|
|
كتاب جديد للدكتور خالد السلطاني: عمارة ومعماريون |
|
|
|
|
تاريخ النشر
14/04/2010 06:00 AM
|
|
|
يهدي مؤلف "عمارة ومعماريون" د. خالد السلطاني كتابه الصادر حديثا (2009) عن دار الشؤون الثقافية في العراق، الى: "الى محبي العمارة.. وقرائها"، وبهذا الاهداء، فان المؤلف، اختار نوعية وطبيعة "المرسل اليه" وخصوصيته المعرفية، الموجه اليه نصوص كتابه المعماري. اذ يفترض ان المتلقي غير المتخصص في شؤون العمارة والعمران، هو المعنى اساسا بهذا الكتاب؛ وان بمقدور الاخير ان يؤسس لذات المتلقي طبقة ابستمولوجية في ايركولوجية المعرفة الانسانية الشاملة. جاء الكتاب بـ 312 صفحة من القطع الكبير، وتضمن ملحق صور ملونة لنماذج العمارة الوارد ذكرها في نصوص الكتاب. ادناه مقدمة كتاب " عمارة ومعماريون":- تطمح نصوص كتاب "عمارة ومعماريون"، اساسا، بلوغ هدفين: اولهما تكريس الثقافة المعمارية في اوساط عديدة ومتنوعة. والامر الآخر الاحتفاء بمبدعي ذلك المنجز المفاهيمي الجميل، الذي ندعوه "عمارة"؛ المفهوم الذي يفترض ان يكون معناه وطبيعته وغاياته معروفة وقريبة للجميع، بحكم تعامل الجميع مع الفعالية المعمارية، سواء كانت في مجالات السكن، ام العمل، ام الراحة. وهي الانشطة الحياتية الرئيسية التى "يتعاطى" معها الانسان، اي انسان. بيد أن هذا التعاطي المتلازم بين العمارة وشاغليها، لم يفرز تصوراً كافياً عن حقيقة كينونتها وكيفية عملها، ناهيك عن معرفة تياراتها ومبدعيها. وليس المجال، هنا، مناسباً لتفصيل اسباب نشوء تلك التصورات الضبابية عن العمارة. على اننا سوف لا نكون مغالين او "بلاغيين"؛ اذا طرحنا سؤالاً نستفسر به عن مفهوم العمارة، وطبيعة منجزها التصميمي في بدء قراءة صفحات كتابنا هذا. سؤال نتوخى منه، صدقا، الاجابة عن هذه الفعالية الابداعية والاحاطة بها؛ وليس مجرد "سؤال بلاغي"، كما دأب الاغريق على طرحه، بمعنى سؤال لا يبتغي طرحه رداً او اجابة. وفعلا، ماهي "العمارة"؟. اي ماهو الشئ الذي يجعل من " العمارة" – "عمارة"؟!. لا يمكن الركون لجواب شاف ٍ واف ٍ عن مفهوم العمارة، اذ ظل هذا المصطلح متحولاً ومتغيراً، طبقاً لنوعية الثقافة وخصوصيتها التي تنتج مفاهيمها الخاصة عن مختلف طبيعة الاجناس الابداعية بضمنها، طبعا، المنجز المعماري. فالعمارة لدى "البرتي" (1404-1472) L.B. Albarti.- وهو احد اعلام ومعماري عصر النهضة – هـي الزخـرف او التزييـن؛ في حين يحددها "لو كوربوزيـه" (1887-1965) Le Corbusier، وهو كما معلوم، احد اهم معماري القرن العشرين- بانها "الفضاء المحصـور"؛ مشددا على كلمة الفضاء؛ في حين يرى "بيتر ايزنمان" (1932) Peter Eisenman معمار ومنظر مابعد الحداثة، بان العمارة عليها التخلص من اوهام ثلاثة وهي "التمثيل" و"التاريخ" و"المنطق" حتى يكون بمقدور منجزها ان يتساوق مع عصرها: عصر مابعد الحداثة. وتعطي العمارة الاسلامية مدلولها الخاص لهذا المصطلح بانه السيـاق Context؛ السياق البنائي الذي يشبه مجاوراته.. ومناخاته ايضاً. لماذا هذا الاختلاف في تحديد المفهوم؟؛ لماذا هذا التباين؟. لماذا؟ - لان ظاهرة العمارة هي ناتج امتزاج " العلم والفن". بمعنى آخر، انها تجمع ما يتعذر مبدئياً جمعه؛ انها بهذا المعنى بمثابة الصيف والشتاء على سطح واحد!. فمن يقينيـة العلم وماديته الى آفاق التصور الرحبة المتخمة بها المخيلة الانسانية، تتجول العمارة ضمن هذا المدى، خالقة بذلك نتاجها وامثلتها. لكن مفهوم العمارة لا يمكن ان يكون دوما معوماً وهلامياً؛ سيما وان نتاجها هو نتاج حقيقي وملموس، كما ان العقل البشري ميال عادة الى التحديدات، حتى يتمكن من تسهيل ادراك كنه الموضوع المثار وجوهره. مما حدى باحد مؤرخي العمارة الرومانيين وهو "فيتروفيوس" (عاش بين 90-20 سنة قبل الميلاد) Vitruvius الى الاهتداء لتعريف العمارة من كونها مزيجا من دواعي الوظيفية والانشاء والجمال؛ وهو تعريف على الرغم من وسعه وربما تناقضه؛ فانه يخدم بشكل وآخر المعنى العام " للعمارة". وطيلة عقود كثيرة، وحتى قرون من السنين ظل مفهوم العمارة الذي حدده " فيتروفيوس" يفي اشتراطات تحديد