أكثر من خمسة أشهر في السنة عطلة في كربلاء |
المقاله تحت باب قضايا عن نقاش:
اغتنم محيي آل طعمة، مدير مدرسة الشريف الرضي الابتدائية وسط كربلاء، تجمع العشرات من أولياء أمور التلاميذ في مجلس للآباء والمعلمين، ليبدي استياءه من كثرة العطل التي تشهدها مدينته.
فمدير المدرسة قلق على تأثير تلك العطل "المبالغ في عددها" على سير الدراسة وعلى المستوى العلمي للطلاب. وتتوقف الدراسة بكربلاء لعدة أيام خلال مناسبات دينية يحتفي بها المسلمون الشيعة كل عام مثل زيارات عاشوراء، والأربعين والنصف من شعبان، فضلا عن مناسبات أخرى مثل عيد الغدير ووفاة النبي محمد"ص" والأول من العام الهجري، وذكرى مقتل الإمام علي، وولادات ووفيات بعض الأئمة من أولاد وأحفاد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب وعددهم 12 إمام. وقال آل طعمة مدير مدرسة الشريف الرضي "في ظل هذه العطل، أجد من من الصعب إتمام كامل المنهج الدراسي قبل الامتحانات النهائية" التي تجري في حزيران (يونيو). وطالب مدير المدرسة الآباء والأمهات بحث أبنائهم الطلبة على حضور الدروس الإضافية التي تلجأ إليها المدرسة لتعويضهم عن أيام العطل الرسمية وغير الرسمية. ولا تقتصر أيام عطل مدينة كربلاء على المناسبات الشيعية، فهناك المناسبات الأخرى التي تعطل فيها الدوائر الحكومية والمدارس في مختلف أنحاء البلاد، ومنها الأعياد الدينية، الأضحى وعيد الفطر، والأعياد الوطنية التي تشير الى مناسبات تاريخية شهدها العراق منذ تأسيسه بداية عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم. وقد أضاف مجلس الحكم بعد 2003 يوم عطلة أسبوعي هو يوم السبت من كل أسبوع، وبذلك فقد بلغ عدد العطل ليومي الجمعة والسبت في العام 96 يوما، يضاف إليها نحو شهر ونصف من العطل الأخرى، بعضها تقتصر على كربلاء فقط، لتتجاوز بذلك العطل الرسمية نحو خمسة أشهر خلال العام. وعادة ما تمتد العطلة في المحافظة لأكثر من ذلك، لا سيما في المناسبات الدينية التي تشهد قدوم مئات آلاف الزوار إلى كربلاء، فتتعطل حركة المدينة، وتمنح المؤسسات الحكومية موظفيها أذونات بعدم الحضور. وأكد نقيب معلمي كربلاء، الدكتور خالد مرعي حسن، لـ"نقاش" أن كثرة العطل تصيب سير الدراسة بالإضطراب، لافتا إلى أن عودة التلاميذ والطلبة إلى مقاعد الدراسة بعد العطلة تكون عودة فاترة وينقصهم خلالها التفاعل مع ما يطرح من مادة علمية أثناء الدراسة بسبب اعتيادهم على الراحة لعدة أيام. لكنه استطرد بالقول إن" المعلمين في المحافظة يبذلون جهودا مضنية بهدف تعويض ما يفوت الطلبة خلال العطل". ويقترح حسن أن يتم تقليل العطلة المدرسية الكبرى وأمدها أكثر من ثلاثة اشهر لتعويض شيء من العطل المدرسية، ويرى في انتقاص شهر من عطلة نهاية العام وإضافته إلى أشهر الدراسة "فكرة تستحق الدراسة". ولا يقتصر تأثير توقف الدوام الرسمي خلال العطل على المدارس بل يشمل ايضا سائر دوائر الدولة، وتعتقد زينب علي وهي معلمة مدرسة أيضا، أن كثرة العطل تؤثر سلبا على سائر المواطنين من خلال تسببها بتأخير إنجاز معاملاتهم. وتدعو زينب الحكومة المحلية إلى إعادة النظر بعدد العطل التي تتخلل العام، مبينة أن بإمكان المواطنين الاحتفال بالمناسبات المختلفة دون الحاجة إلى تعطيل الدوام في المدارس أو في دوائر الدولة. فيما ينتقد موظف في مجلس المحافظة، محمد عبد الله، أداء دوائر الدولة بشكل عام، موضحا أن هذه الدوائر لا تنجز عملها بشكل صحيح في أيام الدوام، معتبرا كثرة العطل سببا آخر في" ترهل أداء هذه الدوائر" . ويعتقد عبد الله أن العراق بحاجة إلى زيادة ساعات العمل بدلا من إيجاد مناسبات جديدة تعطل فيها دوائر الدولة، موضحا أن العراقيين "يعانون من نقص في الخدمات ومن تأخرهم في الكثير من المجالات ولايمكنهم اللحاق بسائر الدول التي تسبقهم إلا بالعمل". لكن الحكومة المحلية بكربلاء، ومع أنها تتفق مع المستائين من كثرة العطل الرسمية، إلا أنها لا تجد بدا من الإذعان إلى طبيعة المدينة الدينية وكثرة المناسبات التي تحيى فيها، بحسب عضو مجلس محافظة كربلاء، طارق الخيكاني، الذي قال لـ"نقاش" أن الحكومة المحلية "لاتملك بدائل سوى تعطيل الدوام في المحافظة حين يتعلق الأمر بالمناسبات الدينية التي تستقبل فيها كربلاء ملايين الأشخاص". موضحا أن كثافة الزائرين والمخاوف الأمنية وحالة الاستنفار التي توضع فيها دوائر الدولة الخدمية في المحافظة، تستدعي تعطيل الدوام "لأن الطرق في كربلاء تغلق أمام حركة السيارات وبالتالي يصبح من الصعب على المواطنين وعلى التلاميذ والطلبة والكوادر التدريسية الوصول الى أماكن عملهم". ويجد بعض المتابعين في وجود دوائر ومؤسسات الدولة في مركز المدينة، مشكلة أخرى تفاقم مشكلة كثرة العطل التي يعاني منها المواطنون في المدينة، ويقول الصحفي حسون الحفار، إن" كربلاء بحاجة إلى بناء مجمع للدوائر الحكومية وللمدارس على أطراف المدينة ليكون بمنأى عن تأثير الزيارات والمناسبات الدينية" موضحا أن وجود دوائر الدولة في وسط المدينة حيث يتم إحياء المناسبات الدينية يجعلها "عديمة الفائدة" خلال فترة طويلة من السنة. وتعد كربلاء واحدة من عدة مدن عراقية تضم أضرحة ومقامات لشخصيات دينية تحظى بتقدير واسع لدى الأوساط الشيعية ويقصدها زائرون من مناطق عديدة حول العالم، وتشكو حكومة كربلاء من عدم قدرة المدينة على استيعاب ملايين الأشخاص وتوفير الخدمات لهم وتطالب باستمرار بتخصيص أموال لتوسيع المدينة. |