صدرت عن دار المدى في دمشق المجموعة الشعرية الخامسة عشرة للشاعر ياسين طه حافظ وحملتْ عنوان (..ولكنّها..هي هذي حياتي) ، ممتدة على 142 صفحة من القطع المتوسط..
وضمّت المجموعة 29 نصّاً تباينت ما بينها في الطول والمواضيع، لكنّ أغلبها كان يتمحور عن الذاكرة، وبورتريهات شِعرية (إنْ صحّت الصفة) لأشخاص عايشهم حافظ في "حياته" التي قدّمها بهذه المجموعة.
قصائد المجموعة كُتبت في سنوات ما بعد 2003، وهي تتلو مجاميعه (عالم آخر، ما قاله آخر الخطباء)، وهي تغاير "المزاج" الشعريّ الذي يكتب فيه حافظ نصوصه وهذا ما يتوضّح لقارئ المجموعة بدءاً باهدائها إلى (الشعراء الشباب) بقوله :
"أحبّ أرواحكم الفتيّة / أحبّ اللمعان القويّ / الجريء، والخجول، / في عيونكم وكتاباتكم".
نصوص المجموعة يجري عليها اشتغالٌ في الذاكرة، مكان الطفولة حاضرٌ وبشدّة لدى حافظ وهذا ما لمْ يتضّح بصورةٍ كبيرة، على الأقل بأعماله الشعريّة التي جمعها بمجلّدين صدرا منتصفَ تسعينيات القرن الماضي :
"كيف حفرَ السجناء الشيوعيونَ نفقاً من سجن
بعقوبةَ إلى خارجه.
لقد مرّ النفق قرب بيتنا ولا ندري.
كيف تمّ الحفرُ؟ كم استغرق، كيف استطاعوا
ستر بدايته ولم يُكتَشَف؟ كيف حرّروا أنفسهم؟".
كما أن المجموعة تنقلُ "إعادة نظر" بمفاهيم أحاطتْ ببعضٍ من نصوص حافظ سابقاً، خصوصاً مرثيّته المطوّلة للمفكر اليساري كامل شياع (1954-2008)، حيث يقول بعد تصاعد نبرة الاحتجاج والغضب النسبيّ في القصيدة:
"يا أيّها الرجلُ ابتأسنا حدّ أن نبكي،
فذاك (المنجلُ) المرفوع يحصد من رقاب ذويهِ
يُطعمُ غولة التاريخ علَّ الشمس تأتي وهي
تهربُ..، علّهم يَصِلون، حتى جاءهم خبرُ
ليوقفَ دورةً للأرضِ: إن قلاع مأربَ
كلُّها سقطت وإن الفأر ملتذٌ بـ(رأس المالِ)..
|