حكومة الأنبار تشكو نفوذ العشائر

المقاله تحت باب  قضايا
في 
20/07/2010 06:00 AM
GMT



نقاش :
نجح مؤخراً أحد شيوخ العشائر في الأنبار غربي العراق في ثني السلطات المحلية عن هدم أجزاء من بيوت سكنية مبنية بشكل مخالف للقانون، حين كانت البلديات تنفذ أعمال توسعة للطرق، بحسب رواية رسمية.

ويتحدث مسؤولون محليون عن “تدخلات” ووساطات يقوم بها وجهاء وشيوخ عشائر في المنطقة بهدف تحقيق مصالح شخصية وفردية لأقربائهم ورعاياهم، الأمر الذي يعيق تطبيق القانون بعدالة.

هذه التدخلات هي مثال على ظاهرة امتداد نفوذ العديد من العشائر الأنبارية على حساب مبدأ سيادة القانون، على ما يقول نائب محافظ المدينة للشؤون الفنية فؤاد جتاب، الذي رفض الإفصاح عن اسم العشيرة التي قام شيخها بالوساطة لمنع هدم الأجزاء المخالفة من بيوت أقربائه، وذلك لأسباب “عشائرية اجتماعية“.

"هناك تدخلات واضحة من قبل بعض شيوخ ووجهاء العشائر في عملنا ونحن نحاول قدر المستطاع القضاء عليها بتطبيق القانون"، قال جتاب في حديث لـ "نقاش".

وشدد على أن“العادات والتقاليد يجب أن تكون محصورة داخل ديوان العشيرة ولا تتعداها” إلى أروقة الدولة، مضيفاً “نحن نحترم (هذه العادات) في جميع الأحوال".

رئيس لجنة العشائرية في مجلس محافظة الأنبار رافع عبد الكريم تحدث عمن “يدعون المشيخة وهم في واقع الأمر ليسوا شيوخاً”، موضحاً أن هؤلاء يقومون بالضغط على المسؤولين بهدف تحقيق مصالح شخصية أو التوسط من أجل تعيين أقاربهم و أتباعهم في وظائف حكومية.

يقر شيوخ عشائر بحقيقة حصول وساطات من أجل مصالح شخصية أو عشائرية. “بالفعل قد يلجأ شيخ العشيرة الى الوساطة لكي يحل مشكلة معينة تواجه افراد عشيرته”، يقول خالد العيساوي، أحد وجهاء الفلوجة، مضيفاً أن السلطات تستخدم القوة في بعض الأحيان لفرض القانون، “ويتوقف هذا الامر على مدى نفوذ العشيرة وهيمنتها”.

في الأنبار، التي يقدر عدد سكانها بما يربو على ثلاثة ملايين نسمة، زهاء 24 من “كبرى العشائر” ونحو 60 عشيرة صغيرة، وذلك حسب تصنيف مديرية شؤون العشائر في المحافظة.

وتعرف معظم أحياء المحافظة بأسماء العشائر التي تقطنها، مثل منطقة البوذياب، البو فراج، البوعلوان، البو ريشة، البو مرعي، البو جليب وغيرها.

كانت المنطقة بعيد احتلال الولايات المتحدة وحلفائها للعراق ربيع العام 2003 بؤرة نشطة للمقاتلين ضد الجيش الأميركي، في ظل تحالف كان قائماً بين العشائر وخلايا تنظيم القاعدة المتواجدة هناك.

انحل هذا التحالف بعد نحو ثلاث سنوات حين انبثق ما سمي بمجالس الصحوة، وهي قوات عشائرية مسلحة بدعم أمريكي، تحالفت مع الولايات المتحدة من آجل محاربة القاعدة، بعد إن انزعج شيوخ العشائر من نفوذ القاعدة وحكم الشريعة المتشدد التي فرضته على أبناء المحافظة.

ونجحت العشائر بطرد تنظيم القاعدة، وبدفع أبنائها للتطوع في الشرطة ووحدات طوارئ تقاتل الى جانب القوات الأميركية والجيش العراقي.

بيد أن العشائر في الأنبار اليوم لا تقف في ذات الخندق، إذ قسمتها المصالح السياسية إلى كيانات، أحزاب أو تجمعات، كما يقول نائب المحافظ.

ويضرب جتاب مثلاً هو عشيرة أبو ريشة، التي يصطف جزء من أبنائها إلى جانب الشيخ أحمد أبو ريشه رئيس مؤتمر صحوة العراق والمنضوي تحت ائتلاف وحدة العراق، في مقابل أنصار سعد فوزي أبو ريشة المتحالف مع كيان دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.

يقول جتاب إن "كلاً من هذه التكتلات العشائرية تبحث عن نفوذ من أجل الحفاظ على مصالحها ومكتسباتها".

ويسيطر شيوخ عشائر وأفخاذ عشائر معروفة على تركيبة مجلس المحافظة، الذي يتكون من 29 مقعد، إذ شارك حوالي 37 كياناً وتجمعاً عشائرياً في انتخابات مجالس المحافظات، التي جرت مطلع العام الماضي.

أغلب أعضاء مجلس المحافظة التسعة والعشرين بينهم سبعة نساء هم شيوخ لعشائر معروفه ولها وزنها وثقلها الاجتماعي او شيوخ لافخاذ تنتمي لتلك العشائر.

شرطة المحافظة شرعت باتخاذ إجراءات لكبح جماح المد العشائري بين صفوف الأفراد العسكريين. من هذه الخطوات نقل العسكر للخدمة بعيدا عن مناطق وجود عشائرهم، بحسب قائد شرطة الأنبار اللواء الركن بهاء القيسي.

العسكر “يجب أن يدركوا ويعلموا أن انتمائهم للبلد والمحافظة وليس لعشيرة معينة”، قال القيسي في حديث لـ ”نقاش”.

وأشار الضابط إلى أن تلك التنقلات “قوبلت بارتياح من قبل المواطنين عموما من جهة، وبدأ الشرطي يلتزم بواجبه ويعمل بمسؤولية أكثر ويحاسب على أدائه من جهة أخرى”.

لكن شيوخ وقادة عشائريون يحذرون من أية محاولات لمواجهة مد العشائر والتخفيف من نفوذها.

"لا نسمح لاحد بتغييب الدور العشائري في الوقت الحاضر"، يقول الشيخ ناجي المحلاوي احد الوجهاء في مدينة الرمادي، مضيفاً أن العشائر ”كان لها دور كبير خلال الأعوام الماضية في التضحية بأبنائها من اجل التخلص من الإرهاب".

يعتبر المحلاوي أنه لولا العشائر “لما عاد الأمن والاستقرار والعمران والبناء والاستثمار” إلى الأنبار، ويتساءل ”أين كانت الحكومة أو أي مسؤول عندما كانت القاعدة موجودة هنا؟”.

وكان مجلس محافظة الأنبار الشهر الفائت قرر إقالة قائمقام الفلوجة سعد عواد رشيد بعد أن اتهمه المجلس المحلي بـ ”تغييب الدور العشائري والإخفاق في إدارة شؤون المدينة".

الجدل يظل مستمرا بشأن دور العشائر، على وقع وعيد وتهديد بأن يلقى كل مسؤول يحاول “تهميش” دور العشائر في الأنبار مصير رشيد.

ويقول الشيخ العيساوي: “من يحاول تقليص دورنا كعشائر لن نسمح له بالبقاء في منصبه وهذا ما حدث مؤخرا لقائمقام الفلوجة”.