أغنية نفسي |
المقاله تحت باب نصوص شعرية عندما بلغتُ العاشرة من عمري
قلتُ : كل شيء سيكون على ما يرام يا فاضل ما دامت هناك فصول تتعاقب مادام الشتاء يفاجئك بأمطاره والربيع بوروده البرية والصيف بآبه اللهاب والخريف بحزنه العميق مادمتَ تجلس أمام عتبة بيت أهلك في كركوك وتراقب غيوما سوداء في سماء حمراء تهرب، تتبعها خيول وفيلة. قلتُ في العشرين من عمرك سوف تخرج إلى حديقة المصلى وتتنزه عصرا في سهل سيد قزي وفي المساء تجلس في مقهى قرب القيصرية وتحدق في لقالق صغيرة جاثمة في أعلى ناقشلي مناره سي تزقزق لك. عندما بلغتُ العشرين من عمري لم أكن في حديقة أو مقهى وإنما في سجن ببغداد يحرسه شرطيون ريفيون يوقظوننا كل صباح فنركضُ أمام عصيهم تجلد ظهورنا لنقرفصَ في المسطر في صفوف طويلة حيث نُعَدُّ مثل أغنام يتفحصها القصاب قبل اقتيادها إلى المسلخ . قلت: كل شيء سيكون على ما يرام يا فاضل مادامت الحياة كلها لاتزال أمامك و قلبك عامراً بالآمال في الثلاثين من عمرك سوف تعود إلى أهلك ويعود إليك أصدقاؤك الغالبون من منافيهم البعيدة ليحدثوك عن مدن في مدار الجدي وأخرى في القطب . عندما بلغتُ الثلاثين من عمري عندما بلغتُ الأربعين من عمري
رأيتُهم يهربون جميعاً ، واحداً بعد الآخر بجوازات مزورة أو يعبرون الحدود مع مهربين يقودون حميرهم في شعاب جبال عالية وخطرة وهكذا سكرنا تارة هنا وتارة هناك في برلين أو قبرص في لندن أو باريس وأحياناً في الجحيم . قلتُ : كل شيء سيكون على ما يرام يا فاضل ما دامت ذكرياتك معك على الأقل . في الخمسين من عمرك سوف تعودُ إلى شجرتك المنسية لتسقيها الماء بكفيك إلى بيتك الذي أكلته الأرضة لترممه من جديد الى كتبك المتروكة في صناديق المقوى لتقرأها ثانية . عندما بلغتُ الخمسين من عمرك |