شاعر عراقي آخر يتأهل لـ 'أمير الشعراء'

المقاله تحت باب  أخبار و متابعات
في 
28/07/2007 06:00 AM
GMT



بحصوله على نسبة 46% من النسبة المقررة للجنة التحكيم، ومقدارها 50%، يتأهل الشاعر العراقي حازم رشك التميمي للمرحلة التالية من مسابقة "أمير الشعراء" ليكون بجانب زميله الشاعر العراقي خالد السعدي، بينما اختار جمهور مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي في الحلقة الرابعة من المسابقة الشاعر الموريتاني الشيخ أبو شجة.

ومن الحلقة الثالثة يختار الجمهور عن طريق التصويت برسائل المحمول أو النقال القصيرة المرسلة طول الأسبوع الماضي، الشاعر السوري محمد علاء عبدالمولي، والشاعرة العمانية هاجر البريكي.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها ينسحب من المسابقة الشاعر عبدالله الصمتي (من مصر) قبل أن تعلن نتائج تصويت الجمهور.

وقد شارك في الحلقة الرابعة المذاعة تلفزيونيا على الهواء الجمعة على قناة أبوظبي وقناة أمير الشعراء، سبعة شعراء هم: الشيخ أبو شجة (موريتانيا) والهادي القمري (تونس) وأحمد صلاح كامل بصلة (مصر) وحازم رشك التميمي (العراق) وخالد أبو حمدية (الأردن) ومريع على السوادي (السعودية) وهدى السعدي (الإمارات).

دم الياقوت

في البداية قرأ الشاعر الشيخ أبو شجة (موريتانيا) قصيدة عمودية بعنوان "دم الياقوت" علق عليها من لجنة التحكيم د. علي بن تميم مشيرا إلى تعقد اللغة وتعقد الصورة، واستدعاء ابن الفارض، واستخدام الرمز الصوفي "سليمى"، مع محاولة تقديم صورة رومانسية جديدة.

أما د. عبدالملك مرتاض فقد تحدث شعرا في بداية تعليقه على القصيدة، موظفا اسم الشاعر، فقال: إنك تشج الشعر شجا / وإنك لترج رجا / فينقاد لك مختالا غنجا.

ثم أشار إلى أن القصيدة تشتمل على مجموعة من السمات والمنظومات، منها السمات الضوئية اللامعة، والسمات الصوتية، والسمات السائلة، وهي كلها سمات تشكل لحمة النص.

كما أشار مرتاض إلى استحضار التراث (امرؤ القيس، وعنترة، وطرفة بن العبد) وإلى إتقان الشاعر اللعب باللغة الشعرية إتقانا كاملا، ولكن يؤخذ عليه غياب القضية (أو الموضوع)، وغياب الثقافة العصرية. مختتما حديثه بسؤال الشاعر "فهل أنت إلا مجنون ليلى؟"

وسأل الفنان غسان مسعود الشاعر: هل عرفت كم مرة صفق لك الجمهور؟ وأشار إلى أن الشاعر اختار بحرا مرحا هو بحر الوافر الذي فيه وفرة من المرح والفرح، ولكن جاء هذا البحر في القصيدة حزينا.

الشاعر نايف رشدان عضو هيئة التحكيم قال: ليس غريبا أن يأتي في هذا المجال شاعر من بلد المليون شاعر. ثم أشار إلى أن النص خرج من ديوان شعري قديم، ليحط على مسرح شاطئ الراحة. وعلى الرغم من تأثر الشاعر بالعمود إلا أنه استحضر رمز "سليمى" القديم، ووظفه ليس كما يوظفه الشاعر القديم.

ثم قال للشاعر: أنت شاعر مميز لديك القدرة على التصوير، وقصيدتك زئبقية، إنها جمعت بين الرفاهة والعادية.

د. صلاح فضل داعب الشاعر بقوله "إنك ولدت شيخا". وأضاف إنك شاغر مغرق في عشق التراث، ولغتك مثل الماس الذي يشع صفاء. لكن المشكلة أنك لم تتأثر كثيرا بموجات التجديد في الشعر المعاصر، واستغرقتك كثيرا القراءة في الزمن القديم، ولكي تكتسب عراقة وقوة لابد من تطعيم القصيدة بدم العصر الذي نعيش فيه، وأتمنى أن يستوي القديم والجديد في شعرك.

رغوة الذهول

الشاعر الهادي القمري من تونس قرأ قصيدة بعنوان "أطيل الوقوف على رغوة الذهول" أهداها إلى شقيقته الراحلة.

