|
|
شعراء البصرة في مختارات عراقية ناقصة |
|
|
|
|
تاريخ النشر
04/03/2009 06:00 AM
|
|
|
«غابات الماء» انطولوجيا شعراء البصرة (ديوان المسار - بغداد) كتاب أراد فيه معدّه، علي الفواز، أن يكون «خياراً مفتوحاً» أمام ما يعدّه «تدويناً أنطولوجياً»، الغرض منه «إعادة رسم خريطة» يدعوها بالجديدة للمكان، ومحاوله لإعادة قراءة ما يدعوه «تاريخ الشعر المختلف في وجوهه وتياراته ومرجعياته». ويريد لاختياراته هذه أن تأتي «مفتوحة على تشكيلات الفضاء الشعري»، ملخصاً بهذا الفضاء عدداً من الصفات الرمزية والدلالية. وغايته من ذلك هي أن يتعرف القارئ من خلال كتابه «إلى تطورات النوع الشعري وما حقّق من تحولات نوعية ومعطيات»، مؤكداً ان لعمله هذا خصوصيته التي يحددها في رصد «ما حفلت به الغابة»، وهو يسعى «الى تجاوز ظاهرة الاختيارات» التي ينعتها بأوصاف بعضها يحدّد الطبيعة التي جاءت عليها، وبعضها الآخر يدينها. ذلك أن أنطولوجيا شعراء البصرة - بحسب ما يقول - تنطوي على خطورة كبيرة، ويذكر ما يراه من لغة شعرية لا تكشف عن أسباب ولا تحدّد مفاصل، كاشفاً انه يجمع في مختاراته هذه بين «تجارب شعرائها من الأجيال المختلفة» ممن يجدهم قد انطلقوا بأرواحهم العارية يرثون رموز الماء والحرية والغواية»، على حد تعبيره، فهم، بحسب رؤيته هذه «يتوهجون بأسرار الخيمياء الشعرية القديمة، مثلمــا يمتلكون وسماً عميقاً من جينالوجيا اللغة، تلك التي تركت على سحنات وجوههم خطوطاً من الشمس». ويتخذ من مثل هذا الكلام، غير المحدّد برؤية نقدية واضحة، مبرراً للنقص الذي شاب عمله بإهماله عديد الاسماء (البصرية) ذات الحضور الشعري الإبداعي والتاريخي. إذ لا يمكن، كما يبرر، مختارات ان تسجل إحصاء شاملاً لشعراء البصرة جميعاً، «وأن تقدم خريطة تسميات لكل طرق الحرير التي تزدحم بها هذه الغابة»، كما يقول. وإذا تخطينا حديثه عن البصرة الذي غلبت عليه الصيغ التعميمية وجئنا الى ما يعده «خصوصية منجزها الشعري»، من دون ان يذكر شيئــاً مـــن هذه الخصوصية، سنواجه مسألتيـن، الأولى: تغييب شعراء لهم أهميتهم الشعرية وحضورهم في حقبهم ومراحلهم، سواء من كان من جيل الخمسينات أو الستينات، وهو تغييــب لا يذكر أسباباً مقنعة له بعدما أكد أهميتهم عند ذكرهم في مقدمته، في وقت اجاز لنفسه ان يدرج من الأسماء ما ليس لها ذلك النصيب من الشعر والتجربة الشعرية. أما المسألة الثانية فتتمثل في عدم استناد مختاراته هذه الى منهج واضح في الاختيار (تاريخي أو فني)، فضلاً عن أن النبذ التعريفية المختزلة التي قدمها عن شعراء كتابه لم تكن واحدة النسق، كما يلزم في مثل هذه الأعمال، الى النقص الواضح في المعلومات فيها، والتصحيف والبتر الذي حصل لبعض القصائد، مما شوّه بنيتها الشعرية. ونلاحظ ايضاً ان الفواز مغرم بالمصطلحات، وحتى بتوليدها. إلا أنه لا يستخدمها استخداماً دقيقاً، فجاء بعضها بمعنى لا يريده حين وصف أحد الشعراء في سعة حضوره بأنه أصبح «أبرز ظاهرة صوتية في شعريتنا العربية المعاصره»، وهو يريد المدح لا القدح. وإذا وافقناه في أن الانطولوجيا تقترح «شكلاً من أشكال المتحف»، فإن هذا «المتحف» قد أبقى خارجه الكثيرين ممن كان ينبغي أن يضّمهم في داخله. |
|
رجوع
|
|
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|