نقاش | مصطفى حبيب | بغداد | سيحتاج البرلمان العراقي الجديد، الى جهد كبير من اجل ترميم صورته في أذهان المواطنين، وإقرار نحو مئتي قانون يتعلق الكثير منها بحياة المواطنين ومستقبل البلاد
أكثر من مئتي قانون يُنتظر أن يقرها البرلمان الجديد، وسط فوضى سياسية وأمنية تعيشها البلاد. أبرزها متعلق بتخفيف التوتر الطائفي، وإقرار موازنتين ماليتين لتحقيق انتعاش اقتصادي. وهذه القوانين تنظم مختلف مفاصل الدولة سياسياً واقتصاديا واجتماعياً، بينها قوانين مهمة جدا قد لا يتجاوز عددها أصابع اليدين، لكن مجرد التصويت عليها من شأنه تحقيق سلام مجتمعي تعرض لصدمات طائفية مؤخراً. ويتعين على البرلمان من أجل الاضطلاع بذلك، استعادة صلاحياته التي قامت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي المنتهية ولايتها بتقليصها الى حد بعيد، كما أنها تجاهلت البرلمان في مناسبات عديدة، كما يقول عضو كتلة"المواطن"محمد مشكور. في الأول من تموز(يوليو)الفائت عقد البرلمان الجديد أولى جلساته، وبعد مرور شهرين استطاع انتخاب رئيسٍ ونواب له، وتشكيل لجانٍ مؤقتةٍ عدة في مجالات المال والمهجرين لتمشية الأمور، وما يزال يناقش تشكيل لجانه الخاصة. ويشير الموقع الالكتروني الرسمي للبرلمان الى أن أكثر من200 قانون، ما زالت على رفوف البرلمان، بعضها أتم نصف الطريق لإقرارها، وبعضها الآخر لم يتم مناقشتها بعد، ومن الضروري على البرلمان اقرار القوانين المهمة حتى لو كانت قليلة، على إقرار قوانين كثيرة لكنها غير مهمة في ضبط بوصلة الوضع العراقي القائم. ومن ابرز القوانين التي يتوجب على البرلمان إقراره في دورته الجديدة، تشكيل مجلس الاتحاد وهو مجلس مكمل لعمل البرلمان، ويشكل كلاهما السلطة التشريعية في العراق. ومجلس الاتحاد هذا بمثابة مجلس الشيوخ المُكمل لعمل الكونغرس في الولايات المتحدة، أو مجلس اللوردات في بريطانيا مع الاختلاف بشأن الصلاحيات وطريقة اختيار أعضاءه. وتنص المادة 46 من الدستور العراقي على أن:"السلطة التشريعية تتكون من مجلس النواب ومجلس الاتحاد"، فيما تنص المادة62على:"إنشاء مجلس تشريعي يُدعى مجلس الاتحاد يضم ممثلين عن الأقاليم، والمحافظات غير المنتظمة بإقليم، وينظم تكوينه وشروط العضوية فيه، واختصاصاته وكل ما يتعلق به بقانون يُسن بغالبية ثلثي أعضاء مجلس النواب". رئيس لجنة الأقاليم والمحافظات في البرلمان السابق محمد كياني قال لـ"نقاش":"على البرلمان إقرار هذا القانون بسرعة لأنه يعطي المحافظات تمثيلا اكبر في مجلس مصغر لا يزيد عدد أعضائه عن 72عضوا وبالتالي سيكون صوتُ المحافظات مسموعا". وعلى البرلمان الجديد إعطاء أولوية للقوانين التي تخص المحافظات لأنها عانت خلال الفترة السابقة من الحكم المركزي في بغداد، كما أن تشكيل مجلس الاتحاد إضافة الى تنفيذ قانون مجالس المحافظات رقم 21سيحل الكثير من المشاكل الإدارية والأمنية والاقتصادية بين الحكومة الاتحادية وبين المحافظات. وتنفيذ قانون المحافظات يحتاج الى إقرار قانون آخر هو قانون ترسيم حدود المحافظات الذي قدمه رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني عام 2011، ويتضمن إلغاء مجموعة قرارات أصدرها نظام حزب البعث أبان حكم صدام حسين، أعادت ترسيم حدود بعض المحافظات وأنشأت بموجبها محافظات أخر. وسيحقق إقرار هذا القانون ردم الخلافات بين المحافظات بشان حقول نفطية أو أراض زراعية، أو مياه تمر بحدودها، وقبل أشهر وقعت مشكلة بين محافظتي ميسان والناصرية الجنوبيتين بشأن ملكية حقل نفطي واقع على الحدود بينهما وكان يمكن تجاوز المشكلة لو إن كل محافظة تعرف وبنحو قانوني حدودها. وأيضا هنالك حاجة كبيرة لإقرار