العفو الدولية: المدنيون العراقيون في مرمى النيران

المقاله تحت باب  قضايا
في 
05/05/2010 06:00 AM
GMT



نقاش : 

دعت منظمة العفو الدولية في السابع والعشرين من نيسان ابريل الماضي السلطات العراقية إلى رفع درجة الحماية العاجلة للمدنيين في خضم الموجة الأخيرة من العنف الدموي التي اجتاحت البلاد.

ويوثِّق تقرير جديد أصدرته منظمة العفو الدولية بعنوان "العراق: المدنيون في مرمى النيران" سقوط مئات القتلى والجرحى من المدنيين في كل شهر، استهدفت الجماعات المسلحة العديد منهم بسبب هويتهم الدينية أو العرقية أو الجنسية أو لأنهم يرفعون أصواتهم ضد انتهاكات حقوق الإنسان.

وقد أدى استمرار عدم اليقين بشأن موعد تشكيل الحكومة الجديدة إلى تصاعد الهجمات مؤخراً ضد المدنيين. وشهد الأسبوع الأول من شهر أبريل/نيسان وحده مقتل أكثر من 100 شخص.

وقال مالكوم سمارت، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، "إن العراقيين ما زالوا يعيشون في ظل مناخ من الخوف بعد مرور سبع سنوات على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لبلادهم. وبوسع الحكومة العراقية أن تفعل أكثر بكثير مما تفعله الآن للمحافظة على سلامتهم، ولكنها تعجز مرة تلو أخرى عن مساعدة الفئات الأكثر استضعافاً في المجتمع".

وعرض التقرير عددا من الحالات التي استهدفت بناءا على ميولها المثلية. وفي أبريل/نيسان 2009، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلة مع عدد من العراقيين الذين فروا مؤخراً من البلاد نتيجةً لأعمال العنف التي كانوا يواجهونها بسبب مثليتهم.

وقال حكيم، وهو رجل من النجف عمره 34 عاماً، أن شريكه اختُطف وأُسيئت معاملته على أيدي أفراد من جيش المهدي في أكتوبر/تشرين الأول 2008، بعد أن اكتشفوا علاقتهما السرية. وبعد إطلاق سراحه، تلقى الرجلان تهديدات بالقتل من جيش المهدي، أحدهما على شكل رسالة تحمل ثلاث رصاصات. ويعيش أفراد مجتمع المثليين في العراق حسب تقرير منطمة العفو في ظل شبح التهديد بالعنف "حيث تُحظر العلاقات المثلية، ويحض بعض رجال الدين المسلمين أتباعهم على مهاجمة المثليين المشتبه بهم".

وحثت منظمة العفو الدولية في بيان صحفي تلقى موقع "نقاش" نسخة منه السلطات العراقية "على فعل المزيد لتوفير الحماية للناس المعرضين للخطر وتقديم المسؤولين عن الجرائم العنيفة إلى العدالة من دون اللجوء إلى فرض عقوبة الإعدام".

وحمل البيان الصحفي قوات الأمن العراقية أو القوات الأجنبية أو أفراد العائلات جزءا من مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أنه أشار إلى أن "معظم عمليات قتل المدنيين يُرتكب على أيدي الجماعات المسلحة، ومنها تنظيم "القاعدة" في العراق، الذي لا يزال يتمتع بوجود كبير في البلاد على الرغم من مقتل ثلاثة من كبار قادته مؤخراً".

وذكر التقرير حالات تعرض فيها مدافعون عن حقوق الإنسان وصحفيون ونشطاء سياسيون للقتل او التشويه بسبب عملهم.

فقد نجا ابراهيم الجبوري، مدير العلاقات العامة في تلفزيون "الرشيد"، من هجوم استهدفه في 13 أبريل/نيسان 2010، حيث فقد ساقيه في انفجار قنبلة زُرعت في سيارته أثناء توجهه إلى مكتبه ببغداد.

