المقاله تحت باب قضايا في
20/10/2012 06:00 AM GMT
الدستور العراقي يؤكد على إجراء الانتخابات في كانون الثاني (يناير) المقبل, لكن المفوضية أرجأت الانتخابات إلى آذار(مارس) ثم إلى نيسان (ابريل) بسبب تأخُر إقرار القانون وعدم تشكيل مفوضية جديدة، لكن الموعد الأخير معّرض هو الآخر للتغيير لاسباب فنية وسياسية. البرلمان العراقي صادق في آب الماضي على قانون الانتخابات واصبح قابلاً للتنفيذ رغم اعتراض بعض الأحزاب الصغيرة على مضمونه، وأزالت تلك المصادقة العقبّة الأولى أمام الانتخابات. وفي 17 أيلول (سبتمبر) الماضي تم اختيار أعضاء مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الجدد, ثم اختيار مجلس المفوضين سربست مصطفى رئيساً للمفوضية في السابع والعشرين من الشهر نفسه, وهذا يعني ان العقبة الثانية انتهت وان هناك مفوضية جديدة. مفوضية الانتخابات هي الجهاز التنفيذي المسؤول عن إجراء الانتخابات في العراق حيث اختار البرلمان أعضائها الجدد الشهر الماضي بعد سجال طويل بين الكتل السياسية استمر ثمانية أشهر. نواب وسياسيون يجزمون باحتمال تأجيل الانتخابات للمرة الثالثة، ويؤكدون إن معوقات سياسية وأخرى فنية تحول دون إجراء الانتخابات في موعدها. الرئيس السابق لمفوضية الانتخابات فرج الحيدري, الذي أنهى عمله في المفوضية الشهر الماضي بعدما خدم فيها لخمس سنوات قال لـ "نقاش" إن "غياب مستلزمات اجراء الانتخابات دفعتنا الى تأجيل موعد الانتخابات مرتين، وأن الوقت المتبقي لن يسعف المفوضية الجديدة على إجرائها في الموعد المعلن". مفوضية الانتخابات الجديدة أصدرت بياناً مطلع الشهر الجاري نقلت عن رئيسها سربست مصطفى قوله إن "مجلس المفوضين الجديد قدّم إلى الحكومة موعداً أولياً لاجراء الانتخابات ينحصر بين (10-20 ) نيسان (ابريل) المقبل" لكن الحيدري يشكك ايضا في امكانية اجراء الانتخابات في هذا الموعد. ويقول إن خبرته في العمل بمفوضية الانتخابات تجعله متأكداً من أن إجراء أي انتخابات يجب ان تسبقها ستة اشهر من التحضيرات فهي ليست لعبة بسيطة انما عملية ديموقراطية معقدّة". التحضير لإجراء الانتخابات يمر بمراحل عدة وفق قانون المفوضية حيث يتم تحديث سجل الناخبين واختيار المراكز الانتخابية وتوفير المبالغ المالية لشراء مستلزمات الانتخابات وأجور العاملين في المراكز, وبدء الحملات الانتخابية وتحديد ضوابطها حتى يوم الاقتراع. تطبيق باقي متطلبات اجراء الانتخابات يعتمد على الحكومة, وهي المخوّلة بموجب الدستور بتحديد موعد إجراء الانتخابات وتخصيص المبالغ الكافية لتمويل العملية من البداية إلى النهائية. رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هو من يقرر تحديد موعد إجراء الانتخابات فيما يقوم مجلس الوزراء بتحديد المبالغ المخصصة إلى مفوضية الانتخابات لاجراء الانتخابات, ولكن الحكومة لم تتخَّذ أي قرار بهذا الخصوص رغم إقرار مجلس الوزراء في تموز الماضي منح المفوضية مبلغ عشرة مليارات دينار عراقي كمنحة لتمكينها من تحديث سجل الناخبين. كتلة "العراقية" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي لا تتردد في توجيه الاتهام إلى المالكي وائتلافه "دولة القانون" بتعطيل