متنكرّين نعيش أياماً مرقّعَةٌ على أملٍ بان نلقى ممرّاً للخلاصِ ، وكل شيء حولنا يزدادُ سوءاً .
قد توسّلنا ، انحنينا للتراب ، لعلنا نحظى بحب الله ، يمنحنا حمايتَهُ ويُنقذنا من الشرّ الذي يأتي ، وقبّلنا المراقدَ : يا الهَ الكونِ انقذنا ! وعدنا دونما أملِ .. ننساق منتَهكين للظل المهدَّد باختراق الموت – هل أحدٌ يفسِّرُ هذه الاحلامَ؟ لكن الكوابيس الكبيرة لاتُفَسَّرُ حين تُمطِرُنا بقتلى والدم المسفوحُ يرسمُ فوق ايدينا محاذيراً وفوق الارض موعظةً أبقى وراء الحائطِ : احتشدت على اوجاعه : خِرَقٌ- ضِمَادات ، رقى بَليَتْ- شعاراتٌ أُبادِلُ بعض ألفاظي ببعضٍ ، علّني ألقى جواباً ، علني أحظى بومضٍ قد يفرُّ من الحروفْ . لا ليس للشعر الكلامْ احكامُهُ تُلغى بشفرات الحقائقِ – تلك مقبرةٌ مفتوحةٌ أبوابُها. ومساؤنا ، خالٍ بلا صوتٍ ، ولا نَسَمِ ، كأنْ يمتد ظل الموت ، اسمعُهُ وأُحسُّه يأتي .. ، فراغٌ ! ليس من أحدٍ إلا بقايا القش فوق الماء يطفو ، غيرُ امكنة لنطبع فوقها الاقدامَ ، نعبُرها هذي قبور حولنا . الاحراش قد ضمنت طعاماً للشتاء. وهذه الدنيا تقوّض سقفَها الأنواءُ. حاولنا نعيد صناعة الاشياء ، حاولنا ، وكانت تضحك الأحجار في يدنا وترجع مثلما كانت ترابْ . وأنا نزفتُ الشعَر كي أُدني وأُبعِدَ ، كي أُعيد غزالة ضوئيةً قُتِلُتْ امام البيتِ أرفع رأسها واعيدها. مقتولةً ! هل تقبس الكلماتُ ضوءَ اللهِ ؟ قد تَعِبَتْ كفي من الكلماتِ ، اكتبها وامسحها وأعودُ ، بعد النضح ، اكتُبها وانتظرُ التماع الومض . اية حرفةٍ! مرّت حياتي كلها اترقّبُ اللمْعَ الذي يأتي، تعبتُ من الكتابةِ. هذه الاشعار جاءتني بكل كوارث الدنيا ليسمو الشعرُ ، كي تتكشَف الاسرارُ ، كي تعرف ما الارض التي نمشى عليها ، ما الحياة وما وراء القهقهات الصُفْر والتقبيلِ والصخب الكثير- عبارتي عثرَتْ ! هنا جثت فوق السطور تنامُ ! مفزعة حقائقُنا . وما أوتيتُ من لغةٍ ، صراخ ، أو اشارات ودقات على الابواب مغلقةً، ما أطلعت شيئاً . كما في البدء ، اجتاز الغمامة كي انال رغيفَ يومي ، مثلما في البدءِ مازالت عيوني نحو باب الله ، باب اللهِ مغلقةٌ أتوسّل الاوغاد كي يرضوا لا خدمهم ، وتلك فجيعةُ العصر المخيفةُ . ما يقول الشعرُ ؟ صمتاً ! مرّت الدنيا قطاراً يحمل الموتى ونحن نعيش أرصفةً وخوفا ... ، هي هكذا الايام نلبسها ونخلعها مهلهلةً ، قرون قبلنا ، والناس تلبس هذه الاسمالَ .. ، هذي محنةٌ . الناس، الارض ، الحياة ، الخبزُ .. كل الخطّ من وجعٍ وقبْحٍ . هكذا نحيا الحياةَ وليس نحياها / يعود قطارُها لحمولة أخرى،. يلوح دخانُهُ ما بين اشعاري .. وادركتُ الحقيقةَ اننا من يستحق العطفَ نحن لنا الرثاء . ارنو الى الرمث الذي يطفو وابتسمُ ابتساماً اخرقاً. بحثا عن المعنى ؟ هنالك آخرٌ مثلي ، وذلك ثالثٌ ... نرنو الى الدنيا وكلٌ ركبتاهُ تحت ذقِنهِ مثلُ شحاذٍ .. وننتظر المروءةَ ، نرقب الفرحَ الذي يأتي وننتظر الحياةَ تطيبُ ...، ظلَّ شتاؤنا مرّا . لو هذه الاشعارُ تصنع بعض حلوىً نستسيغُ بها انتظار الموتِ ، لكن القطارْ وصل المحطةَ ، كل من في الارض يرفض ان يسافر فيهِ : أقواسُ المحطة حلوةٌ والريحُ حانيةٌ تلامسُنا عذوبتُها وزحامُها المكتظ يختزن الحياة وكلَّ فرحتها ، النهارُ غلالةٌ ذهبٌ على الاشجارِ ، ضاحكةً تمرُّ الاوجه العسلية القمراءُ تعبرُ سحرُها معها ... لو اننا نحيا الحياة نظيفةً مغسولةً بالضوءِ بالمطر الذي تتمايل الاعشاب من قطراتِ لذّتِهِ وأنا اهزّ الرأسَ منتشياً مع الاشجارِ يرويها ويُندي حرَّ رغبتها المطَرْ وهناك من يخلو بصاحبةٍ . اني احسَّ الوهج في خدّيَ...، مصطبةٌ تعادلُ في فضاء الله كلَّ مراكب الدنيا : يمدُّ يداً ، تمانع ،. ثم ...، هذي لقطةٌ سيظل يحتفظ الشتاء بها : تبقى الحياة جميلةً ، لو اننا نحيا ، الحياةُ جميلةٌ !
|