المقاله تحت باب في السياسة في
25/02/2013 06:00 AM GMT
أرى أن السيد احمد القبانجي هو النسخة العراقية للمفكر الايراني عبد الكريم سروش . هذه النسخة تحمل نقائص العقل العراقي : الجدلية المفرطة ، والروح الجماهيرية التبسيطية ، والانزلاق نحو القضايا العويصة وضرب الأمثلة. على عكس سروش الذي ينتج مفاهيم مترابطة ، وهو ما يميز الفيلسوف والمفكر المنضبط ، لا ينتج القبانجي مفاهيم بل تفسيرات عقلانية في سياقات مبعثرة ومختلفة . إنه أقل انضباطا لكنه أكثر وضوحا من الناحية السياسية وأكثر جذرية. تكمن قوة تفسيرات احمد القبانجي بما يأتي : 1- أنها جريئة وانسانية ومباشرة . تأخذ جرأتها ليس من مادتها الفكرية فقط ، بل ولأن اكثرنا سمعها منه شفاها ، من الفم الى الاذن ، او بواسطة قناة اعلامية ، ولم نقرأها في مؤلفات (حقيقة لم أقرأ له مؤلفا). طريقة التلقي الشفاهية تختلف عن تلك المقروءة عن كتاب، فالاولى لا يمكن مراجعتها، وتستولي عليها الحياة الاجتماعية والسياسية المباشرة ويجري ملؤها بها ، وإمكانية أن يشوش عليها عالية، مثلما لا تتميز بالانضباط ، وتخضع لتداول شفاهي يكاثر عليها المعاني والدلالات . 2- أنها صدرت مباشرة من رجل يلبس العمامة الدينية في شروط أخضعت فيها الممارسة الدينية العادية الى السياسة ، وظهور ما يدعى بالاسلام السياسي ، أو الاسلمة ، وهي حالة دعوية عدت الناس ناقصي دين وحسبتهم على جاهلية جديدة يجري اخضاعها الى ليّ وتحويل بإدخالها الى فرن حراري لغسل الدماغ . وما زاد وطأة تلك الشروط أن رجال الدين غير الواعين تحولوا الى دعاة تفرقة طائفية . بيد أن واحدة من ميزات القبانجي الشخصية هي عظيم ايمانه بالإنسان ودفاعه الحار عن قضايا تحرره من الفاقة والعسف وأوهام العقائد والتفسيرات الفقهية الغريبة . إن القبانجي من المؤمنين بوجود قبس الهي في روح الانسان ، ومن واجب رجل الدين الحسّ بشروط وعذابات الانسان ، وإنقاذه من براثن عسف السلطة والحاجة والعقائديات المتعصبة التي تجعل منه عبدا ذليلا مسحوقا . القبانجي يحارب على المكشوف ضد استغلال الدين سياسيا ، وتحويله الى مادة معقدة يمسك بتفسيراتها رجال الدين وحدهم . كما أنه يؤمن بأن على الدين ضم مناهج العلم والعقل اليه، بوصفها من مجهودات الانسان التي تعمل على تحسين حياته المادية والخلقية والروحية ، فضلا عن ايمانه بالحداثة والحرية ومبادئ حقوق الإنسان. بهذا المواقف داس أحمد القبانجي على ثوب الورع المهلهل لكهنوتية جديدة ذات نزعة مركزية وفاشية ، وها هي تعاقبه ، باعتقاله ، وأتوقع أنها ستؤلف روايات تسيئ إليه وتتهمه بالعمالة والتجديف. أعلن تضامني الكامل معه وأضم صوتي للحملة لإطلاق سراحه ، مطالبا الحكومة التدخل لانقاذ مواطن عراقي.
|