المقاله تحت باب قضايا في
10/02/2011 06:00 AM GMT
حذر رئيس هيئة النزاهة في العراق القاضي رحيم العكيلي من أن الفساد هو أحد الأبواب المهمة لتمويل الإرهاب، متهما وزراء بأنهم يفضلون التغطية على الفساد في وزارتهم على مكافحته. وقال العكيلي: «أقول إن التنفيذيين (الوزراء) عموما غير جادين في مكافحة الفساد وأحيانا يعتقدون أن خير تعامل مع الفساد هو التغطية عليه». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «عيبهم الآخر أنهم حينما يتسلمون مسؤولية تنفيذية يعتقدون أنها ملك لعائلتهم لذلك يمنعون الآخرين من الدخول إليها أو مكافحة الفساد فيها وحتى يحاولون حماية الموظفين» الفاسدين. وصنفت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي لعام 2010 العراق كرابع أكثر دولة فسادا في العالم. وأكد العكيلي صدور 4082 أمر استدعاء بحق مطلوبين للهيئة خلال عام 2010 بينهم 197 بدرجة مدير عام وما فوق مقابل 3710 في 2009 بينهم 152 بدرجة مدير عام وما فوق. وبحسب القاضي فإن عدد المحالين إلى المحاكم في عام 2010 بلغ 2844 في 2322 دعوى تنطوي على فساد تصل قيمته الإجمالية إلى 31 مليار دولار. وأعلى عدد للموظفين المحالين كان لوزارة الدفاع تليها وزارة الداخلية ثم وزارة البلديات والإشغال بحسب تقرير أعدته الهيئة. وأوضح القاضي الذي تسلم مهامه مطلع عام 2008 «نحن في صراع مستمر معهم والحقيقة نستطيع أن نتغلب عليهم بالقانون»، مؤكدا أن «هيئة النزاهة أصبحت مؤسسة يخاف منها الجميع حتى كبار موظفي الدولة بمن فيهم الوزراء». وأضاف ردا على سؤال أن «رئيس الوزراء (نوري المالكي) يحاول أن يعمل في ميدان مكافحة الفساد وكانت له خطوات جادة لكن لا يمكن له أن يقوم بكل شيء بنفسه، يفترض أن يكون هناك وزراء هم الأداة التنفيذية له». وأكد أن «التنفيذيين على الأغلب لا يؤمنون بالعمل ضد الفساد عموما». وقد ازداد عدد الموقوفين بدعاوى الفساد بشكل مطرد على مدى السنوات الماضية، ففي 2006 لم يزد العدد على 94 موقوفا فيما بلغ 147 في 2007 وارتفع إلى 417 في 2008 ثم تزايد في 2009 ليصل إلى 1719 بينما بلغ 1619 خلال 2010 غالبيتهم من وزارات البلديات والداخلية والصحة. وأصدر القضاء العام الماضي 1016 حكما بحق متهمين، بينهم 110 بدرجة مدير عام وما فوق و84 من مرشحي الانتخابات بتهمة تزوير شهاداتهم! مقابل 296 في 2009. واعتقلت السلطات العراقية في 2009 وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني أثناء محاولته مغادرة البلاد إثر دعاوى فساد. ويقول العكيلي (44 عاما) الذي تلقى تهديدات بالقتل مباشرة وغير مباشرة: «حينما نتحدث عن زيادة عدد المطلوبين لهيئة النزاهة وزيادة عدد القضايا وعدد المحكومين ثلاث مرات عن العام الماضي فهذا دليل على زيادة جهود مكافحة الفساد وليس دليلا على زيادة الفساد ذاته». وبالنسبة إلى العكيلي فإن الخطر الأكبر هو العلاقة بين الفساد والإرهاب، موضحا: «ما زلت أعتقد أن الجهود غير كافية لمكافحة الفساد والإرادة السياسية ناقصة جدا في هذا الإطار». وأضاف أن «الفساد أحد الأبواب المهمة لتمويل الإرهاب وكثير من أموال الفساد تذهب إلى تمويل العمليات الإرهابية». وبحسب مسؤولين عراقيين فإن قسما من الأموال المخصصة للخدمات العامة ينتهي به المطاف إلى الجماعات الإرهابية من خلال بعض الموظفين العموميين. وحول تصنيف العراق في قائمة أسوأ بلدان العالم من ناحية الفساد وفقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية، قال العكيلي: «أتفق تماما مع ما تذهب إليه الشفافية الدولية وأحترم ما تصدره رغم أن لدي بعض الاعتراضات العلمية على مؤشر مدركات الفساد». وأوضح: «أعتقد أن تقارير الشفافية الدولية حول العراق كانت مفيدة وشكلت ضغطا كبيرا على الحكومة العراقية والجهات المعنية من أجل العمل ضد الفساد! لذلك كانت نتائجها إيجابية». وردا على سؤال حول إمكانية معالجة الفساد والوقت المطلوب لذلك، قال: «لا يمكن أن نتحدث عن الوقت، نحتاج إلى وقت طويل». وأضاف: «نحتاج إلى تبني منظومة من القوانين التي تنص عليها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد! ومن أهمها حق الاطلاع على المعلومات وقانون حماية الشهود والمخبرين وقانون الشفافية في تمويل الأحزاب السياسية وقانون الشفافية في تمويل الحملات الانتخابية». وتابع: «إذا كنا جديين في العمل لإصدار تلك القوانين نستطيع أن نكملها خلال السنوات الأربع القادمة»، مضيفا بلهجة تشاؤمية: «لا أتوقع أن تنجز تلك القوانين في السنوات الأربع القادمة في ظل هذا الصراع السياسي المركب في العراق». وفيما يتعلق بقرار المحكمة لاتحادية ربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء، قال: «أختلف تماما مع قرار المحكمة الاتحادية علميا لكن أقف إجلالا واحتراما للقرار لأنه صدر من جهة مختصة». وأضاف: «أؤمن باحترام القضاء وهيبته وعدم المساس به، لكن من جهة أخرى فإن هيئة النزاهة لا تدخل في القرار». وأوضح أن «هناك قرارا سابقا ينص على الاستقلال الكامل للهيئة لأنه لا يحكمها إلا القانون وأنها تدير نفسها بنفسها وليس من حق أحد التدخل فيها وهذا القرار الذي يفسر استقلاليتها». وأضاف: «أعتقد تنفيذا للالتزامات الدولية على العراق، يجب أن تكون هيئة النزاهة مستقلة بالكامل وليس من حق أحد التدخل بأعمالها ولا يؤثر عليها بأي شكل حتى لا تكون أداة سياسية لتتمكن من أداء دورها بفعالية وجدية».
|