... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  قضايا

   
أهوار الجنوب تواجه تهديد الموت بسبب الجفاف

تاريخ النشر       18/10/2015 06:00 AM


نقاش / رعد سالم
عادت مشكلة الجفاف مرة أخرى إلى أهوار الجنوب بعدما وقعت سدود المياه في محافظة الأنبار تحت سيطرة تنظيم داعش.

  يراقب جبار حسن (55 عاماً) قطيع جواميسه التي تتحرك ببطء ووهن تحت شمس قاسية وسط أرض حرقها الجفاف، وقد نفقت سبع منها بعد فقدان بيئتها المائية.

 جفاف هور الجبايش قضى على المساحة المائية التي سكنها حسن وعائلته وأناس آخرون أباً عن جد واعتاشوا على زرعها بالشلب وتربية الجاموس وصيد الطيور والسمك.

 يقول حسن إن مناطقهم شهدت انتعاشاً خلال السنوات الماضية من خلال ارتفاع مناسيب المياه وتزايد عمليات صيد الأسماك وجمع نبات القصب والبردي وتزايد أعداد الجاموس، لكن ذلك انهار فجأة. 

 ويقول لـ"نقاش": "اليوم نعاني من جفاف مساحات واسعة من الاهوار وفقدان مقومات الحياة، ولا خيار أمامنا إلا الرحيل عن المنطقة بحثاً عن مصادر عيش أخرى".

 حسن وسواه من مئات العائلات التي تسكن الاهوار في قضاء الجبايش الواقع على بعد (90كلم) جنوب شرق محافظة ذي قار يواجهون موجة جفاف لم يسبق لها مثيل منذ عام 2003، حيث سبق لنظام صدام أن قام بتجفيف الاهوار في أكبر حملة إبادة للبيئة المائية شهدتها المنطقة، عبر إقامة السدود على مصادر المياه وطمر المستنقعات المائية بذريعة مواجهة المعارضة والقوات الإيرانية آنذاك.

مساحة الأهوار في محافظة ذي قار قبل تجفيفها في تسعينيات القرن الماضي تصل إلى مليون و(48 ألف) دونم، بينما تقدر المساحة التي تم إحياؤها من خلال إغمارها بالمياه بعد عام 2003 (50 في المائة) من إجمالي مساحة الأهوار.

إلا أن سيطرة داعش على المناطق الغربية والشمالية من العراق منذ شهر حزيران 2014 وتحكمه بالنواظم على نهر الفرات أدى إلى انخفاض الإطلاقات المائية عبر حوضي نهر الفرات وكذلك نهر الغراف الذي يتغذى من نهر دجلة.

ويؤكد قائممقام قضاء الجبايش بديع لبنان إن نسبة  المياه في حوض نهر الفرات المغذي لمناطق الأهوار الوسطى هبطت إلى (90) سم ما أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من حيوانات الجاموس ويقول لـ"نقاش" إن "نسبة الملوحة ارتفعت إلى أكثر من (7000) جزء بالمليون قياسا بالمعدل الطبيعي الذي لا يتخطى (1000) جزء بالمليون".

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالجفاف بات يهدد مشروع انضمام مناطق الاهوار إلى لائحة التراث العالمي الذي تسعى إليه الجهات المعنية منذ سنوات، بعد هجرة جماعية لمربي الحيوان وصيادي الأسماك والتي تعتبر المصدر الرئيس لمعيشة عشرات الآلاف من سكان الاهوار.

ويقول جاسم الأسدي المستشار البيئي في منظمة طبيعة العراق المعنية بملف الاهوار الوسطى إن "جفاف مناطق واسعة كان له أثر سلبي كبير على التنوع الإحيائي فلم تعد الاهوار طريقا موسميا لهجرة الطيور نحو أوروبا كما غابت عنها الأسماك المعروفة بنوعياتها الجيدة بالإضافة  إلى اندثار الثروة النباتية والطحالب التي تكمل السلسلة الغذائية المهمة".

