أربعون ألف جثة مجهولة الهوية في مقبرة النجف وحدها

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
05/09/2007 06:00 AM
GMT



في دول العالم الحر ، تسقط حكومات بكاملها ، حين يثبت على عضو من أعضائها التلاعب بالمال العام ... أما في العراق ، فضياع مليارات الدولارات ، إختلاسا وهدرا ، لا تؤدي الى استقالة وزير وليس سقوط الحكومة ...

في دول العالم الحر ، تعيد الحكومات النظر في قانون ما ، أو مشروع ما ، حين ترتفع أصوات مواطني قرية من قرى البلد المعني .... أما في العراق ، فالحكومة لا تتخلى عن موقفها إزاء قانون أو مشروع ـ حتى لو تظاهر الملايين رفضا واحتجاجا ... ولعل المشروع الخاص بقانون النفط يمثل الدليل على ذلك ...

في دول العالم الحر ،لأعضاء البرلمان مكاتبهم المفتوحة الأبواب لمنتخبيهم من الجماهير ... أما في العراق ، فلكثير من أعضاء البرلمان ، مكاتبهم في فنادق الدرجة الأولى والشقق الفارهة وراء حدود الوطن ..

كان النظام الديكتاتوري المقبور قد رفع شعاره المعلن الشائه والتعسفي : " إذا قال صدام قال العراق " ... ويبدو أن نظامنا الجديد ، له هو الآخر شعاره ـ ولكن غير المعلن : " إذا قالت الحكومة قال الشعب " ... وفي كلا الحالين : لا حضور للشعب في صنع القرار وتنفيذه مع أن الدستور ينص على أن الشعب هو مصدر السلطات ، وصاحب المصلحة الحقيقية من قيام النظام المؤسساتي !

أمس ، قرأت خبرا عن نجاح رئيس لجنة النزاهة بالهرب من العراق ... والخبر ذاته يقول ، إن المشار اليه كان قد حاول مغادرة العراق في وقت سابق ، لكن سلطات مطار بغداد منعته من المغادرة لكون اسمه ضمن قوائم المنع من السفر لتلاعبه بالمال العام ... فرئيس لجنة النزاهة متهم بالإختلاس والتزوير ، ومع ذلك ، فلم يتم حجزه أو إيداعه التوقيف كإجراء احترازي للحيلولة دون هروبه ..أما وقد هرب ، فقد تتم معاقبة دائرة المطار ـ وليس إقالة وزير الداخلية ( مع أن الشرف السياسي يوجب عليه تقديم استقالته من تلقاء نفسه ) .

أمس قرأت خبرا آخر جاء فيه : " إن لقاء جرى في البصرة ، اتفق فيه ممثلو كتل سياسية ورجال دين ورؤساء عشائر ، على نزع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من الميليشيات والجهات غير الحكومية " ....

أية فضيحة هذه ؟ أسلحة ثقيلة ومتوسطة لدى الميليشيات ؟ لم يبق لهذه الميليشيات إلآ أن تكون لها قوات جوية .... (من غير المستبعد أن تكون لها قوات بحرية تحرس شحنات النفط المهرب ) ... فالإتفاق إذن سيسمح بوجود الاسلحة " غير الثقيلة والمتوسطة " لدى الميليشيات في ( جمهورية بصرستان الإيراقية ) .... !!

حسنا فعلت الحكومة بطرد الالاف من منتسبي الشرطة الذين ثبت تقصيرهم في واجبهم خلال الأحداث المأساوية الأخيرة في كربلاء المقدسة ... ولكن : ما الذي ستتخذه بحق الوزيرالمعنيّ ؟ المؤكد أنه لن يخضع للمساءلة والحساب ـ ولا عجب في ذلك ، ما دام أن كارثة جسر الأئمة لم تحرك قيد أنملة ، مسؤولا عن كرسيه .. فالمتهم هو سياج الجسر والجموع الزاحفة سيرا على الأقدام ـ أو صرخة إرهابي ـ ولا علاقة لسوء التنظيم بذلك ...

اليوم قرأت في شبكة اخبار العراق ، خبرا جاء فيه " ان عدد جثث مجهولي الهوية في مقبرة دار السلام في النجف الأشرف وحدها بلغ أربعين ألف جثة " ... وإذا كان عدد الجثث مجهولة الهوية في مقبرة النجف وحدها بلغ أربعين ألف جثة ـ فما عددها في العراق كله ؟ وما عدد الجثث العروفة هويتها ؟ والسؤال الأهم : هل تعني هذه الأعداد من الشهداء المغدور بهم ، وجود وزارة داخلية أو دفاع أو أمن قومي ؟

صحيح أن تقسيم كعكة السلطة طائفيا ومحاصصة ً ، قد أدى إلى تحوّل الوزارات إلى إقطاعيات طائفية وحزبية ـ لكن الصحيح أيضا ، إن مصلحة الشعب والوطن ، أهم من مصلحة الطائفة والحزب والأفراد ، وبالتالي فلابد من إعادة النظر في هذا التقسيم الذي حوَّل العراق الى أرخبيل كيانات ... فالجسد العراقي لم يعد فيه متسع لجراح جديدة ...