميركية في العراق بين حزيران يونيو 2004، و آذار مارس 2005، ثم عين قائما بالأعمال، كما تم تكليفه قبل ذلك بشؤون مرتبطة بالعراق في وزارة الخارجية فكان المستشار الخاص لوزارة الخارجية لشؤون العراق، وتربطه علاقات واسعة مع السياسيين العراقيين. وكان آخر منصب دبلوماسي له هو سفير اميركا في تركيا. ويتوقع محمود عثمان، أن يقود جيمس جيفري ما اسماها "دبلوماسية العصا الأمريكية" التي استخدمتها إدارة بوش في الضغط على الاطراف العراقية. وتوضيحا لما يقصده بدبلوماسية العصا، قال عثمان أن "أول إشارات هذه الدبلوماسية كانت اقتراحا صدر من قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال راي أوديرنو، يقضي بنشر قوات حفظ سلام تابعة للامم المتحدة في المناطق المتنازع عليها بين الأكراد والعرب عند مغادرة قوات بلاده، وهو ما يعني تمهيدا لجعل اجزاء من البلاد تحت الوصاية الدولية". وأضاف عثمان إن "الوفود الامريكية التي زارت البلاد مؤخرا، كانت تحمل معها رسائل فحواها إن البلاد لا تزال تحت طائلة الفصل السابع، وبالتالي هناك إمكانية لعقد اتفاق مع الامم المتحدة لتشكيل حكومة انتقالية لادارة البلاد، وهو ما يعني خسارة قد تلحق بالجميع"، وهذه احدى اساليب الضغط الامريكي، حسب القيادي الكردي. وعلى الرغم من أن مثل هذا السيناريو "مستبعد"، لكنه "ليس بالمستحيل"، مثلما يرى النائب عن قائمة العراقية فتاح الشيخ، الذي قال إن "استمرار حالة الجمود السياسي قد يدفع الولايات المتحدة الى الضرب بعرض الحائط كل الاتفاقات الأمنية والسياسية الموقعة مع العراق". ومع مرور أكثر من أربعة اشهر ونصف على الانتخابات العامة التي أجريت في السابع من مارس(آذار) الماضي، دون تشكيل حكومة جديدة، يبقى التكهن بالموقف الأمريكي في الايام القليلة المقبلة "أمرا مستحيلا" على حد قول النائب المستقل والخبير القانوني . ويجري الحديث عن سيناريوهات أخرى مرشحة للتداول لحل أزمة تقاسم السلطة بي الفرقاء، منها اعادة إجراء الانتخابات البرلمانية "باعتباره أسلوب معتمد في الأعراف الديمقراطية لمعالجة الازمات" مثلما يرى النائب السابق والخبير القانوني وائل عبد اللطيف. لكن عبد اللطيف قال إن "هذا الطرح يعني العودة إلى نقطة الصفر، وهو يستلزم وقتا طويلا غير متوفر بالنسبة الأمريكيين الذي يودون الخروج سريعا من البلاد"، لذا فإنهم "سيلجأون إلى مختلف الوسائل قبل ان يدفعوا إلى هكذا خيار". |