في البداية أشار د. عبدالملك مرتاض بأنها بكائية محزنة تتكون من خمس مقطعات وثلاث منظومات لغوية، فهي بكائية ضجيجية، وأنها تتمتع بسمات لونية، لكنها تحتاج إلى التكثيف الشعري لوجود بعض المناطق النثرية. ثم قال إنه نص حديث جدا يمتاز بالصور الجميلة والحديثة.

الفنان غسان مسعود لاحظ أن الشاعر يبدأ بالفعل، وهي ميزة تدل على الاشتغال بالدراما والتجربة الحقيقية.

نايف رشدان أشار إلى كتل إيقاعية وعبارات جميلة أضافت إلى فن الرثاء فنا جديدا، فالحزن لا يفعل شيئا إلا إذا ارتقى وطل من عل. وقال للشاعر: أشاطرك الحزن وأشاطرك العذوبة.

د. صلاح فضل قال للشاعر: استطعت أن تشكل صورا بديعة للوقوف على رغوة للذهول، فكيف يمكن للإنسان الوقوف على رغوة إلا إذا كان ذاهلا، ثم أشار إلى تحول الشجن إلى فكر فلسفي، وهذا ما يشهد للشاعر بالشعرية، ومع أن القصيدة تقطر بالألم، إلا أنها تقطر شعرا رائعا.

د. علي بن تميم أشار إلى أن النص يستحضر نازك الملائكة (أنا من أكون)، كما أشار إلى أن الشعراء العرب يتحرجون من البكاء على المرأة، إلا أن الشاعر في قصيدته هذه لم يتحرج من البكاء على المرأة.

وعن اللغة أشار تميم إلى أن اللغة محددة جدا، وأن الشاعر يستخدم الفعل ثم المفعول به، في حين أن اللغة الشعرية تبرز في استخدام المضاف والمضاف إليه.

لمن الصبر اليوم؟

الشاعر أحمد صلاح كامل بصلة من مصر، قرأ قصيدة بعنوان "لمن الحزن اليوم؟" وأهداها إلى كل المنكسرين بانكساراتنا العربية المروعة.

وأشار الفنان غسان مسعود إلى أن الشاعر غاضب جدا، وجمع بين التلميح والتصريح، ولكنه أحيانا كان يبدأ بالتلميح ثم يعدل عنه.

الشاعر نايف رشدان توقف عند استلهام القديم وتوظيف العبارة القرآنية "لمن الملك اليوم"، وأشار إلى أن العبارة الحقيقية التي توحي بها القصيدة هي "لمن الصبر اليوم؟"، ثم قال للشاعر: لديك قدرة شعرية فذة كدت تهدرها في بعض المقاطع التي لم تعجبني، ولكن هناك جمل شعرية أنصفتك.

د. صلاح فضل أشار إلى الشاعر صلاح عبدالصبور ووصفه بشاعر الحزن، ثم عقب على الشاعر بأنه ينتزع بهذه القصيدة لقب شاعر الحزن، ثم تحدث عن الشعرية المكثفة لدى الشاعر التي وظفها للحديث عن أوضاع العالم العربي اليوم موجزا مأساة الإنسان عن طريق اللجوء إلى الإشارات الدينية والهم القومي.

د. علي بن تميم أشار إلى أن النص ينتمي إلى ما قبل هزيمة يونيو/حزيران، وأنه يستدعي مجموعة من العبارات التراثية والدينية استخدمت في سياق لا يوجد له ما يبرره، فضلا عن وجود كسور في وزن تفعيلة المتدارك التي استخدمها الشاعر.

ثم تحدث عن تحول الإبداع بعد هزيمة يونيو/حزيران إلى منظور متعدد لم يلجأ إليه الشاعر.

د. عبدالملك مرتاض تساءل هل سيبقى الحزن عند العرب؟ ثم أشار إلى السمات السائلة في القصيدة.

أنا عرق العراق

ثم ألقى الشاعر حازم رشك التميمي (من العراق) قصيدته التي صفق لها الجمهور طويلا، خاصة عندما قال "أنا عرق العراق ينط من أحشائي."

ووصف الشاعر نايف رشدان أن القصيدة بمثابة لحن الفرات، وأن الشاعر هو الطائر الوحيد الذي في تحليقه لا يحتاج إلى هبوط. ثم أشار إلى شلال الموسيقى بالقصيدة والحضور المتميز للشاعر.

د. صلاح فضل أشار إلى أن الشاعر يعيد للشعر عراقته وقوته بشعرية عظيمة. وأن بالقصيدة مقاطع بالغة القوة في الشعرية العربية، وأن هناك تمثلا لبيت من أبيات شوقي، وأن العراق ياقوتة تخوض جوهر النار لكنها تحمل مستقبل الأمة العربية الواعد.

