نقاش |
انتهت المهلة التي طلبها المالكي من المتظاهرين ليتمكن من النظر في مطالبهم واجراء الإصلاحات اللازمة في قطاعات الخدمات والنظر في قضايا المعتقلين وإيجاد فرص عمل للشباب وإطلاق حريات التعبير، وإقالة المحافظين المقصرين وإحالة الوزراء والمسؤولين الفاسدين إلى المحاكمة.
المطالب بدت أكبر حجما من ان يتمكن المالكي من حسمها في الموعد الذي حصر نفسه فيه، وهو السبب الرئيس في دفعه لاحقا إلى التأكيد على أن مهلة الـمائة يوم التي حددها ستكون بمثابة بداية للإصلاح فقط.
المظاهرات التي اندلعت في مختلف أرجاء العراق منذ 25 شباط فبراير الماضي وطالبت بإقالة المحافظين ورؤساء مجالس لم تحقق شيئا في هذا المجال فيما عدا إقالة محافظ واسط لطيف حمد الطرفة ومحافظ البصرة شلتاغ عبود ومحافظ بابل سلمان الزركاني، والأخيرين قدما استقالتهما تحت ضغط هتافات المتظاهرين قبل طلب المالكي مهلة المائة يوم، وكلاهما عضو في حزب الدعوة.
وتمكن باقي المحافظين من الاحتفاظ بمناصبهم رغم تكرار المطالبات باستقالتهم ومنهم صلاح عبد الرزاق محافظ بغداد القيادي في حزب الدعوة، وكامل الزيدي رئيس مجلس محافظات بغداد فضلا عن محافظ الموصل اثيل النجيفي.
المالكي أعلن أيضا عن عزمه جراء انتخابات مبكرة لمجالس المحافظات في غضون ستة اشهر، لكن أي تحرك جدي في هذا المجال لم يحصل حتى اليوم.
الأمانة العامة لمجلس الوزراء أعلنت على لسان أمينها العام علي العلاق قبل أيام أن المهلة التي منحها المالكي للوزارات لتحسين أدائها أتت ببعض النتائج، وأن "وزارات العدل والصناعة والمعادن والصحة والمالية والبلديات والأشغال والشباب والرياضة كانت من أبرز الوزارات التي قدمت خططا بتوقيتات محددة وحققت أهدافا متعلقة بمهلة المائة يوم".
أما وزارتي الكهرباء والعدل، أكثر الوزرات حاجة للإصلاح بنظر المتظاهرين، فلم تظهرا في جردة أمانة رئاسة الوزراء، ولم تكن ضمن الوزارات المتجاوبة مع الحكومة.
العلاق الذي بدا متفائلا بأداء الوزارات تحدث بثقة عبر شاشات التلفاز قبل أيام عن تناقص معدلات تقاضي الرشا في المؤسسات الحكومية، وأكد في تصريحاته على أن الوزارات التي سبق ذكرها تقدمت على باقي الوزارات الأخرى طبقا للمعايير المبدئية التي أعدتها الأمانة العامة لتقويم أداء الوزارات والمحافظات بعد انقضاء مهلة المائة يوم.
أحد كبار المسؤولين في وزارة الكهرباء استغرب من استثناء امانة مجلس الوزراء لوزارة الكهرباء وقال لـ"نقاش" إنها "قدمت خطة متكاملة من ثلاث نقاط رئيسة قبل انتهاء المهلة".
أولى تلك النقاط كان اعتماد الوزارة التوزيع العادل للكهرباء بين الأحياء السكنية في بغداد والمحافظات وبين المدن والقرى، والثانية توقيع عقود مع شركات كورية لتنفيذ ربط منظومات كهربائية وصلت الى العراق مؤخرا من قبل شركة سيمنز الألمانية، أما الإجراء الثالث فهو تزويد محطات التوليد الأهلية بالوقود مجانا شرط أن يتم تشغيلها لمدة 12 ساعة يوميا.
المسؤول ذكر إن الوزارة باشرت تنفيذ النقطة الاخيرة في المشروع في بعض الأحياء السكنية في بغداد بالتعاون مع وزارة النفط، لكن مواطنين يقطنون أحياء سكنية مختلفة في بغداد أكدوا لـ"نقاش" على أن المولدات الكهربائية في مناطقهم لا تعمل سوى ست ساعات يوميا، ساعتين أثناء النهار وأربع أخرى في الليل، الأمر الذي يبرر عدم ذكر العلاق لإنجازات وزارة الكهرباء.
القضية الأخرى الأكثر إلحاحا في مطالب المتظاهرين كانت معالجة الفساد الاداري والمالي وتقديم الوزراء والمسؤولين الفاسدين إلى القضاء.
لكن المخطط البياني الموجود في أمانة مجلس الوزراء الذي أعدته لجنة التدقيق والمتابعة لاداء الوزارات في الأشهر الثلاثة الماضية أشار إلى أن هيئة النزاهة لم تتناول أية قضية مهمة تتعلق بالفساد داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية خلال الفترة الماضية.
هذه المؤشرات دفعت المالكي الى التحرك بشكل شخصي على الموضوع وتحريك مجموعة من القضايا أولها كان زيارته لمديرية الجوازات العامة التابعة لوزارة الداخلية في 17 ايار مايو الماضي ووضعه اليد على عدد من قضايا الفساد.
أما التحرك الثاني فحدث في 31 من الشهر نفسه عند زيارته لمصرف التجارة العراقي واكتشافه مجموعة من قضايا الاختلاس، تم على إثرها إصدار قرار قضائي باعتقال مدير المصرف حسين الازري الذي غادر إلى بيروت سرا.
ما بدأه العلاق حول مهلة المالكي وما تحقق فيها أكمله الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ الذي كشف عن مصادقة مجلس الوزراء قبل أيام على مشروع قانون حرية التعبير عن
الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي المدقق من قبل مجلس شورى الدولة وإحالته إلى مجلس النواب، فضلا عن تخصيص 200 درجة وظيفية كعقود لتعزيز الكادر الوطني في وزارة حقوق الإنسان، وهي خطوة جيدة حسبت للمالكي الذي طالما اتهم باعتقال المتظاهرين والتصفية الجسدية لبعض الناشطين.
الدباغ أكد على أن التقييمات التي تقدمها الكتل السياسية لوزاراتها لا تأخذ بالحسبان، وان الجميع سيكون خاضعا لتقييمات مجلس الوزراء.
أما المالكي الذي أعلن أنه سيقيم اخفاقات ونجاحات كل وزير بشكل علني بعد انتهاء المهلة، فلم ينفي أو يؤكد ما تناقلته بعض الأوساط السياسية حول احتمال اقدامه على خطوة ترشيق الحكومة عن طريق إلغاء عدد من الوزارات التي استحدثت بهدف الإرضاء السياسي للكتل. |