كما ظلت الأقليات الدينية والعرقية هدفاً للهجمات، وقُتل ما لا يقل عن ثمانية مسيحيين في الموصل في فبراير/شباط 2010 نتيجة لهجمات طائفية.

ففي 17 فبراير/شباط 2010 أوقف رجال مسلحون مجهولو الهوية الطالبيْن المسيحييْن ضياء توما البالغ من العمر 22 عاماً، ورامسين شميل البالغة من العمر 21 عاماً، عند موقف للحافلات في الموصل وطلبوا منهما إبراز بطاقتي هويتهما. وعندما فتح المسلحون النار، قُتل توما وأُصيبت شميل بجراح، ولكنه ظل على قيد الحياة.

ولفتت منظمة العفو الدولية في تقريرها إلى أن "النساء والفتيات بشكل خاص عرضة لأعمال العنف من جانبين: الجماعات المسلحة وأفراد عائلاتهن". وأشارت إلى أن عدد الرجال الذين عُرف بأنهم أُدينوا بجرائم الاغتصاب في العراق قليل جداً. كما يسجل التقرير عددا من الحالات التي وقعت فيها النساء كضحايا لما يسمى بـ "جرائم الشرف" على أيدي أقربائهن إذا اعتبروا سلوكهن منافياً للمعايير الأخلاقية التقليدية، من قبيل رفض الزواج من رجال اختاروهم أزواجاً لهن. كما استُهدف نشطاء بسبب جهرهم بالدفاع عن حقوق المرأة.

وكثيراً ما تعجز السلطات عن إجراء تحقيقات وافية ومحايدة في الهجمات ضد المدنيين، أو القبض على المشتبه بهم، أو تقديم الجناة إلى ساحة العدالة. بل إنها تُتهم بالضلوع في الهجمات العنيفة في بعض الحالات.

ونتيجة لاستمرار حالة انعدام الأمن، أُرغم مئات اللآلاف من العراقيين، ومن بينهم عدد كبير وغير متناسب من أفراد الأقليات، على الفرار من ديارهم. كما أن النازحين واللاجئين يتعرضون أكثر من غيرهم لأعمال العنف، فضلاً عن الصعوبات الاقتصادية.

ودعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية في بيانها الصحفي إلى اتخاذ تدابير فورية لتحسين مستوى سلامة المدنيين. ودعتها إلى "التشاور السلطات مع أفراد الجماعات المعرضة للخطر من أجل التوصل إلى الطرق الفضلى لحمايتهم".

وطالبت المنظمة "بإجراء تحقيق سليم في الهجمات ضد المدنيين وتقديم الجناة المسؤولين عن تلك الجرائم، أياً كانوا، إلى العدالة وفقاً للقانون الدولي .. وبنزع أسلحة جميع المليشيات وإلغاء بيان الانتماء الديني في بطاقات الهوية".

وتناول التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية عمليات الإعادة القسرية للاجئين إلى العراق مطالبا السلطات العراقية بوضع حد لها "طالما ظلت البلاد في حالة عدم استقرار".

ويُذكر أن عدة حكومات أوروبية تقوم بإعادة أشخاص قسراً إلى العراق، بما في ذلك إلى المناطق الأشد خطورة، وهو ما تعتبرته المنطمة "انتهاكاً مباشراً للمبادئ التوجيهية التي وضعتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".

ويرى مالكوم سمارت مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية "أن استمرار حالة انعدام اليقين بشأن موعد تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات التي جرت في الشهر الماضي يمكن أن يسهم كذلك في وقوع مزيد من حوادث العنف، التي يكون المدنيون ضحاياها الرئيسيين". وأضاف مالكولم "ان حالة انعدام اليقين بهذا الشأن تهدد بجعل الأوضاع أكثر تردياً. ويتعين على السلطات العراقية والمجتمع الدولي التحرك الآن لمنع وقوع المزيد من الوفيات بلا ضرورة".