وقال فضل إن القصيدة محتشدة بالرموز، فضلا عن عراقة اللغة وكثافة الصور.

د. علي بن تميم أشار إلى أن هذه القصيدة تذكره بقصيدة للجواهري، ولكنها تحاول أن تغادر منظور الجواهري الذي يعتمد على قوة الذات. ثم قال إن الشاعر يريد أن ينقذ العراق من الطائفية، ويعطي الدلالات بعدا وطنيا، وأنه قام باستدعاء المتنبي، لكن المتنبي كان مشغولا بالذاتي أما الشاعر حازم التميمي فمشغول بالآخر.

د. عبدالملك مرتاض أشار إلى سقطة لسان وردت على لسان الشاعر، وأن القصيدة تحكي مأساة العراق ككل، وأن هناك تشكيلا شعريا يسجل بلغة شعرية جميلة، وأن هناك تناصا مع أكبر شعراء العرب مثل المتنبي والحطيئة. وأن الشاعر نسج نسجا شعريا بديعا من خلال تحكمه في اللغة الشعرية والتناص مع القرآن الكريم.

كما أشار مرتاض إلى أن الشاعر وظف سمات الألوان توظيفا رائعا، ووظف اللغة بشكل جيد، وأن القصيدة ممتعة وبديعة وبها تشكيل لغوي جميل.

الفنان غسان مسعود أشار إلى توهج الشاعر وخصوصيته الثقافية، ووعيه الشعري المتقدم جدا، وأنه شاعر ضد الانتماء الطائفي الضيق.

جمر الأربعين

الشاعر خالد أبو حمدية (من الأردن) قرأ قصيدة عمودية بعنوان "جمر الأربعين"، وأشار د. صلاح فضل قائلا: شعرك متين وجميل وأنت شاعر رصين، وأضاف أنت في مسابقة شعرية للشباب، ولكن لك عقل شيخ وقلب طفل يحفظ لك نبضك الخلاق الجميل. وقال: إن شعرك يعتريه نبرة من الأسى.

د. علي بن تميم قال إن سن الأربعين لها إشكالية مع الأدباء، وأضاف أن النص ظل محافظا على القيم القديمة.

د. عبدالملك مرتاض قال: كأنك المنفلوطي عندما بكى نفسه وأبكانا عندما كنا نقرأ كتبه الجميلة. ثم أشار إلى بعض الألفاظ التي وردت بالقصيدة محملة بالضرورات الشعرية، لكنه من ناحية أخرى أشار إلى الألفاظ المعجمية النقية. وقال: لغتك بها سمات وجدانية وصور جميلة، وبعض الحكم الرائعة.

الفنان غسان مسعود سأل الشاعر: لماذا أنت حزين وأنت مازلت في الأربعين؟ وكيف جمعت بين خفة بحر الخفيف وهذا الحزن؟

نايف رشدان أشار إلى أن بعض الشعراء يتحدثون عن الأربعين كما لو كان سقف الأعمار. ثم قال إن كل جملة تصب في قوالب الإبداع، وأن القصيدة تبرهن على حيوية الشعر الخليلي، وأن الجمر هو الندم، غير أن ليس كل ساعات الندم مؤلمة، فهناك ساعات ندم لابد أن نحترمها، وأننا في بعض الأوقات نحتاج إلى بعض هذا الندم.

وطن يحتاج إلى الشجاعة

الشاعر السادس في هذه الحلقة كان مريع علي السوادي (من السعودية) وقرأ قصيدة بعنوان "وطن" قال عنها د. علي بن تميم إن الوطن ظل مجردا في هذه القصيدة، وأنه لم يستطع التقاط البنية الحاكمة للبناء الشعري، وأن كلمة "وطن" تجئ ثم يعقبها حالة سردية، وهكذا. وأضاف: أعتقد أنك غيبت الصورة، ويحمد لك أن تجرِّب.

د. عبدالملك مرتاض أشار أن القصيدة في بنيتها تتكون من أربع مجموعات، وأن السمات السائلة وسمات التزين هي الغالبة على سمات القصيدة، فهناك الأضواء التي تتلألأ والحلي التي توسوس، فضلا عن نقاوة اللغة وجمال التصوير.

الفنان غسان مسعود أشار إلى النبرات الصوتية، وتحدث عن تجريب الشكل الذي لابد أن يصاحبه تجريب الموضوع.

نايف رشدان تحدث عن القصيدة باعتبارها تجربة شعرية عميقة رغم تباعد الرؤى في بعض المقاطع.