اجراء الانتخابات في موعدها, وتقول المتحدثة بأسم "العراقية" ميسون الدملوجي لـ "نقاش" ان "الجهات المتنفذة في الحكومة وعلى رأسها دولة القانون تحاول تأجيل الانتخابات لمصالح شخصية". وتضيف ان "دولة القانون تحاول تأجيل الانتخابات عن موعدها وتسعى إلى الهيمنة على انتخابات مجالس المحافظات المقبلة من خلال استخدام نفوذها". أما زعيم التيار الصدري الشاب مقتدى الصدر وهو حليف المالكي في كتلة "التحالف الوطني" (الشيعي) فاتهم صراحة في نيسان (أبريل) الماضي رئيس الوزراء بمحاولته تأجيل الانتخابات للسيطرة على المفوضية. أهمية انتخابات المحافظات تتأتى من كونها ستمهِّد الطريق أمام الكتل لقياس شعبيتها في الشارع العراقي، فمن يحصد أصواتاً أكثر في مجالس المحافظات سيحصد اصواتاً مقاربة في الانتخابات البرلمانية. فمثلاً "ائتلاف دولة القانون" الذي دخل انتخابات المحافظات السابقة عام 2009 بقائمة منفردة وحصل على اصوات كبيرة مكنته من رئاسة ست مجالس محافظات شيعية في جنوب العراق, وضفّها فيما بعد للدخول ايضا في قائمة منفردة في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2010 وتمكّن من الحصول على (89) مقعداً نيابياً. إضافة الى العوائق الفنية التي تواجه اجراء الانتخابات هناك عوائق سياسية تتمثل بوصول الكتل البرلمانية إلى مفترق طرق في خلافاتها مع بعضها لدرجة يصعب معها التنبؤ بخارطة التحالفات المقبلة في الانتخابات. يقول النائب الكردي المستقل محمود عثمان لـ "نقاش" إن "المشهد السياسي الحالي مثقّل بالخلافات, وانعدام الثقة هو المسيطر على علاقات الكتل السياسية, وتبدو الجهود التي يقودها رئيس الجمهورية جلال طالباني لحل هذه الخلافات غير قادرة على احتوائها". الصراع بين كتلتي "دولة القانون" و"العراقية" ابرز هذه الخلافات, اضيف اليها مؤخرا الخلاف بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان, ما يعني خلاف بين "دولة القانون" و"التحالف الكردستاني". النائب السابق وائل عبد اللطيف قال لـ"نقاش" أنه يخشى أن تنعكس الخلافات الحالية على انتخابات المحافظات وتؤدي إلى تأجيلها إلى إشعار آخر". ولم يعلن حتى اليوم أي حزب عراقي خياراته في التحالف في انتخابات مجالس المحافظات, فيما يرجع بعض اعضاء هذه الأحزاب بأن الوقت ما زال مبكرا لتشكيل التحالفات. يقول القيادي في كتلة "دولة القانون" النائب احسان العوادي لـ "نقاش" ان "الوقت ما زال مبكراً لإعلان التحالفات السياسية الجديدة في انتخابات المحافظات" وإن كتلته لم تعقد حتى الآن أي اجتماعات مع كتل واحزاب اخرى حول الموضوع. وعلى العكس من جميع الكتل أستعد التيار الصدري للأنتخابات عندما أعلن اجراء انتخابات تمهيدية لانصاره لاختيار مرشحيهم للانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات لقياس شعبية الاشخاص الذين يمكن ان يختارهم لتمثيله فيها. ورغم ان إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد أو تأجيلها إلى وقت آخر مرتبط برئاسة الوزراء، إلا أن الالتزام بالموعد لن يكون سهلاً حيث لم يتبق سوى خمسة أشهر وبضعة أيام في حين لم تستلم المفوضية حتى اليوم على اية سلفة مالية او قرض لاستئناف عملها. عن (نقاش)
|