|
|
السيدة سين |
|
|
|
|
تاريخ النشر
08/03/2010 06:00 AM
|
|
|
مثلما يتجمد الماء في درجة الصفر المئوي ويتبخر في درجة الخمسين دون أن نجادل في ذلك، فلا جدال في أن لكل من الرجل والمرأة اهتماماته وهواجسه وقدراته الجسدية. لهذا من الصعب أن يعرف الرجل كيف تفكر المرأة ومن الصعب أن تعرف المرأة كيف يفكر الرجل، ولهذا أيضاً تكون ردود أفعال كل منهما مختلفة عن ردود أفعال الآخر، وإذا ما اختلط الأمر وتشابهت ردود الأفعال أو - تشبّهت ببعض- قلنا على المرأة مسترجلة وعلى الرجل مخنثاً. أنْ يتصرف كل واحد منهما وفق طبيعته وخصائصه يعني أن يختلف أحدهما عن الآخر. فالمرأة أكثر تواضعا فيما يخص قدراتها الجسدية وأكثر إهتماما بهذا القدرات وإدامتها بكل الوسائل المتاحة من (الدلع والدلال) إلى المتابعة الصحية واستخدام الأعشاب والوصفات الشعبية. أما الرجل فعليه أن يتظاهر بالقوة حتى وإن لم يمتلك القوة، وأن يتفاخر بها حتى إن كان ضعيفا ومهلهلا من الداخل. وانظروا إلى صورة الأبطال الرجال في الأفلام السينمائية ستجدونهم من الذين يقهرون المشكلات ولا يمكن قهرهم ونادرا ما يصابون بالأذى. وربما بسبب عدم الاعتراف بنقاط ضعفه والالتزام بالوقاية من الأمراض، يموت الرجال قبل النساء بمعدل خمس سنوات. وكمثال بسيط على ذلك (ومن باب الطرافة لا التعميم) فان رشدي أباظة وفريد الاطرش وعبد الحليم حافظ وشكري سرحان وعماد حمدي وفريد شوقي ومحمود المليجي وأحمد مظهر قد ماتوا قبل صباح وسامية جمال وشادية وفاتن حمامة ونادية لطفي وسميرة أحمد ومديحة يسري. في هذا الإتجاه وجدت إنسي الحاج يعتقد إن قناع الرجل مصنوع من النفوذ بينما قناع المرأة لاصنعة فيه لأنه هو الوجه نفسه ،هو روحها ووجودها السابق لوجود الرجل .....هكذا تبرق كلماته في خواتمه إذ يقول:(القناع هو روح المرأة ..إنه هو الفرق بينها وبين الرجل وبين جميع كائنات الطبيعة ،للرجل قناع ،بلى،ولكنه مصنوع من النفوذ أوالوجاهة ،السلطة أو الإجرام،الرياءأو الذكاء ،البسالة أوالإدعاء ،قناع المرأة ابن طبيعتها،وقد عززه نداء ملايين السنين،روح صادر من أعمق أعماق وجودها،وجودها السابق للرجل ،والمختلف كليا ،في حلمه وفي دعوته، عن مشروع الرجل) انتهى الإقتباس. بالإضافة إلى التظاهر بالقوة، عادة ما يهتم الرجل بموضوع واحد للمرة الواحدة وأحيانا يصعب عليه الإحاطة باكثر من موضوع حتى لو كان يخص أولاده بينما المرأة يمكنها الإحاطة بمختلف التفاصيل وعمل أكثر من مهمة في المرة الواحدة، لهذا نراها دائمة النشاط والحركة داخل بيتها، بل هي التي تتابع شؤونه المتشعبة ابتداء بالطبخ والتنظيف وانتهاء بطلبات الأولاد وواجباتهم الدراسية. يمكن أن نقول إن المرأة تملأ الفراغات المهمة التي يتركها الرجل، فهي تعتبرها أكثر أهمية من المتن.. لهذا عندما تكتب المرأة فإنها تعنى بالمشاعر وتنتبه للتفاصيل التي يصعب على الرجل الاحتفاظ بها في ذاكرته بل يضيق بها ويعتبرها (شغل نسوان). التاريخ، بسبب أحاديته الذكورية قد حرمنا من معرفة (شغل النسوان) هذا، فلم نر العالم إلا من وجهة نظر الرجل وهذا الرجل هو في نهاية المطاف جزء من المجتمع الذكوري الذي يقوم علي استصغار المرأة وتهميش قدراتها العقلية وعدم النظر اليها مناوئا او ندا للرجل وقد ورث الكثير من المثقفين هذه النظرة الى المرأة وقلة منهم فقط من يشعر بهذه الندية او يعترف بها، الأمر الذي يجعل هذه الاكثرية قلما تستشهد او تقتبس او تُحيل للكاتبات من النساء في المقالات التي يكتبونها او الحوارات التي تنشر معهم كما انهم نادرا ما يذكرونها في سياق الحديث النوعي عن الاجيال والظواهر والاتجاهات الادبية ويكتفون بالاشارة اليها، وبسخاء، عندما يسألون عن رأيهم بالكاتبات من النساء فقط . والآن يشهد العالم العربي ثورة غير مسبوقة في مجال الأدب الروائي الذي تكتبه المرأة وعندما يرى ويكتب ويروي هذا الكائن الذي أُغلقت دونه كل النوافذ فيما مضى سيجعلنا نرى العالم مرة جديدة من إتجاه آخر هو إتجاه القلب ، وقد يتضايق بعض الرجال من هيمنة هذه الثورة ويبخسها حقها، دون أن يدرك هذا البعض أن قمعه للمرأة هو الذي جعل منها كائناً ثانوياً. والآن عندما يتحدث هذا الكائن(الثانوي) يتشوق الجميع لمعرفة ماذا يقول.. وكم جميل أن يكتب إنسان عن العالم من جهة القلب والوردة وأن يرويه كما لو كان يراه للمرة الأولى. الغريب إن هذا الطوق السميك من الريبة وتقليل الشأن قد تفرضه على الكاتبة أحيانا النساء من بنات جنسها قبل الرجال ...ويكن هن أول من يبادر الى إتهام المرأة بإرتكابها ثقافة العيب والخروج عن العادات والتقاليد فيكون على الكاتبة في هذه الحالة أن تكون حاضرة على الجبهتين ولاتفرط بأحدهما على حساب الاخرى .. المرأة قد لاتبخس المرأة حقها في الكتابة فقط ولكنها أيضا قد تفضل اللجوء الى الطبيب والمحامي والمهندس بدلا من اللجوء الى الطبيبة والمحامية والمهندسة ......أنه تاريخ ملبَد ومتراكم من السكون والركون الى تاريخ من مواضعات إجتماعية أدلجها الرجل وهيمن عليها وحولها الى ثوابت ومسلمَات ..والخروج من هذا التاريخ لايحتاج إلاَ لثقب صغير تصنعه دودة قز خضراء طرية الأهاب تتوق الى التحرر من الشرنقة لتتحول الى فراشة تطير في العالم وتراه للمرة الاولى. |
|
رجوع
|
|
مقالات اخرى لــ ميسلون هادي
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|