بعد نفاد الطبعة الأولى، صدر عن دار المدى الطبعة الثانية من كتاب فارس كمال نظمي (الأسلمة السياسية في العراق: رؤية نفسية)، وهي طبعة منقحة ومزيدة، تقع في (293) صفحة.
يتألف الكتاب من (28) مقالة وورقة فكرية كُتبت خلال السنوات الخمسة الماضية ابتداءً من العام 2008م، تجمعها غرضية مركزية هي تفكيك البنية النفسية للإسلام السياسي، وتحديد الصلة الوظيفية الاعتلالية لهذه البنية بالتقويض الشامل الذي يشهده العراق على مستوى الدولة والمجتمع، إذ يسعى الكتاب لتقديم تفسير متعدد الأبعاد والزوايا لكيفية تفاعل سيكولوجيا الدين بسيكولوجيا السياسية لإنتاج ظواهر سلوكية مجتمعية هدمية بدأت بالبروز تباعاً بعد نيسان 2003م
أما الأطروحة المركزية للكتاب فتقول: ((إن محاولة فرض الأسلمة السياسية على المجتمع العراقي، هي خيار يقع بالضد من النزعة "العلمانية الاجتماعية" الراسخة لهذا المجتمع)).
وانطلاقاً من هذه الأطروحة يحاول الكتاب الإجابة ضمناً على عدد من الأسئلة الجوهرية الماثلة يومياً في أذهان الناس:
- ((لماذا ارتبط تديين السياسة في العراق بالانحطاط الأخلاقي للسلطة، وبالتدهور القيمي للدولة والمجتمع، وبتشوه معنى الحياة للوجود الاجتماعي برمته؟)).
- ((ولماذا اندفع العراقيون قسراً إلى إعادة تصنيف ذواتهم الاجتماعية على أسس طائفية -وحتى عِرقية- ما قبل مدنية، الأمر الذي دفع باتجاه تفكيك الهوية الوطنية إلى هويات فرعية لا عقلانية؟)).
- ((ولماذا أصبح الإسلام السياسي في العراق منتجاً لنقيض الوظيفة السامية المفترضة للدين، أي منتجاً "مبدعاً" للألم والقبح والعنف والظلم والقسوة والخواء؟)).
ويتناول الكتاب أيضاً بالتفسير مسألة الصلة العضوية بين سلطة الإسلام السياسي وشيوع التدين الزائف في المجتمع، فالجماهير باتت ((تؤصْنِمُ بشراً مثلها ولا تكترث لكرامتها المستلبة؛ تريد أخذ الرشوة من التدين ولا تريد جمال الفضيلة منه؛ تسعى لأن تديم ارتهانها لأغلالٍ من صنع مُسْتَدْينين فاسدين، لأنها تخاف انعتاقها وتكره علاقتها الحرة المباشرة البسيطة بالكون الأزلي الذي انبعثت منه)).
كما يقدم الكتاب تحليلاً للكيفية التي قطف فيها الإسلام السياسي ثمار الثورات المدنية العربية (الربيع العربي)، متناولاً الفراغ الهوياتي- الوجودي الذي استثمره الاسلامويون لدفع الفرد العربي (( إلى ارتداء الهوية الـتأسلمية على عجالة ما دامت تحقق له أمناً نفسياً في لحظة قلق مريرة تشهد فيها أعماقه صراعاً لا شعورياً دفيناً بين أنماط هوياته المحتملة)). |