قانون النفط والغاز الذي تحاول الكتل السياسية الاتفاق عليه منذ 7 سنوات، وبسبب عدم إقراره فان المشاكل بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان ستستمر، خصوصا بعد قيام الكرد بتصدير النفط دون الرجوع الى وزارة النفط الاتحادية، وهو ما ترفضه الوزارة بشدة. امنيا هنالك ثلاث قضايا على البرلمان إيجاد قوانين تنظمها، وتضمن تنفيذها وهي العفو العام عن المعتقلين، وهو قانون يتم مناقشته منذ 3 سنوات. و الغاءقانون المسائة والعدالة (اجتثاث البعث)، وأيضا هنالك قانون مكافحة الإرهاب. هذه القوانين من مطالب السنة الرئيسية التي ستجدها الحكومة الجديدة أمامها، ويرى السنة أن عدم أقرار الأولى وتوجيه الثانية والثالثة ضد طائفتهم، تسبب بقتل وسجن آلاف من الأبرياء بدون ذنب كما يقول النائب عن كتلة "متحدون" حيدر الملا. الملا قال لـ"نقاش" أن "إلغاء أو تعديل هذه القوانين من شانه تحقيق خطوة كبيرة في المصالحة بين السنة والشيعة، وتقنع الجماعات المسلحة السنية بان الحكومة الجديدة تريد المصالحة بعكس الحكومة السابقة التي غدرت بهم". اقتصاديا يواجه البرلمان مهمة صعبة في إقرار موازنتين اثنتين لعامي 2014 - 2015، لان البرلمان السابق فشل في اقرار موازنة عام(2014)، وتأخر أقرارها أدى الى أزمات اقتصادية كبيرة، أبرزها تأخر آلاف المشاريع في المحافظات وتزايد العجز المالي. الخبير في الشأن الاقتصادي باسم انطون ذكر لـ"نقاش" أن: "أكثر من 6 آلاف مشروع اقتصادي تأخر انجازه بسبب عدم اقرار موازنة 2014، كما أن الحرب الجارية ضد داعش أدت الى استخدام أموال هذه الموازنة دون أي باب في حسابها". ويضيف:"على البرلمان إقرار موازنة 2014 إضافة الى موازنة 2015 إذ سيكون مجموع أموالها النقدية أكثر من 200 مليار دولار أميركي، وبعجز تقريبي يقدر ب 15%". وينتظر عدد كبير الشباب العراقيين العاطلين عن العمل إقرار الموازنة أيضا، إذ أن كل موازنة جديدة تتضمن آلافاً من فرص العمل للمتخرجين من الكليات والجامعات. كما أن على البرلمان تفعيل قانون صوت عليه عام2009 ويتضمن تأسيس هيئة خاصة بالتوظيف الحكومي تسمى (مجلس الخدمة الاتحادي). فالمحاصصة السياسية في توزيع المناصب منعت تشكيل هذا المجلس الذي لو رأى النور فستكون الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية جميعها ملزّمة بإبلاغه عن الحاجة الى الموظفين ونوعية الكفاءة المطلوبة، فيما يقوم المجلس بالإعلان عن الوظائف ويجري المقابلات ويختار الموظفين ويرسلهم إلى الجهات الطالبة دون وساطات. ولكن أهم وأصعب مهمة تنتظر البرلمان الجديد هو إجراء تعديل على الدستور الذي كتب بنحو مستعجل عام 2005، وكشفت السنوات المنصرمة عن مشاكل وأخطاء كثيرة تكتنف الدستور بعد تطبيقه. ويقول عضو اللجنة القانونية في البرلمان السابق حسن الياسري لـ"نقاش" :"إجراء التعديلات الدستورية مطلب مهم بعد أن أصبح الدستور يخلق الخلافات، بدلاً من حلها، كما أن التعديل يحتاج الى أجواء سياسية مستقرة". وأبرز النقاط الخلافية التي تعرقل إتمام التعديلات الدستورية هي المادة140الخاصة بتطبيع الوضع في كركوك والمناطق المتنازع عليها، والمادة115الخاصة بصلاحيات الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في المحافظات والأقاليم، وصلاحيات رئيس الجمهورية، وتوزيع النفط، فضلاً عن المادة41التي تخص قوانين الأحوال الشخصية. وفيما يخص الدور الرقابي للبرلمان فعلى النواب الجدد تفعيل دور البرلمان في مراقبة الحكومة ومحاسبة الوزراء وقادة الجيش والشرطة كما هو منصوص عليه في الدستور، ولكن رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي عطّل هذا الحق البرلماني. |