قراءة في "إغماض العينين" للؤي حمزة عباس |
المقاله تحت باب مقالات و حوارات في أحدث مجموعة نصوص صدرت له في كتاب عن دار أزمنة وتحت عنوان (اغماض العينين) يبثّ الكاتب لؤي حمزة عباس وعلى مدى خمس وسبعين صفحة احزان الإنسان الاعزل، ألمه وإحباطه، ولواعج انتمائه ووحشية المكان الذي نراقبه وهو يتحول شيئا فشيئا الى سجن بائس يقذفه في زاوية معتمة ويجبره لأن يلجأ الى الحلم طالما لا خيارات هناك او ان الممكن الوحيد هو البحلقة في جدرانه المظلمة، ولكن ايضا لأن يخلق كوابيسه بنفسه، يربيها ويكاثرها. بمناخ تخيّم عليه صورة البطل فاغر الفم من هول الصدمات، التي تتوالى عليه من دون ان تترك له الفرصة لكي يكون له رد فعل، يستهل عباس مجموعته بحديث داخلي كان وكأنه قد خصّ به نفسه دون غيرها، وبظلال لوم وندم وخسارة ووعيد يقول بحس اعتراف قسري انه فوّت على نفسه فرصة ولن تتكرر، أو ربما هو الطفل القابع فيه الذي استهل المجموعة والذي شهد بعينيه اغماضة عينيه، ام تراه الفتى في قلب الكاتب الذي كان يوما نابضا بالحب، ام تلك المرأة التي خشيت ان تمسك بقلبه لاسباب شتى وهو لن يغفر لها ذلك، درجة انها لا تكاد تظهر بين صفحاته إلا لتكون محض انعكاس لوجوده هو، وفقط من خلال حركته وفعله ووشيك موته، ام انه الوطن كرمز هنا وان الاستهلال ليوضح فحسب وباختصار العملية بأكملها، عملية تصفية حساباته معه، انها قصص تتكاثف فيها صور القتل والتهديد والذبح والدم والمسلحين ولا احلال لها في وعيه وفي حافظته إلا بصور منسوخة منها، برغم اعماله الفكر طوال الوقت ليستعيد صورا آمنة النص ومنذ الوهلة الاولى بدا بصريا، اعني على يد كاتب من البصرة. وهذا كان في البدء، اثر متابعات متقطعة ولنصوص كتبها الكاتب ووقعت عيناي عليها بالمصادفة في اكثر من موقع، لماذا احسب النص بصريا هو ما تصعب الاجابة عليه، ولكن كدلالة محسوسة وملموسة فلاشك انه المكان بالدرجة الاولى، وهو لدى لؤي حمزة عباس يرشح رائحة وضوءاً واصواتاً وزفرة شط ورياحا شرقية وصنوجاً وعبيداً ومقابر اميزها. كان (العثور عليه) وقراءته ومن بعيد بمثابة انتصار لفكرة جحيمية برأسي، بحجم حبة رمل ولكنها نخرت وكادت ان توهن قواي مثل اي سرطان خبيث فتاك، انه جيل الثمانينيات (الذي انتمي اليه) والذي كنت احسبه لسنين جيلا وهميا لا وجود له، شيئا هلاميا مما أفرزته الانظمة والاعلام والجبهات والسواتر، جيلا محقونا بأبر مدمرة، كائنات حملت جيناتها الخطأ، جيل التخفي والكوابيس والتردد والغبن واللا اعتبار، (من قال هذا؟ انا، لا احد غيري!). والبديل الوحيد الممكن كان هو الكتابة، كما ذكر عباس في نصه منطق الطير (وهو نص منفصل عن المجموعة برأيي) والكلمة قد تكون موجعة،عصية، صادة وبليدة امام ما يحدث! |