نتيجة ذلك ارتفعت وتيرة هجرة الناس، حيث سجل رحيل أكثر من (20) عائلة إلى مناطق الفجر والرفاعي شمال الناصرية وصولا إلى الفضيلية جنوب العاصمة بغداد، فيما يعد مربو الجاموس أكثر المتضررين، فالجفاف وارتفاع الملوحة بنهر الفرات يهدد حياة (20) ألف رأس جاموس.

منظمة طبيعة العراق تحدثت عن هجرة (80) في المئة من مربي الجاموس في مناطق الاهوار الوسطى.

وبحسب المنظمة فأن أعداد الجاموس في مناطق اهوار الجبايش تقدر بـ(27) ألف رأس.

في حين توقفت أغلب مشاريع الإسالة التي تزود الأهالي بالمياه. وبحسب عيدان عبد السادة مدير ناحية المنار (الحمّار سابقا) التابعة لقضاء الجبايش فأن "ذلك نجم عن جفاف نهر العطاء الذي تعتمد عليه هذه المشاريع".

عبد السادة دعا إلى التحرك بسرعة لإنقاذ ما تبقى وزيادة الحصة المائية للمحافظة وفتح ناظم كرمة بني سعيد المغذي للناحية.

ودفع انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات إلى تجاوز المحافظات الجنوبية على الحصص المائية المقررة لها، حيث وجهت رئاسة الوزراء قيادة عمليات الرافدين بمتابعة ملف التجاوزات على نهري الفرات والغراف ضمن قاطع العمليات في محافظات واسط وذي قار والسماوة وميسان.

وأفاد قائد عمليات الرافدين الفريق الركن جميل الشمري بأن قيادة العمليات تعمل على رفع جميع التجاوزات الحاصلة على حوضي نهر الغراف والفرات"، مضيفاً أن "اتفاق المحافظات المتشاطئة بالالتزام بالحصص المائية هو بادرة ايجابية ستمكّن جميع الأطراف من مواجهة الأزمة وفق الكميات المتوفرة من الاطلاقات المائية ولضمان توفير مياه الشرب لأبناء جميع المحافظات".

 وتوجه سهام النقد إلى وزارة الموارد المائية لعدم إيفائها بوعودها في تحسين معدل الاطلاقات المائية في حوضي نهر الفرات والغراف.

 وبهذا الصدد يقول حسن الأسدي عضو مجلس محافظة ذي قار الذي يسكن قضاء الجبايش إن "نسبة الإغمار في مناطق الاهوار اقل من (15) في المئة مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي والتي وصلت إلى (80) في المئة، كما أن هناك نقصا مستمرا في تصريف المياه، فنسب الاطلاقات في نهر الفرات تصل الى (20) مترا مكعبا بالثانية وسط المحافظة، في الوقت الذي يتطلب تجاوزها (60) في المئة من اجل ضمان استمرار ارتفاع مناسيب المياه وتدفقها بشكل طبيعي نحو مناطق الاهوار".

إلا أن وزارة الموارد المائية تقف عاجزة عن وضع حلول حقيقية.

ويؤكد علي راضي مدير عام الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري والبزل أن الوزارة تواجه تحديا كبيرا في استمرار المشاريع لمواجهة المشكلة على خلفية أزمة مالية خانقة.

 ويقول لـ"نقاش" انه "اثر التقشف الحكومي كثيرا على مشاريع نصب العديد من محطات الضخ وديمومة عمل المحطات العاملة، لذا عملت الوزارة بإمكاناتها الذاتية حيث جرى تعزيز الاطلاقات المائية بكميات استثنائية من ناظم اليعو بمعدل (65) مترا مكعبا في الثانية ولمدة خمسة أيام في الأسبوع فضلا عن تنظيف بعض الأنهار من نباتات الشمبلان وزهرة النيل".

ولا تتوفر إحصائيات دقيقة عن حجم الأضرار التي لحقت ببيئة الاهوار الوسطى، إلا أن الأرقام الأولية تشير إلى نفوق العشرات من حيوان الجاموس وهلاك ملايين الأسماك وتضرر آلاف الدونمات الزراعية، إضافة إلى تسجيل ألف إصابة بمرض جدري الماء بين السكان المحليين.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%





 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni