المقاله تحت باب مقالات و حوارات في
20/02/2015 06:00 AM GMT
لَكأنّ كتاب سامي مهدي " في الطريق إلى الحداثة ، دراساتٌ في الشِعر العراقيّ المعاصر " الصادر عن دار ميزوبوتاميا ببغداد عام 2013 ، في أربعمائة صفحة ... أقول لَكأنّ هذا الكتاب آتٍ من زمنٍ سعيدٍ بعيدٍ ، يومَ كان العراقُ مؤهَّلاً للريادة في أكثر من مَنْشَطٍ . كانت تلك الفترةُ ، محتدَمَ جدلٍ ، في السياسة والثقافة ، واختيار الطريق الأمثل . وعندما يحتدمُ الجدلُ ويحتَدُّ ، يولَدُ النقدُ . إذْ لا نقدَ في الأدبِ ، إنْ لم يكن ثمّتَ نقدٌ في السياسة والنظرةِ العامّة إلى العالَم . اليومَ ، باستثناء الأكاديميا العراقية ، وحالتِها الخاصّة ، يختفي النقدُ تماماً ، لأنّ جدل الخيارِ الأمثلِ ، أمسى خطَراً وحظْراً . من هنا احتفائي بالكتاب ، لأنّ فيه ما يُذَكِّر ( إنْ نفعت الذكرى ! ) . * يتناول سامي مهدي ، سبعة أسماء يرى أنها قدّمتْ جهداً قي الطريق إلى الحداثة : عبد الوهاب البياتي ، نازك الملائكة، بلند الحيدري ، سعدي يوسف ، محمود البريكان ، حسين مردان ، صفاء الحيدري . أمّا بدر شاكر السياب فقد أفردَ له مكانةً خاصّةً في كتابٍ سوف يصْدرُ . * لي أن أقول ( بل عليّ ) ، إن الأمانة والدقّة التي تحلّى الكاتبُ بهما ، نادرتان في زمنٍ يتعجّلُ فيه الناسُ المعنيّون بمتابعة هذه الظاهرة الثقافية أو تلك ، حتى لا يكاد المرءُ يثِقُ بما قيلَ أو استُنتِجَ . ولقد فرحتُ ، حقّاً ، لمكانةٍ أُفْرِدَتْ في الكتاب ، للشاعر صفاء الحيدري . في أيّامنا ، أيام الفتوّة ، كنا نرى في صفاء الحيدري ، أمثولةً للحرية والتجديد ، والمسْلكِ اليومي للشاعر كما تصوّرْنا . * شخصيّاً ، أتوجّهُ إلى سامي مهدي ، بالتحية ... لقد أرهقتُه ، بسببٍ من تقلُّبِ وجهي في المسار الشِعريّ ، حتى كلّفتُه خمسين صفحة من كتابه المرموق ، لكن الرجل تحلّى بصبرٍ نادرٍ ، حدَّ أنه رأى في مسيرتي الشِعرية ما يستحقُّ التقدير الاستثنائي : أصبحت القاعدة الذهبية التي يعتمدها في كتابة شِعره هي : اللاقاعدة.فهو يُشَكِّلُ قصيدته بناءً على ما تلهمه به اللحظةُ الشِعرية ، وهو يفعل ذلك بحرية مطْلقة هي حرية الشاعر الواثق من نفسه والمطمئن إلى سلامة خطواته.
|