د. صلاح فضل تحدث عن نظرة الشاعر للوطن من منظور عاشق وبعين الرضا، وكلها أمور تنطبق على كل الأوطان، وأن هناك حلما في المطلق، وأن الشاعر يعشق وطنا مثاليا نموذجيا لا وجود له على هذه الأرض.

وأشار إلى أن لغة الشاعر المكثفة لابد لها من الشجاعة، ليكون الشعر أعمق بكثير، وقال للشاعر: أتمنى لك مستقبلا أكثر شجاعة.

جدلية القلب والعقل

ثم جاء الدور على الشاعرة الوحيدة المشاركة في تلك الحلقة وهي الشاعرة هدى السعدي (من الإمارات) فقرأت بعد تحيتها "جدلية بين القلب والعقل"، وعلق د. عبدالملك مرتاض أن الجدلية بها لغة شعرية جميلة، لكن الشاعرة تفسدها أحيانا بلغة تأليفية من لغة العلماء، وأنها استخدمت لغة التضاد أو التباين، وأن النزعة الصوفية بادية بالقصيدة.

كما أشار مرتاض إلى استحضار الشاعرة لبعض الموشحات الأندلسية، وأن فكرة جدلية العقل والوجدان فكرة عتيقة، وأن بالقصيدة صورا بديعة والشاعرة لديها القدرة على التحكم في اللغة الشعرية، وأنها مشروع شاعرة كبيرة.

أما الفنان غسان مسعود فقال إنه على مستوى التطبيق لا يمكن الفصل بين العقل والقلب، وأن هذه الطريقة رغم انتمائها للمسرح الشعري فإنها غير مستحبة، وهو ينصح الشاعرة بالابتعاد عنها في مستقبل الأيام.

الشاعر نايف رشدان قال إننا أمام شاعرة برتبة فيلسوف. وأن بقصيدتها مقاطع شعرية وصورا جميلة، وأن ما قدمته يشي بأنها تسير في الشكل الصحيح.

د. صلاح فضل تحدث عن الصراع بين العقل والقلب بأنه موضوع قديم، وأن الشعراء يظلون قرونا طويلة يتغنون بالقمر رغم اكتشاف أن به أحجار، ثم قال للشاعرة: عبارتك نظمية وليست شعرية.

د. علي بن تميم قال: يحمد لك أن الشآم واليماني رمزان يحيلان إلى الصوفية، وأن ثنائية القلب والعقل توقع في مشكلات كثيرة، وتقود إلى مشكلات جنسوية. ثم أشار إلى أن الشاعرة نسبت القوة والذكورة إلى العقل، ونسبت القلب للأنوثة والضعف.

***

جدير بالذكر أن الفنان العراقي نصير شمة، عطَّر هذه الحلقة مع فرقته "عيون" بعطور وفواصل موسيقية وغنائية رائعة.

كما نشير إلى خروج كل من الشاعر مشتاق حسين (من الهند ويعيش في المملكة العربية السعودية) والشاعر عبدالله كيوان (من المغرب) من المسابقة بقرار من جمهور المشاهدين لحصولهما على نسبة قليلة في التصويت.

أيضا لاحظنا ـ على الشريط التلفزيوني المتحرك بقناة أبوظبي ـ أن جمهور المشاهدين بدأوا يرسلون رسائل المحمول أو النقال القصيرة (إس إم إس) قبل أن يلقي بعض الشعراء المشاركين قصائدهم، وأن بعض هذا الجمهور كان يرسل رسائل قصيرة لتأييد شعراء خرجوا من المسابقة.

وأنه إلى جانب المسابقة الشعرية، كانت هناك مسابقة للجمهور نفسه، تتمثل في إعطاء معلومات يقدمها الشعراء المشاركون في الحلقة عن شاعر من شعراء العربية القدامى، والمطلوب معرفة اسم الشاعر، وكان شاعر الحلقة الأخيرة هو "الأعشى" صناجة العرب.

يذكر أن مسابقة "أمير الشعراء" أطلقتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بالعاصمة الإماراتية، وينفذها شركة بيراميديا للإعلام، ويقدمها على مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي الإعلامي ظافر عابدين.

وقد شهدت حلقة الجمعة إعلان أسماء الشعراء المشاركين في الحلقة القادمة من البرنامج، وهم تميم البرغوثي (فلسطين)، سليمان عوضه حسين دهموش (اليمن)، طلال سالم الصابري (الإمارات)، مصطفى أحمد إبراهيم الجزار (مصر)، محمد بن مسلم (عمان)، حنين عمر (الجزائر) ، وأحمد مجيب السوسي (سوريا).