تكاليف الحملات الانتخابية تنعش الإعلام العراقي

المقاله تحت باب  قضايا
في 
29/03/2010 06:00 AM
GMT



نقاش| ميادة داوود  
بعد أن انتهت فورة الدعاية الانتخابية ورفع المرشحون ملصقاتهم من كل المحافظات العراقية، انتشرت الكثير من الحكايات في الشارع العراقي عن مشكلات واجهت مرشحين فشلوا في جمع أصوات تكفيهم لدخول البرلمان، وباتوا يبحثون عن وسائل لسداد الديون وإعادة المبالغ التي اقترضوها من أجل حملتهم الانتخابية إلى الأقارب والأصدقاء.

بعضهم رهن بيته وآخرون باعوا كل ما يملكونه للخلاص من دائنيهم، لكن يبدو أن الكتل الكبيرة التي قيل أنها صرفت ملايين الدولارات في الحملات الانتخابية، تنتظر الآن نتائج الانتخابات لتجد لها مكانا في الحكومة القادمة أكثر من التفكير بالدائنين.

وقد يبدو الحديث مع أي من المرشحين حول حجم المبالغ التي أنفقها هو أو كتلته على الدعاية الانتخابية، محفوفا بالكثير من علامات الاستفهام التي ليس لها أجوبة، لكن بالنظر إلى حجم الدعايات في الصحف أو الفضائيات وطباعة الفلكسات الضخمة، يمكن القول إن ما أنفق على هذه الحملات كان ضخما.

القيادي في الكتلة العراقية جمال البطيخ يقول لموقع "نقاش" إن قائمته كانت "الأكثر فقرا بين جميع الكتل السياسية، وخصوصا أحزاب السلطة التي ملأت الشارع بالملصقات واستولت على الفضائيات الرسمية التي سخرتها لصالحها".

وأشار البطيخ الى أن جميع مرشحي قائمته "أنفقوا على دعايتهم الانتخابية من أموالهم الخاصة ولم يستلم أي منهم دعما من القائمة".

أما دعايات الكتلة العراقية الانتخابية التي ظهرت بشكل مكثف في مختلف القنوات العراقية والعربية، فأوضح البطيخ أنها "تخص رئيس القائمة فقط، أما أغلبية المرشحين فهم من صغار الموظفين الذين اكتفوا بدعايات بسيطة لم تكلف مبالغ كبيرة"، وهي لم تحصل على دعايات انتخابية لأعضائها، كما يقول البطيخ، توازي ما قاله أحد المرشحين من أنه "بث دعاياته على إحدى القنوات العربية بمبلغ مليوني دولار".

عضو اللجنة التنفيذية الإعلامية لائتلاف دولة القانون قاسم جبار، قال بدوره إن "من المعروف أن كلف الحملات الدعائية تكون موزعة بنسبة 80% على الاعلانات التلفزيونية والباقي على الصحف والملصقات، حيث أن الكلف تكون في القنوات المحلية قبل فترة طويلة من الانتخابات بسعر يتراوح ما بين 40 الى180 دولارا للثانية الواحدة، ولذلك فإن دولة القانون لم تستعن بالاعلان بالفضائيات، واقتصر نشاطها الاعلامي على القناة الخاصة بحزب الدعوة وهي قناة آفاق، بينما اشترت كتل متنافسة مئات الساعات الاعلانية بملايين الدولارات، ويمكن ان تسألوا تلك الكتل التي اشترت أغلب وقت القنوات المحلية المعروفة، كيف تمكنت من تأمين المبالغ الكافية لذلك".

ويضف جبار أن "ائتلاف دولة القانون يضم أحزابا وشخصيات من شتى المكونات والطبقات الاجتماعية، وكل منهم تولى مهمة تغطية حملته الخاصة، أما الحملة المشتركة للقائمة فقد فلم تكلف مبلغا كبيرا لأن أغلبها كان عبر وسائط الدعاية العادية مثل الفلكسات والملصقات، وهي ذات أسعار منخفضة بشكل كبير قياسا الى الإعلانات عبر شاشات التلفزيون العراقية والعربية".

