الأكراد أمام خيارات محدودة

المقاله تحت باب  قضايا
في 
22/04/2010 06:00 AM
GMT



نقاش | بشتيوان جمال |

يدرك الأكراد جيدا أن منصب رئاسة الحكومة سيذهب لكتلة علاوي أوالمالكي أوالحكيم، وأنهم خارج السباق التنافسي، لذا فإن تركيز الأحزاب السياسية الكردية فضلا عن المراقبين والشارع الكردي، ينصب حول الحصول على منصب رئاسة الجمهورية أومجلس النواب، ومن بعدها الوزارات السيادية، ثم الخدمية.

ويتفق المراقبون على أن حكومة وبرلمان 2010 مختلفان تمامان عن 2005. فقد خسر الأكراد بعد صدور النتائج النهائية الكثير من ثقلهم السياسي، وهذا ما قد يؤثر سلبا على قدرتهم على المطالبة بالمناصب السيادية.

فقد كانت حصة الأكراد سنة 2005 ما مجموعه 58 مقعدا من أصل 275 هي عدد مقاعد البرلمان السابق، وبهذا كانوا ثاني أكبر كتلة برلمانية. ومن ثم أتت انتخابات 2010 لتضعف من النفوذ الكردي في العاصمة بغداد، فحصلوا على 57 مقعدا فقط من أصل 325 هي عدد مقاعد البرلمان الجديد.

وبالمقارنة مع سنة 2005، شكل الاكراد في ذاك العام قائمتين فقط هما التحالف الكردستاني (53 مقعد) والاتحاد الاسلامي (خمسة مقاعد)، أما اليوم فقد زاد الانقسام الكردي عمقا وشكلت أحزاب الشمال أربعة قوائم مختلفة، واحدة مؤلفة من الحزبين الكرديين الكبيرين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) وثلاثة قوائم كردية معارضة.

ففضلا عن التحالف الكردستاني (43 مقعد) حصلت قائمة التغيير على 8 مقاعد، الاتحاد الإسلامي على أربعة والجماعة الاسلامية على مقعدين. وهو ما قد يضعف موقع الكرد في بغداد بشكل أكبر حسب المراقبين.

وفي السنوات السابقة، حقق الأكراد مكاسب كبيرة في العاصمة، فقد كان منصب رئاسة الجمهورية ونائب رئيس الوزراء ونائب رئيس البرلمان، ووزارة الخارجية من حصة الحزبين الكرديين الكبيرين، فضلا عن عدد من الوزارات الخدمية وهي وزارة البيئة، المصادر المائية، الصناعة، البلديات، العدل وإحدى وزارات الدولة، هذا عدا عن العشرات من المناصب الأخرى كوكلاء الوزارات ورئاسة أركان الجيش والمخابرات العامة.

لكن الأكراد لا يتوقعون الكثير مع النتائج الجديدة التي أشارت إلى تراجع قوتهم. ومن شبه المحسوم بالنسبة للقوى الكردية، حصولهم على منصب رئاسة الجمهورية للمرة الثانية على التوالي، حيث أن جلال الطالباني رئيس الجمهورية الحالي والسكرتير العام للاتحاد الوطني الكردستاني هو المرشح الوحيد لهذا المنصب حتى الآن.

وبالرغم من أن البعض يصف هذا المنصب بالرمزي أوالتشريفي ولا يرون فيه أهمية تذكر، إلا أن مقربين من الحزبين الرئيسيين الكرديين، يصرون على إبقائه بيد الأكراد.

وقال الناطق الرسمي باسم حركة التغيير الكردية المعارضة، محمد توفيق رحيم، إن "المنصب المهم الوحيد في العراق هو رئاسة الوزراء ومن المستحيل أن يكون من حصة الكرد"، أما بالنسبة لرئاسة الجمهورية فهي "رمزية وتشريفية"، ورئيس مجلس النواب "ليس له سلطة تذكر".

وكان لمجلس الرئاسة الذي يضم رئيس الجمهورية ونائبيه صلاحيات كبيرة من بينها استخدام حق الفيتو على القوانين الصادرة من البرلمان، وقد استعمله جلال الطالباني رئيس الجمهورية مرة واحدة لصالح الأكراد، عندما رفض تمرير قانون انتخابات مجالس المحافظات أواخر عام 2008 ورده إلى البرلمان. أما في المرحلة المقبلة، فسيتم إلغاء مجلس الرئاسة، ولن يكون لرئيس الجمهورية استخدام حق الفيتو. وبهذا يتحول الى منصب رمزي دون اي صلاحيات تذكر.

وترى القوى الكردية المعارضة، وخصوصا حركة التغيير التي حصلت على 8 مقاعد في الانتخابات الأخيرة، أن مناقشة برنامج الحكومة المقبلة بخصوص حقوق الشعب الكردي وحصول الأكراد على ضمانات لحل المشاكل العالقة بينهم وبين بغداد أهم بكثير التفاوض على المناصب السيادية.

