صدر للشاعر والناقد العراقي المقيم في السويد "سيرة اللامرئي في الرسم (من آل سعيد إلى هيمت)" عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. من اجواء الكتاب الذي يقع في 205 صفحات ملونة من القطع الكبير: "في مرحلة مبكرة من حياتي بدأ شغفي بالرسم من جهة كونه (كما كنت ولا أزال أعتقد) محاولة رسولية لاستخلاص الحقيقة من جوهر عياني، مادته الوهم. بهذا المعنى يكون الرسم قد أعانني على فهم الكثير من الظواهر التي كانت ترافق الأشياء والكائنات والوقائع من غير أن تكون جزءاً منها. كانت الرسوم توحي إليَّ بأكثر مما أطيق أو أقوى على تأويل أشكالها الثابتة. لذلك فقد كنت أتحاشى في كل ما كتبت التفكير في لذة المشاهدة باعتبارها حدثا قابلا للتفسير. ما الذي يحدث لنا بسبب الرسم ومن خلاله؟ سؤال تتبعه حياة كاملة، لا غرابة في أن تكون منفصلة عنه. حياة تتشكل بتأثير من ذلك السؤال من غير أن تتمكن من القبض على مادته واعادة انتاج تلك المادة.
كان الرسم يهدي خطواتي الى مناطق لا تصل إليها عيني المباشرة. ولهذا السبب لم تستهوني التيارات الفنية التي تنادي بالواقعية التصويرية. تلك التيارات التي كانت تزعم أن مظهر الشيء انما يجسد واقعه، وهو قول يغفل حقيقة الشيء باعتبارها معيارا لواقعيته المتحركة والمتغيرة. لذلك فقد نشأت في مقابل تلك التيارات واقعية مفارقة تستند إلى ما لا يظهر من الشيء إلا في حدود المتخيل والاسطوري والنابت في مناطق لا يمكن الوصول إليها حسيا