وحول المبالغ التي جمعها ائتلاف دولة القانون من تبرعات مناصريه، قال جبار إنها كانت بمثابة "دعم معنوي أكثر من أي شيء آخر، وعملية جمع التبرعات بواسطة حساب مصرفي للقائمة التي تدخل الانتخابات، هو أسلوب تتبعه أغلب الاحزاب في البلدان ذات الديمقراطيات الراسخة"، مضيفا أن "المبلغ الذي وفرته حملة التبرعات كان أقل من 3 مليون دولار، وهو ما أعلنه رئيس ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء نوري المالكي بنفسه على شاشات الفضائيات".

ونفى قاسم جبار أن يكون ائتلاف دولة القانون قد سخر موارد الدولة ومؤسساتها الاعلامية في الترويج للقائمة، معتبرا أن "القناة الرسمية كانت متوزانة في عرض برامج المرشحين باعتراف جميع المراقبين، إن لم نقل انها حاولت أساسا التقليل من حضور مرشحي دولة القانون لتجنب الانتقادات التي قد توجه لها بهذا المجال".

أما بالنسبة للشخصيات الرسمية التي دخلت في القائمة مثل الوزراء وسائر المسؤولين الحكوميين، فلم تكن لديهم "أي اعلانات بارزة في الشوارع، ولا حتى اعلانات دعائية في شاشات الفضائيات مثل رئيس الكتلة العراقية أياد علاوي أو رئيس قائمة احرار اياد جمال الدين اللذين قاما بغزو الفضائيات العراقية والعربية، وامتد الامر ليشمل برامج سياسية كانت تعرض على هذه القنوات للترويج لهما حصرا"، يقول جبار.

التصريحات التي اطلقها سياسيون ومراقبون حول كيفية تغطيتهم لحملاتهم الانتخابية، أثارت الكثير من التساؤلات حول جديتها، فبعضهم أعلن أنه اقترض من مصرف حكومي، وآخرون قالوا إنهم حصلوا على هبات وتبرعات من جهات لم يسموها. البعض من المرشحين قالوا انهم باعوا دورهم السكنية، لكن من الصعب الان تحديد مصادر تلك الاموال، فضلا عن صعوبة تحديد حجمها الحقيقي.

ويعتبر الكاتب والإعلامي هادي جلو مرعي، أن معظم المرشحين "لا يعرفون ربما حجم الاموال التي أنفقوها على الدعايات الإنتخابية، كما أن بعضهم حصل على هذه الأموال من دول اقليمية تبحث عمن يمثل مصالحها في العراق".

ومع الأخذ بالاعتبار، كما يقول مرعي "أن بعض الفضائيات تأخذ مبالغ خرافية عن الدقيقة الواحدة، فضلا عن المبالغ التي صرفت على عدد من الإعلاميين الداعمين لبعض المرشحين، فقد تكون كلف الحملات الانتخابية تجاوزت مئات الملايين من الدولارات".

وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى الفضائيات ووسائل الإعلام كونها لم تقف على الحياد مع المرشحين، لكن الأمر يتعلق باستمرارية وسائل الاعلام تلك اذا ما علمنا أن اغلبها تحمل ايديولوجيا المرشح أو الحزب الذي يقوم بتمويلها.

ويقول مدير مرصد الحريات الصحفية زياد العجيلي ان الإعلام العراقي "كان المستفيد الاكبر ماديا من تغطية الانتخابات العراقية، يليه الإعلام العربي الذي استفاد من المواد الدعائية التي حققت له ايرادات كبيرة" أما وسائل الاعلام المستقلة "فلم تستفد من الناحية المادية".

أما تخمين المبالغ التي صرفت على الدعايات الانتخابية فيعتبرها العجيلي "مهمة صعبة إذا لم تكن مستحيلة" مبررا ذلك بـ"عدم وجود شركات دعائية محددة أو طريقة ثابتة لصرف المرشحين لأموالهم التي خصصوها لجذب الناخب للتصويت، بل إن يعض صغار المرشحين باعوا بيوتهم لتوفير المال اللازم".

وحول رؤيته للمادة الاعلانية الانتخابية المقدمة في العراق واختلافاتها عن باقي دول العالم أشار العجيلي الى أن الحملات "تختلف من دولة الى أخرى وبحسب طبيعة الشعوب فلا يمكن ان تكون الدعايات في أوروبا شبيهة بالدعايات في العراق"، خصوصا وان الناخب العراقي "لم يركز على البرنامج الانتخابي بل على الشخصيات السياسية بحد ذاتها"، وبالتالي فإن "الشخصيات التي استعانت بخبراء أجانب لم توفق لإيصال برنامجها إلى الناخب العراقي، لانه بعيد عن فكره.