الصحراء والفودكا يحلم بالصحراء بالرمل بالشوك بالشموس التي تحفر ارض الصحارى/ كلّ يوم يحتسي الفودكا بعصير الطماطم ويلعن الثلج يلعن البرد والرياح... لكنه حين شدّ الرحال الى الصحراء، وجدها صحراءَ حقاً/ مجرّدة من الجمال وخيام الوبر والبداة/ ليس سوى أفق صحراويّ/ ليس ثمة طير ولا حداء ينيم المخاوفَ/ ليس هناك إلآ هذا الغبار الأحمر والرمل الجارح الذي يجرف العيون ويحلق في الآفاق الحارقة.
الوطن يقيم في المنفى مهاجرون/ تركوا وراءهم أنسامهم وأصيافهم وشجرات الطفولة/ تركوا وراءهم الحارات وحانات المدينة والمقاهي الليلية/ حملوا فوق أكتافهم سماء قراهم وبعض سواق ٍ وبساتين صغيرة/ وضعوا في حقائبهم تذكارات ٍ قطعاً من ظلال/ روائح من جبل/ نتفاً من ضفاف نهرية/ كسراً من حكايات/ رقىً خضراء/ قوالب خرّيط/ بساط قيلولة/ صور أئمة وقديسين/ ورحلوا الى حيث/ يقيم الوطن في المنفى.
وداعا للحرارة. الداءُ هو هذه الشتاءاتُ/ قوّضني البردُ وهدّ الثلجُ حياتي... لكمْ هو باردٌ هذا العالم؟ لكم هو جلف وبخيل/ باردٌ هذا الحنان، مثلجة هذه الأصوات/ لا حرارة َ في هذا النداء/ خائرة تلك الابتساماتُ والشفاه يابسة ٌ/ لا حميمية َ في هذه المصافحة/ لا عناقَ في هذا اللقاء، أقول: وداعاً للحرارة وداعاً و د ا ع اً ودع ................./
معراج الديّوث تواريتُ عنهم حتى شففتُ/ حتى شفّ جسدي وصار لا يرى، مذاك جاء الصاعدون – الباحثون عن المخلفات – المقنعون بالثأر – الرجال الجوف – البالغون شأواً في الأباطيل – الضالعون في الفتافيت واللقيمات والأعطية الصغرى – الساهرون على حياة المسوخ – المرئيون بغلاظة – البشعون الذين يحبون الصعود بمؤخراتهم الى معراج الديّوث وتجليات المؤابي. فخ الضياء حبيبتي وقعتْ في شباك الزبرجد، وقعتْ في كمين الزُمرّد ِ/ أهذا هو فخّ الضياء؟ ها هي ذي ملتبسة بالنور/ ولا أعرف هل هي متوّجة به أم مكبّلة؟ وأنْ حاولتُ تخليصها هل سأصابُ بالضوء أنا المعتم دائماً.
مسار القلوب هذه القرى مطوقة بالدعاء والقبل والأغنيات/ الربّ يحرسُ مداخلها والملائكة على بابها يقفون/ هذه القرى مزوّدة بالأجنحة والسيادة في أجوائها للعصافير/ الفراشاتُ تداعبها والنجوم ترسل لها التحيات والأطفالُ يلونون نوافذها/ الجنادبُ تحيط باشجارها وتصرّ في الأجمات/ هذه القرى – النماءُ يضربُ تربتها فتجري الحقول في شراييننا مغيرة مسار القلوب.
العلاج بالرؤى أعالجُ نفسي بالرؤى بالزهد بالإشراقات/ أنوّم أصابعي، أخدّرُ صوتي، وأستسلمُ كليّا للأعالي/ المستترُ هو دوائي وبالمخفيّ تشفى جروحي الظاهرة/ اللامنظور يؤكد بلسمه فيّ/ يركز حقاً رحيقه في جوانحي ويبثّ المطلقُ طاقته حول الشغاف... لهذا شغفتُ برضاب البعيد، شغفتُ بغلالات محجوبة.
نجوم وبطاطا فيما مضى حين كنتُ هنا/ كان الحجر يغرّدُ/ الرملُ يبتسمُ/ كان الشجر في حال من يغني/ كان الناسُ في وضع ملائكة/ كان الماءُ ضحضاحاً ومنشرحاً يخترق تراب الزمان/ كانت في الحقل نجوم بجانب البطاطا/ في البستان ِ مرايا الى جانب الغصون/ الآن... حين جئتُ الى هنا/ وجدتُ الزوبعة تزوبعُ المكاااااااااااااااااان .
معمل النسيج دون أن يراني أحدٌ/ سكبتُ حياتي في القصيدة/ ملأتها بهاشم وغيره/ بالذي (يسوه والميسوه) بالخطأ والصحيح بالصدق والكذب بالشك والحقيقة بهتلر والأم تيريزا بستالين ونلسون مانديلا بالشاي والكحول بالزهور والمسامير بالمخدرات والمنبهات بحضيري أبو عزيز وبوب مارلي بصوفيا لورين وزينات صدقي/ إذاً دون أنْ يراني أحدٌ ، سكبتُ كياني في القصيدة/ ملأتها بعواصف قلبي، بساقية طويلة من مشاعري، بجبال من الأحاسيس، بأبواب كبيرة مفتوحة على الأسى والحب، بنوافذ مصنوعة بدموع الحزن والفرح، وجعلت التفاصيل فيها شبكية/ وسطورها تنتسج كخيوط في معمل من نسيج. الثبات القاتل قلتُ لهم علقوا هذا النهر في الهواء/ علقوا هذه الغابة في أحد الجبال/ إنقلوا المدينة الى الأفق/ إتركوا الضباب للمجوهرات/ قلتُ لهم إفلحوا سماءكم/ إسقوا الصخر والحصى دعوا الأشكال تتغيّر/ دعوها تتفوضن/ أنّ الثبات سوف يقتلكم . |