شبح الاقتتال الداخلي يطارد الايزيديين في سنجار |
المقاله تحت باب قضايا نقاش / خاص
ثمانية شهور مرت على تحرير سنجار ولم تتحقق أحلام الايزيديين في العيش بسلام، فشبح الحرب الداخلية يطاردهم بعدما صارت مناطقهم ساحة صراع محتدم، وحتى مظاهر الحياة الخجولة تترنح اليوم تحت "حصار" جديد. فوهات البنادق التي كانت مصوبة من خندق واحد ضد "داعش" توشك أن تنقلب على بعضها البعض، فالقوات التي جمعها بالأمس القريب خطر التنظيم المتطرف انقسمت الى معسكرين متصارعين هما حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، ووصلت الخلافات بينهما إلى حافة الاقتتال ما انعكس سلبا على الوضع الانساني لآلاف العائلات الايزيدية في سنجار.
في تشرين الثاني(نوفمبر) 2015، حررت قوات البيشمركة الكردية وفصائل ايزيدية مسلحة بلدة سنجار (110 كم غرب الموصل) بدعم من طيران التحالف الدولي، لكن خلافا سريعا طفا على السطح بين المحررين، الفصائل المرتبطة بحزب العمال الكردستاني (PKK) سيطرت على الدوائر الرسمية والأبنية العامة ولم ترضخ لدعوة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني بـ"الانسحاب من البلدة بحجة البدء بمشاريع إعادة الإعمار". الى الوراء، جذور الصراع متشابكة وتمتد الى جبال قنديل بين العراق وتركيا ولا تنتهي في سوريا. وقدر تعلق الامر بسنجار فان المشكلة تعود الى الثالث من اب (اغسطس) 2014 عندما انسحبت القوات الكردية (البيشمركة والأجهزة الأمنية والكوادر الحزبية) التابعة لحزب بارزاني دون مقاومة امام مقاتلي داعش الذين احتلوا المجمعات السكنية والقرى ثم ارتكبوا جرائم بشعة ضد الايزيديين وصفتها الأمم المتحدة قبل أسبوع بأنها "إبادة جماعية". غالبية الايزيديين الموجودين في سنجار يشعرون بالامتنان للفصائل المسلحة المرتبطة بحزب العمال الكردستاني والتي فتحت ممرا آمنا بين جبل سنجار والأراضي السورية لالآف المحاصرين الذين فروا بعدما فرض داعش سيطرته، ما دفع عددا كبيرا من الشباب الايزيديين للتطوع في تلك الفصائل، الامر الذي اثار مخاوف جماعة بارزاني ودفعهم الى اتخاذ إجراءات متشددة لتحجيم دور خصومهم. http://www.niqash.org/ar/articles/security/3508 خارطة سياسية – عسكرية ما بعد داعش أهم الفصائل المرتبطة بحزب العمال الكردستاني (PKK)، وحدات مقاومة سنجار (YBS) او الحشد الايزيدي الذي يقوده ميدانيا الرفيق مظلوم وهذا اسمه الحركي. ويضم أكثر من ألفي مقاتل يتقاضى نصفهم رواتب من الحكومة الاتحادية العراقية، والى جانبهم هناك فصيل حماية المرأة في سنجار (YIS) يضم نساء فقط. http://www.niqash.org/ar/articles/security/5146/ الفصيل العربي الوحيد في سنجار يسمى (النوادر) ويضم (250) مقاتلا من ابناء عشيرة شمر يتقاضون رواتبهم من الحكومة الاتحادية ايضا ويقاتلون الى جانب وحدات المقاومة. رغم ان النوادر يحظون بدعم زعيم جيش الصناديد السوري حميدي ادهام الشمري المتحالف مع (PKK) في سوريا، الا ان تأثيرهم ما يزال محدودا جدا على الارض، بينما القوة الحقيقية للفصائل الايزيدية التي تمسك بزمام الأمور في أجزاء واسعة من سنجار خاصة جنوب وغرب الجبل، مستفيدين من خبرة مقاتلي حزب العمال الكردستاني في المعارك التي يخوضونها ضد داعش وفي الإشراف على تدريب المقاتلين الايزيديين. الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني يشكل المعسكر المضاد، ولديه من مقاتلي البيشمركة وعناصر جهازي الأمن (الاسايش) والاستخبارات الى جانب الكوادر الحزبية نحو عشرة آلاف، يسيطرون على الجزء الشمالي والشرقي من الجبل ويستحوذون على اهم المناصب الإدارية فيه. ثمة طرف ثالث مهم تمثله "قوات حماية ايزيدخان" الجناح المسلح لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني المنافس التقليدي لحزب بارزاني، تلك القوات يقودها حيدر ششو وتحاول التزام الحياد ولعب دور الوسيط بين المتصارعين لمنع الاقتتال بينهما، حسبما اكد لنقاش باتصال هاتفي داؤود جندي احد ابرز قادة هذه القوة. حصار ووضع إنساني متدهور تحت تلك الرايات المتناحرة يعيش نحو (35) ألف ايزيدي لم تندمل جراحهم بعد جرائم داعش، وغالبيتهم عادوا إلى سنجار مؤخرا أملا في حياة أفضل من المخيمات، لكن الصراع على النفوذ يكاد يعصف بهم. عمليا ثمة ما يشبه الحصار الاقتصادي منذ شهرين. يقول داؤود جندي، ان مساعدات المنظمات الانسانية والمواد الغذائية التي تقدمها الحكومة الاتحادية (البطاقة التموينية) لا تصل الى تلك العائلات، وحتى الشحنات التجارية ممنوعة الا بكميات محدودة جراء التشديد الأمني الذي تفرضه القوات التابعة لحزب الديمقراطي الكردستاني على معبر فيشخابور، كجزء من حربه على الفصائل الايزيدية الأخرى. الزعيم الاداري لوحدات (YBS) سعيد حسن يؤكد ان الحصار يستهدف الايزيديين وتحديدا مقاتلي فصيله "رغم انهم يستمدون شرعيتهم من الحكومة الاتحادية ومقاتلتهم لداعش". في المقابل ينفي قائممقام سنجار محمه خليل العضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني وجود حصار قائلا "لا احد يمنع دخول المواد الغذائية، انما هي مجرد اجراءات يتخذها البيشمركة للحد من نشاط تهريب المواد الغذائية من سنجار الى سوريا". ويعزو خليل التدهور في الوضع الانساني الى غياب الخدمات واستمرار خطر داعش على المنطقة ووجود أحزاب وجماعات مسلحة جاءت من خارج الحدود وتمردت على القانون والنظام، ولا تحترم إرادة سكان سنجار ولا قرارات حكومة نينوى المحلية. نذير اقتتال هكذا تسير الأمور، نبرات متشنجة واتهامات متبادلة وسياسة لي اذرع يتخذها الحزب الديمقراطي الكردستاني ضد الفصائل الأخرى، وترد هي عليه بعناد اكبر ومزيد من التقرب الى الحكومة الاتحادية في بغداد وحزب العمال الكردستاني، كل ذلك وداعش ما زال يطرق أبواب سنجار، ماذا ان انتهى خطره نهائيا. داؤود جندي كان شديد الوضوح بالحديث عن هذا الوضع المعقد : "الأمور تسير نحو الاسوأ ولا تصب في مصلحة اهالي سنجار، لذا نتبنى نحن الطرف المحايد مساعي لتهدئة التوتر بين الطرفين". وقبل ان يختم استدرك : "يبدو لي ان الاقتتال الداخلي آتٍ". |