لكن القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ورئيس مركز الابحاث الستراتيجية الكردستاني، فريد اسة سرد، علق على هذه تصريحات كتلة التغيير قائلا إن "الخيارات بالنسبة للكرد ليست مثيرة، وتنحصر في رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب فقط".

ويشير أسة سرد لموقع "نقاش" انه "بالرغم الصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية وسحب حق الفيتو منه في المرحلة القادمة، الا ان المجلس السياسي للدولة يعطي رئيس الجمهورية صلاحيات كبيرة"، هذا اضافة الى "انه يعطي هيبة كبيرة لرئيس الجمهورية ومن ثم لحزبه وأخيرا للقومية المنتمي إليها الرئيس".

و يتألف المجلس السياسي من الرئاسات الأربع (الجمهورية الحكومة، البرلمان والمحكمة الاتحادية العليا) فضلا عن رؤساء الكتل الكبيرة في مجلس النواب. ويجتمعون برئاسة رئيس الجمهورية حول القضايا المصيرية، أو لحل المشاكل التي يعجز عن حلها البرلمان.

من جهة اخرى، ترفض القوائم الكردية المعارضة أن يتقاسم الحزبين الكرديين الكبيرين المناصب السيادية بمفردهما.

فالمناصب السيادية وغير السيادية التي حصل عليها الأكراد في بغداد كانت نتيجة اتفاقية استراتيجية عقدت بين الحزبين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني، حيث اصبح الأول رئيسا لاقليم كردستان والثاني رئيسا للجمهورية العراقية. وهكذا تم توزيع المناصب الاخرى في بغداد وداخل اقليم كردستان دون الرجوع للقوى السياسية الكردية الأخرى.

ويشير عبدالستار مجيد الناطق باسم الجماعة الاسلامية الكردستانية وهي احدى القوى المعارضة الكردية وحصلت عل مقعدين في مجلس النواب العراقي، إلى أنه "على الأحزاب السياسية الكردية جميعا مناقشة ودراسة المناصب السيادية التي تحقق مكاسبا للشعب الكردي، وأن لا يكون هذا النقاش محصورا بالحزبين الرئيسيين".

أما بخصوص الوزارات، سيادية كانت أم خدمية، فتنتقد المعارضة الكردية، تولي الأكراد منصب وزارة الخارجية كوزارة سيادية والتي كان هوشيار زيبار من الحزب الديمقراطي الكردستاني يديرها.

ويرون أن على الأكراد المطالبة بإحدى وزارات النفط، المالية أو الداخلية، لأن وزارة الخارجية لم تحقق أي مكسب للإقليم، ولم يكن لها اي دور في معالجة المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد.

وبهذا الصدد قال عضو البرلمان والسياسي الكردي المستقل، الدكتور محمود عثمان، لموقع "نقاش" أن "وزارة الخارجية، طيلة السنوات الماضية، كانت وزارة معنوية بالنسبة للكرد إذا أن لها صلة بخارج العراق، في حين أن المشاكل العالقة هي في الداخل". وأضاف عثمان "علينا محاولة الحصول على وزارة المالية لأن لدينا مشاكل كثيرة بخصوص تقاسم الميزانية مع بغداد".

ويشير عثمان هنا، إلى ميزانية الاقليم والبالغة 17% من مجموع الميزانية العامة والتي يتم مناقشتها كل عام، حيث تسعى الحكومة المركزية لتقليصها بينما يطالب الأكراد بزيادتها.

كما أن هناك مشكلات أخرى عالقة بين الطرفين، منها ميزانية البيشمركة (حرس حدود الاقليم) التي يطالب الأكراد بتمويلها من حكومة بغداد وليس حكومة الإقليم، والعقود النفطية التي وقعها إقليم كردستان منفردا مع شركات أجنبية ولم تعترف بها حكومة بغداد، وأخيرا مسألة تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي والمناطق المتنازع عليها، وخصوصا مدينة كركوك، والتي يطالب الأكراد بضمها إلى الإقليم.

وبهدف معالجة هذه المشكلات الرئيسية والعشرات من النقاط الأخرى والمتعلقة بالدستور والتشريع، يرى الكاتب والمحلل السياسي الكردي، أسوس هردي، أنه "سيكون لمنصب رئاسة مجلس النواب العراقي أهمية خاصة في المرحلة القادمة من العلاقات بين إقليم كردستان والحكومة المركزية".

ويضيف هردي "سيكون هناك العديد من الملفات المهمة المتعلقة بالدستور والتي ستعالج من قبل البرلمان وسيكون لرئيس المجلس دور فعال فيها.