علي السوداني بقلم عبد الستار ناصر

المقاله تحت باب  مقالات و حوارات
في 
28/09/2009 06:00 AM
GMT



التقى صديقان ، قال احدهما للثاني :
- من حسن حظك انك اصلع .
فاستغرب الثاني وهو يسال عن السبب ، فقال الاول : لو كنت اصلع مثلك لما سرقت سيارتي مرتين وانا عند الحلاق .
علي السوداني لا يذهب الى صالون الحلاقة فهو كما ترون كث اللحية وكث الشعر ، ولهذا فلا احد يمكنه ان يسرق سيارته ، مع انه وكما تعلمون لا يملك سيارة ولا حمارا . الافلاس على ما يبدو هو الذي دفع علي السوداني الى الكتابة ، ولهذا جاءت كتاباته غنية جدا بسخريتها اللاذعة انتقاما من الافلاس .
الكتابة الساخرة عسيرة المنال ، وهي تشبه صناعة النكتة ، النكتة نسمعها ونضحك ، لكننا لا نعرف الجندي المجهول الذي فكر فيها .
وبهذه المناسبة اتذكر واحدة من الطرائف ، التي تذكرني بروح السخرية التي يتمتع بها صديقنا غلي السوداني . رجل وسيم يمشي وراء فتاة يافعة ، استدارت الفتاة بشيء من الغضب وقالت للرجل الوسيم : هل ستبقى ماشيا ورائي حتى اصل منزلي المرقم 10 في عمارة حيفا في الطابق الرابع الشقة رقم 7 على جهة اليمين ؟
 خذ بالك وانتبه ، هناك واحدة من الدرجات مكسورة .
علي السوداني كما قلت عنه في مرة سابقة هو الكاتب الساخر الاول في العراق ، يشبه الى حد ما قارع الطبلة الذي سألوه لماذا لا تحمل ساعة حتى تعرف الوقت ؟ فقال: انا اعرف الوقت من الشمس ، فقالوا له : وكيف تعرف الوقت في الليل ، قال : سوف اقرع على الطبلة بقوة فيستيقظ واحد من الجيران ويصرخ : من هو قليل الادب الذي يقرع الطبلة في الثالثة ليلا ؟ فاعرف عندها ان الوقت هو الثالثة ليلا .
نعم ، علي السوداني هو قارع الطبلة الماكر الذي يوقظنا في اخر الليل حتى يكتب مكاتيبه . هكذا ارى علي السوداني ، هكذا عرفته منذ عشرين سنة ، انسانا طيب القلب ، مشاكساَ من طراز خمس نجوم ، صديقا وفيا وقارع طبول لا يغضب منه الجيران حتى لو كانت الساعة بعد الثالثة فجرا .
ايها الاصدقاء :
 علي السوداني يتمتع بلغة رشيقة في القصة القصيرة كما هو في مقالاته الساخرة . هناك موروث شعبي معتق من المفردات الغرائبية التي اكتشفها بنفسه طوال تجربته مع الكتابة ، مفردات لاذعة ، ساخطة ، موجعة حينا وطريفة حينا اخر ، وبرغم ان العراق زاخر بالكتاب الساخرين الهجائين امثال حسن العاني ووجيه عباس وداود الفرحان الا ان مهنة السخرية لدى السوداني مختلفة في المضمون وجارحة في الهجوم ،والويل الويل لمن يغضب عليه السوداني ، سوف يختفي عن الانظار فورا بعد اول مقالة يكتبها عن ذلك المغضوب عليه ، وخير دليل على ذلك عندما بدأ الكتابة عن الادباء والفنانين والشعراء البخلاء ، لقد جاؤوا بانفسهم اليه وقدموا فروض الطاعة " رسميا " لئلا يكتب عنهم وانا نفسي شاهد على ذلك ، حتى ان احد الشعراء البخلاء " جدا"  اعطاه حفنة من الدنانير حتى يرفع عن نفسه صفة البخيل وهو يسأله متى سيصدر كتابه القادم " بخلاء السوداني "  والذي يكتبه منذ شهور ، بل وصلته رسائل sms من كل حدب وصوب من كبار الأدباء البخلاء وهي تساله عما اذا كان بحاجة الى مال ، وايضا انا شاهد على ذلك .
 الآن انا على يقين ان كتاب (بخلاء السوداني) اذا ما صدر قريبا ، سوف يشعل النار في بيوت اولئك البخلاء والذين ما زالوا يكتبون الرسائل ، لهذا انصحكم - ايها الاصدقاء - ان تكونوا كرماء هذه الليلة مع علي السوداني لئلا تدخلوا - معذرة - الى موسوعة السوداني علماَ ، انني اقسم بالله العظيم أن ليس لي اية حصة ولا أية نسبة مئوية فيما سيباع الآن من الكتاب !

* شهادة دوّنها وقرأها القاص والروائي عبد الستار ناصر في امسية توقيع المجلد الثاني من كتاب " مكاتيب عراقية ... من سفر الضحك والوجع " للقاص علي السوداني والتي اقامتها دار الأندى للفنون بعمّان .