ماهية تلك العملية الابداعية. وكمن الاختلاف، اختلاف المقاربات والاساليب، التى طرأت على العمارة ابان الازمنة الماضية، في تراتبية ومراتبية عناصر "الثلاثية" اياها التى ابتدعها المؤرخ الروماني. فمرة تضع العمارة اولوياتها في خاصية الوظيفية، وفي فترة آخرى تهتم بصورة اساسية في الانشاء، وفي مراحل زمنية كانت السمة الجمالية تعد من اولى اولويات الفعالية المعمارية. لكن "لعبة" تبادل المواقع التى مارستها العمارة عبر قرون انقطعت فجأة وبصورة دراماتيكية، عند ظهور طروحات مابعد الحداثة ومحاولة اسقاط مفاهيمها على المنجز المعماري، الذي كان لوقت قصير يستقي مرجعياته من مصفوفة مفاهيمية مختلفة جذريا ومتقاطعة مع رؤى مابعد الحداثة. وخلاصة القول ان العمارة الان، شأنها شأن كثر من الاجناس الابداعية تتعرض الى "خلخة" معرفية جذرية وشاملة في المفاهيم والمرجعيات؛ ما افضى الى نشوء عمارة ذات لغة ومفردات تكوينية تتأسس جماليتها واشكالها من نتائج تلك " الخلخلة" المعرفية. وما نشاهده راهناً، من أمثلة عمارة ما بعد الحداثة، التى تتخطى بانتشارها واساليبها مختلف "الحدود" الجغرافية والثقافية والقدرات التكنولوجية المحلية، يتعين ادراكها انطلاقاً من عدم اسقاط معايير الامس عليها، التى كنا نقيمّ، وفق مسطرتها، الناتج المعماري المتحقق. يتضمن الكتاب بابين رئيسيين، احدهما مكرس الى المنجز المعماري، والآخر الى مبدعي ذلك المنجز. الاول يشمل "ثيمات" عديدة لتنويعات "تايبولوجية" مختلفة تتمظهر في نماذج تصميمية منفذة وغير منفذة، وتعود الى ثقافات عديدة؛ بعضها يخص العراق، والبعض الآخر لمواقع مجاورة للعراق، والقسم الثالث في اماكن بلدان عربية وغير عربية. والنماذج المعمارية التى سوف يطلع عليها القارئ غير محصورة في فترة زمنية محددة، لكن قراءتها واستنطاق قيمتها التكوينية يتم وفق رؤى نقدية حداثية واحيانا ما بعد حداثية، وكلها تبتغي اضاءة المنجز المعماري من وجهات نظر ونقاط متعددة، تتيحها الان آليات النقد المعاصر. لا انوي، بالطبع، ان اعيد عنواين محتويات الباب الاول، او تبرير اختيارات مواضيعه. فالمهمة المعرفية التى يتوخاها الكتاب تجد ذريعتها، في اعتقادنا، في مثل تلك "الفرشة" الواسعة من المواضيع المختارة. انها تشمل قراءة جديدة لمنشآت منسية، لكن أهميتها المعمارية ما فتئت حاضرة، في اسلوب عمارتها وفي تنوع لغتها، وجراءة قرارتها التصميمية. كما ان بعض تلك المواضيع تغطي احداثا معمارية مؤثرة، احداث ارست اتجاهات هامة ومميزة في الخطاب المعماري، ما يسوغ قراءتها مرة اخرى وتناولها ضمن مفردات كتابنا هذا. يسعى الباب الثاني من الكتاب وراء ترسيخ تقليد معماري، نزعم باننا ساهمنا في ارسائه في الخطاب الثقافي المحلي، ويكمن في مبادرتنا الشخصية بالاحتفاء بمبدعي " النص" المعماري، مثلما ما هو متعارف عليه في مناسبات الاحتفال بمبدعي نصوص الاجناس الثقافية الاخرى. ولئن كان امراً عادياً وحتى شائعاً الان الاحتفاء بمنجز الفنانيين التشكيليين او الادباء او حتى تناول سيرة الشخصيات السياسية المؤثرة، فان ما كتب عن منجز المعماريين العراقيين ظل شحيحا ان لم نقل معدوما ومغيباً؛ وهو، بلاشك، نقص معرفي فادح، لا يتناسب مع جهد المعماريين العراقيين المميز، وخصوصية ابداعاتهم الفريدة واحياناً الرائدة في حقل اختصاصهم. سيلتقي القارئ وجها لوجه مع "جعفر علاوي" و "محمد مكية" و "رفعة الجادرجي" و"قحطان عوني"، و"قحطان المدفعي" ومنجزهم التصميمي؛ كما سيقرأ عن "عبد الله احسان" كامل العراقي و"علي لبيب جبر" المصري، كمحاولة اولى في أدبيات النقد المعماري العربي ترصد تجربتين غنيتين، تمتلكان مرجعية معمارية واحدة، هي مرجعية الحداثة. بالاضافة الى التعرف على "اوسكار نيماير" البرازيلي ومنجزه المعماري فائق الاهمية. وضمن اؤلئك سنتعرف على "خالد القصاب": الشخصية الفنية والمهنية المتعددة المواهب، رغم انه غير معماري، لكنه يُعرّف كمحب للعمارة والرسام الرائد لنماذجها الحديثة في المشهد الفني العراقي.
عن "ايلاف" |
|
رجوع
|
|
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|