الأزمة السياسية تنتظر عودة طالباني

المقاله تحت باب  قضايا
في 
01/09/2012 06:00 AM
GMT



تترقب الأوساط السياسية عودة الرئيس جلال طالباني من رحتله العلاجية في المانيا للبدء بتضميد جراح الأزمة السياسية المستحكمة, ومع عودة طالباني يكتمل عقد الحل السياسي بانتظار إشارته لعقد "المؤتمر الوطني".
فمنذ أشهر والأزمة السياسية الداخلية بين أركان الحكم الثلاثة (الشيعة والسنة والأكراد) تراوح في مكانها رغم كثرة المشاريع المطروحة للخروج من نفق الأزمة بعدما أصبح التخندق السياسي وتراكم الأزمات أبرز سمات المشهد السياسي في العراق.
الأيام القليلة الماضية شهدت فسحة تفاؤل لدى غالبية القوى السياسية بإمكانية الشروع في حل الأزمات السياسية من خلال عقد لقاءات ثنائية ومشتركة وتوافقات خلف الكواليس على حسم بعض الأمور، لتقوية الوضع الداخلي ومواجهة مخاطر اقليمية محدقة.
ويستعد الرئيس جلال طالباني للدعوة إلى عقد إجتماع موسّع لقادة الكتل السياسية فور عودته من رحلته العلاجية في المانيا, بعد سلسلة لقاءات واتصالات هاتفية أجراها الأسبوع الماضي أفضّت إلى التفاؤل بامكانية جمع الفرقاء على طاولة واحدة.
طالباني دعا في خطاب له بمناسبة حلول عيد الفطر في التاسع عشر من الشهر الماضي إلى إجتماع يضم جميع الأتجاهات السياسية بهدف الخروج من الأزمة السياسية القائمة بحلولٍ ترضي الجميع.
وأكد أن "الأيام الأخيرة شهدت بداية إنحسار لحالة التأزم التي كدرّت سماء البلاد" وقال إنه لا يريد أن يخرج المؤتمر الوطني بحلول وسطية أو إتفاقات لا تضع حداً لمشاكل بناء الدولة في إطار شراكة فعليّة في صنع القرار.
وقال النائب عن كتلة "التحالف الكردستاني" حسن جهاد لـ "نقاش" إن "الرئيس طالباني سيدعو فور عودته من رحلته العلاجية إلى عقد إجتماع موسّع للكتل السياسية لبحث الأزمة السياسية".
وواوضح إن "الإتصالات التي أجراها طالباني أثناء تواجده خارج العراق كانت مثمرة" مرجحاً عودته إلى البلاد في غضون أيام.
نزع فتيل الأزمة بحسب المراقبون للشأن العراقي يبدأ بطي الملفات التي تسببت فيها, وفي مقدمتها الخلافات بين كتلتي "دولة القانون" و"العراقية", وحل الأزمة المتفاقمة بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان, وإقرار مشاريع قوانين مهمة في البرلمان لا زالت تحتاج إلى توافقات لحسمها.
الخلافات بين "العراقية" و"دولة القانون" ترتكز على تعطيل تنفيذ بعض بنود إتفاق أربيل الذي تمخّض عنه تشكيل الحكومة نهاية عام 2010، وفيما تقول "العراقية" إن غريمتها خانت الإتفاق، تبرر "دولة القانون" مواقفها بأن الحالة العراقية اليوم لا تسمح بالتوافقات ولا مناص من العودة إلى الدستور.
هذه المعادلة أُضيفت إليها معادلة جديدة تمثلت في إندلاع خلاف قديم- جديد بين الحكومة المركزية برئاسة نوري المالكي زعيم "دولة القانون" وحكومة إقليم كردستان، حول ملفات النفط وحصص الاقليم وأحقيته من تصدير وإنتاج النفط.
كتلة " التحالف الوطني" أكبر الكتل البرلمانية التي تضم (158 نائباً) تنتظر بفارغ الصبر قبول فُرقائها من الكتل السياسية بمبادرة الإصلاح وخصوصا من "التحالف الكردستاني" و"العراقية" وبعض حلفائها "كالتيار الصدري" الذي يوجه إنتقادات بين الحين والآخر للمبادرة رغم أنه جزء من التحالف.
