|
|
أزمة بين بغداد وواشنطن.. والسنّة أكبر الخاسرين |
|
|
|
|
تاريخ النشر
09/05/2015 06:00 AM
|
|
|
نقاش | مصطفى حبيب | بغداد الأسبوع الماضي كان الأصعب في العلاقات العراقية-الأميركية منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، والسبب هو المقترح الأميركي بتسليح السنّة والأكراد بشكل مباشر دون موافقة بغداد، لكن الشيعة يريدون البقاء كقوة أمنية كبرى في البلاد. مقترح القانون الذي قدمه رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأميركي "ماك ثورنبيري" تضمَّن إمهال الحكومة العراقية ثلاثة أشهر لتشكيل قوة أمنية سنية، وفي حال عدم تطبيقها ذلك فإن الولايات المتحدة ستقوم بتسليح "السنّة" والأكراد بشكل مباشر باعتبارهم دولاً مستقلة. ولم تمضِ إلا ساعات حتى أعلنت الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي وعدد من الوزراء والنواب الشيعة رفضهم بشكل مطلق لهذا القانون، واتهموا الولايات المتحدة بمحاولة تقسيم البلاد، فيما هددت بعض القوى الشيعية بضرب المصالح الأميركية في العراق وطالب نواب بقطع العلاقات مع أميركا وطرد سفيرها في بغداد. وعلى الرغم من إن هذا القانون ما زال مقترحاً، وإن الاتصالات الدبلوماسية العاجلة التي أجراها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن مع العبادي أكد فيها إن واشنطن لن تنفذ القرار إلا بموافقة الحكومة العراقية، فإن القوى الشيعية بدأت تشعر إن سياستها ضد "السنّة" والأكراد ستسبب تقسيم البلاد. حنان الفتلاوي أبرز النواب عن "ائتلاف دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، طالبت بطرد السفير الأميركي من العراق وإغلاق السفارة الأميركية في بغداد. أبرز المواقف المعارضة للمقترح الأميركي تلك التي أعلنتها الفصائل الشيعية، إذ هدد مقتدى الصدر زعيم "سرايا السلام" التي كانت تُسمى "جيش المهدي" سابقاً، بأن مقاتليه سيضربون المصالح الأميركية في العراق في حال طُبق هذا المقترح ونظّم أنصاره استعراضاً عسكرياً وسط مدينتين جنوب البلاد. المقترح الأميركي تسبب أيضاً في اندلاع أول خلاف حقيقي داخل البرلمان العراقي منذ تشكيله قبل ثمانية أشهر، إذ قدّم النواب الشيعة مقترح قانون إلى البرلمان يتضمن رفض المقترح الأميركي، وهو ما أدى إلى انسحاب النواب "السنّة" والأكراد من جلسة التصويت وهي أول حالة انسحاب لنواب من البرلمان. النواب والسياسيون "السنّة" والأكراد يدعمون المقترح الأميركي ويتهمون الحكومة العراقية بتهميشهم وعدم تسليحهم. ومن أهم المصطلحات التي يتضمنها مشروع القانون الأميركي الذي اطلعّت عليه "نقاش" عبارة وجوب تشكيل "حرس وطني سنّي"، وفكرة تشكيل "الحرس الوطني" كان يجب إن تكتمل قبل شهور، ولكن الأحزاب الشيعية تراجعت عن ذلك وهو ما سبب استياء "السنّة" والأكراد وواشنطن أيضاً. ويقول مسؤول سياسي في السفارة الأميركية في بغداد طلب عدم نشر اسمه لـ "نقاش" لعدم تخويله بالتصريح إن "السفارة تواجه حملة من قبل بعض الأحزاب والسياسيين العراقيين بسبب مشروع قانون الكونغرس ونتسلّم العديد من الشكاوى". ويضيف هذا المسؤول إن "المشكلة في العراق هي إن الحكومة لم تشكل قوات الحرس الوطني، ربما بسبب ضغوطات إيرانية، وهو ما دفع السياسيون السنّة والأكراد إلى الشكوى لدى الولايات المتحدة". عندما تسلّم العبادي الصيف الماضي رئاسة الوزراء خلفاً لنوري المالكي المعروف بتهميش السنّة وضع قضية تشكيل "الحرس الوطني" ضمن برنامج حكومته الجديدة، وقال حينذاك "يجب فرض الاستقرار ودعم قوات الأمن ومشروع المصالحة الوطنية وتطوير تجربة الحشد الشعبي وتأسيس حرس وطني في كل محافظة ودعم قوات البيشمركة". بعد تشكيل الحكومة بشهرين اتفقت الأحزاب الشيعية والسنّية والكردية على تشكيل قوة أمنية بأسم "الحرس الوطني" وتضم 70 ألف عنصر من الشيعة في محافظات بغداد وبابل وكربلاء والنجف وواسط وذي قار والبصرة والقادسية وميسان والمثنى، و50 ألف عنصر من السنّة في محافظات الانبار وصلاح الدين والموصل وديالى، ويضاف إليها قوات "البيشمركة" الكردية. ولكن لماذا لم يتم تشكيل "الحرس الوطني" بعد مرور سبعة أشهر على تشكيل الحكومة؟ هناك أسباب عديدة لكن أهمها تنامي القوة العسكرية للفصائل الشيعية في العراق على حساب الجيش والشرطة. ويقول ناصر الدليمي أحد شيوخ عشائر الأنبار لـ "نقاش" إن "الميليشيات الشيعية شعرت بالغرور بعد تحرير ديالى وتكريت، وقررت عدم تشكيل الحرس الوطني في المدن السنّية، لتبقى هذه الميليشيات هي الأقوى في البلاد بل حتى أقوى من الجيش والشرطة". الدليمي الذي التقى عدد من قادة الميليشيات الشيعية قال أيضا إن "الفصائل الشيعية لا تريد أن تكون هناك قوة سنية كبيرة، هم يريدون تحرير مدينتنا لوحدهم وهذا الأمر مرفوض من السنّة لأن الانبار ليست بحاجة إلى رجال مقاتلين بل بحاجة إلى سلاح، فهناك خوف من تكرار ما حصل في تكريت من قتل وتدمير". الهدف الذي من المفترض أن تحققه فكرة إنشاء "الحرس الوطني" هي حصر السلاح بيد الدولة وإقناع الميليشيات الشيعية والسنّية غير النظامية بالانضمام لهذه القوات ليكون عملها قانوني وتأخذ أوامرها من الحكومة وليس من قادة الميليشيات المؤيدين لإيران. في الجانب الشيعي هناك على الأقل سبع ميليشيات كبيرة تعمل حالياً في البلاد دون ضوابط وهي "عصائب أهل الحق" و"سرايا السلام" التابعة إلى التيار الصدري، و"حزب الله" في العراق، ومنظمة "بدر" و"سرايا الخراساني" و"حركة النجباء" و"كتائب الرسالي" إضافة إلى مجموعات صغيرة أخرى. وفي الجانب السني هناك العديد من العشائر التي تحمل السلاح إضافة إلى ست فصائل مسلحة وهي "المجلس العسكري لثوار العشائر" و "الجيش الإسلامي" و "جيش المجاهدين" و "رجال الطريقة النقشبندية" و "كتائب ثورة العشرين" و"أنصار الإسلام". ولكن هل تستطيع الولايات المتحدة فعلاً تطبيق مقترحها بتسليح "السنّة" والأكراد دون موافقة بغداد؟ وكيف؟ الأمر ليس سهلاً بكل تأكيد خصوصاً وإن الولايات المتحدة ليس لديها قوات داخل العراق لتقوم بهذه المهمة. المحلل السياسي أحمد الآلوسي يقول لـ "نقاش" إن "الولايات المتحدة تستطيع تسليح الأكراد بشكل مباشر لأن إقليم كردستان يعتبر مستقلاً منذ سنوات ويمتلك حكومة ووزراء وقوانين خاصة به ومطارات يتم من خلالها إنزال المساعدات، ولكنها لن تستطيع تسليح "السنّة" لأن المدن السنّية وسكانها ليسوا منظّمين". عندما قامت الولايات المتحدة بدعم العشائر السنّية عام 2006 من خلال تشكيل قوات "الصحوة" التي نجحت بهزيمة تنظيم "القاعدة"، كان الأمر يختلف عن اليوم، في الماضي كان هناك جيش أميركي بري كبير يبلغ عدده (160) ألف عنصر داخل العراق وهو أقوى قوة عسكرية على الأرض في ذلك الوقت. الولايات المتحدة عندما سلَّحت العشائر في 2006 كان الجنود الأميركيون يشرفون على التسليح بشكل مباشر ويراقبون العشائر عن قرب لمنع أي محاولة لاستخدام السلاح لغرض آخر غير محاربة "القاعدة"، ومنع استخدام السلاح لإغراض انتقامية ونزاعات عشائرية وعائلية داخلية أو انتقال السلاح إلى العدو المقابل. اليوم ليس هناك جيش أميركي كبير على الأرض سوى مئآت المستشارين المحصورين في قواعد عسكرية تحت سيطرة الحكومة العراقية، ولهذا فإن الولايات المتحدة ليست قادرة على تسليح "السنّة" بشكل مباشر، لسببين، الأول إنها تواجه صعوبة في كيفية إيصال الأسلحة إلى "السنّة" لان المدن السنّية واقعة تحت سيطرة داعش، والثاني إن تسليح العشائر يحتاج إلى مراقبة للمقاتلين عن قرب وهي مهمة لا تستطيع أي جهة تنفيذها اليوم غير الحكومة العراقية. الولايات المتحدة تدرك صعوبة تسليح "السنّة" بشكل مباشر، وتسعى فقط إلى تهديد الأحزاب الشيعية بضرورة دعم المدن السنّية وإلا ستقوم هي بذلك، وفعلا بدأت هذه التهديدات تحقق نتائج، وأعلنت الحكومة قبل أيام فتح باب التطوع في مدينة الأنبار السنّية ووعدت بتسليحها تسليحاً جيداً خلال أسابيع قليلة. وهناك معلومات غير مؤكدة تفيد بأن الفصائل الشيعية تخطط لتنفيذ هجوم على مدينة الأنبار لمحاربة "داعش" لعرقلة الخطة الأميركية التي تسعى الى تسليح "السنّة" بشكل مباشر، ولكن الأكيد إن الشهور الماضية ستشهد تطورات سياسية وأمنية كبيرة في العراق. |
|
رجوع
|
|
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|