التحالف الوطني الذي يضم غالبية القوى السياسية الشيعية سبق وكشف في حزيران (يوليو) الماضي عن مبادرة لتنفيذ إصلاحات سياسية تشمل جميع مرافق الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية.
يقول النائب عبد السلام المالكي عضو كتلة "دولة القانون" التي تمثل أبرز مكونات التحالف لـ "نقاش" إن "الأجواء السياسية الراهنة باتت مهيئة لعقد "المؤتمر الوطني" الذي طال انتظاره" ويضيف ان "الكتل السياسية أصبحت متقاربة الآن أكثر من أي وقت مضى".
التقارب الأبرز الذي حدث قبل أيام هو عودة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك وهو قيادي في ائتلاف "العراقية" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي إلى منصبه بعدما أقاله المالكي مطلع العام الحالي.
عودة المطلك تمّت بعد لقاء وُصفَ بالتأريخي بين الرجلين, وأعلن بعدها المطلك ضرورة الحوار وتناسي الخلافات رغم أنه كان قبل شهور قليلة يوجه الإتهامات اللاذعة للمالكي ووصفه مرات عدة بـ"الدكتاتور".
التقارب الآخر تم قبل أيام عندما إلتقى المالكي مع رئيس البرلمان أسامة النجيفي وهو الآخر قيادي في ائتلاف "العراقية", وكان اللقاء "إيجابي" بحسب وصف النائب محمد الخالدي القريب من النجيفي.
المالكي إستوعب خصومه ولم يبقى لديه سوى الأكراد وخصوصاً رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني, لكن النائب الكردي حسن جهاد يقول إن "الرئيس طالباني سيتكفّل بإنهاء هذا الخلاف، وأنه سيلتقي بارزاني فور عودته إلى البلاد قبل الدعوة إلى عقد المؤتمر الوطني".
الرئيس جلال طالباني لا يزال، باجماع المراقبين، يملك القدرة على إقناع رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الاقليم مسعود بازراني بالجلوس الى طاولة واحدة، والطرفان عازمان على تجاوز الأزمة, أو على الأقل تجاوز أسباب التصعيد الأخير.
وعلى رغم إعتقاد بعض الكتل السياسية بأن الخلافات الراهنة لا تسمح بخروج "المؤتمر الوطني" في حال إنقعاده بنتائج واضحة, سيما بوجود توقعات بتشكيل لجان لدراسة الخلافات, وهذه الدراسة قد تتطلب وقتاً إلا أنه لا مناص من عقد "المؤتمر الوطني".
يقول عضو كتلة "العراقية" النائب حامد المطلك لـ "نقاش" انه "على الرغم من إيماننا بأن المؤتمر الوطني وورقة الإصلاحات التي أعلنها التحالف الوطني غير جديّة إلا أننا لا نمتلك غير الحوار والجلوس إلى طاولة واحدة لاستنفاذ الحلول البديلة".
المطلك لا يستبعد من أن تكون دعوة التحالف الشيعي إلى إجراء إصلاحات مجرد مناورة سياسية لكسب الوقت.
أحد الحلول التي كان لجأ اليها معارضوا المالكي قبل شهور هي محاولات سحب الثقة من الأخير, لكن العملية فشلت بعد نجاح المالكي في تحييد بعض معارضيه.
تحالف المالكي أنقذه من تلك المحاولات حينما أعلن ورقة إصلاحات للوضع السياسي برمته, تعاطف معها البعض بينهم الرئيس طالباني.
طيفٌ من السياسيين العراقيين يعّول على جهود طالباني لحل الأزمة, لكونه إلتزم موقف الحياد وتصرَف بمسؤولية عالية باعتباره رئيسا للعراق رغم انه جزء مهم من البيت الكردي.
ويقول القيادي في "المجلس الأعلى الإسلامي" النائب عبد الحسين عبطان لـ "نقاش" إن "طالباني كان وما يزال حلقة الوصل بين السياسيين المتخاصمين وينطلق من مواقفه بإعتباره رئيساً للعراق ويسعى دائما لتقريب وجهات النظر".
عن (نقاش)