لهذه الاسباب منحوا الصحفي سردشت عثمان موتا تراجيديا ! |
المقاله تحت باب منتخبات اربيل – دانا اسعد قبل أن يغتالوه، كان الصحفي والطالب الجامعي ذو الـ 23 عاما على علم بالمصير الذي ينتظره اذا ما لم يترك اربيل. مع هذا فهو قرر البقاء وانتظار لقاء الموت الذي أتى برصاصتين في الرأس. سردشت عثمان، أو “سرو سردشت” كما كان يوقع مقالاته ومواده الصحفية، كان قد بدأ الكتابة والعمل الصحفي قبل عامين. كان مراسل موقع كردستان بوست (موقع الكتروني ينتقد مسؤولي اقليم كردستان)، كما يكتب لعدد من الصحف المحلية الأخرى. اختطف هذا الصحفي الذي كان طالبا في المرحلة الرابعة قسم آداب انكليزي في جامعة صلاح الدين، من قبل مجموعة مسلحة مجهولة، يوم الرابع من ايار (مايو) 2010، من امام كليته في قلب مدينة اربيل، وبعد يومين فقط، عثر على جثته مقتولا في احدى طرقات الموصل. وأوضح عدد من الشهود العيان الذين كانوا في موقع الاختطاف “قام اربعة أشخاص مسلحين ومعهم سيارة باختطاف الصحفي واقتياده الى مكان مجهول”. جرى ذلك امام انظار العديد من الحراس المتواجدين امام الكلية وأمام معهد الفنون الجميلة القريب منها. اغتيال هذا الصحفي ولد موجة كبيرة من الاحتجاجات في مدن الاقليم. تم نشر عشرات البيانات داخليا وخارجيا، صاحبتها مظاهرات على جميع المستويات تندد بالحادثة، والتي مازالت مستمرة لحد الآن تطالب بالكشف عن منفذي الجريمة ومثولهم أمام القضاء. بعض من تلك البيانات وجهت أصابع الاتهام، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى المسؤولين الحزبيين بشكل عام والأجهزة الأمنية التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل خاص، بالوقوف خلف الجريمة. وبعنوان كبير وعلى الصفحة الرئيسية لموقع “كوردستان بوست” النقدي، نشرت مادة بعنوان “اسباب اغتيال مراسل كوردستان بوست بالوثائق”. ويقول الموقع الالكتروني إن مقالات مراسلهم كانت وراء اغتياله. وهذا ما يؤكده بشدة بشدار عثمان شقيق الصحفي المقتول لموقع (نقاش) الألكتروني: “لم يكن لاخي مشاكل مع احد، والسبب الوحيد لاستشهاده هي المقالات التي نشرها في الأشهر الماضية وخصوصا أنه تم تهديده بسببها”. وحسب الموقع المذكور، تعود بداية التهديدات الى مقال نشره تحت عنوان “أنا أعشق بنت البارزاني” والتي نشرت بتاريخ 13 كانون الأول (ديسمبر)2009. يقول سردشت في هذا المقال انه يود الزواج ببنت مسعود البارزاني كي يتخلص من الفقر الذي يعيشه هو وعائلته. المقال عبارة عن نقد بطريقة ساخرة لرئيس الاقليم وعائلته، علما ان الحديث حول العائلة المالكة يعتبر ضمن مواضيع “التابو” في اقليم كردستان بحسب الصحفيين. بعد نشر المقال المذكور، تلقى سردشت عددا من ايميلات التهديد والشتم مطالبينه بالكشف عن هويته ونشر صورة له للتعرف عليه، ولهذا يقوم الصحفي بكتابة مقال آخر في نفس الموقع تحت اسم “لا الرئيس إله ولا ابنته” وينشرها مرفقة مع صورة شخصية له بتاريخ 2 كانون الثاني( يناير) 2010 . بعد كشف هوية الكاتب، يتلقى تهديدات بالقتل. أخيرا يكتب مقالة تحت عنوان “دقت أولى أجراس قتلي” وينشرها بتاريخ 21 كانون الثاني (يناير)2010 وهي أشبه أن تكون مقالة وداعية لأصدقائه وزملائه كما لو أنه كان على علم بالمصير الذي ينتظره طالبا من قتلته “امنحوني موتا تراجيديا يناسب الحياة التراجيدية التي اعيشها” . وينهي مقالته بـ “سابقى اكتب الى اليوم الذي تنتهي فيه حياتي، بعدها فليضع أصدقائي نقطة في نهاية السطر، وليبدأوا سطرا جديدا”. ويقول موقع كردستان بوست “نحن نتهم وبشكل مباشر كلا من رئيس الاقليم ومسؤول جهاز الباراستن”. ويعتبر جهاز الباراستن من اكبر الاجهزة المخابراتية في اقليم كردستان التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، ويدار من قبل نجل رئيس الاقليم، مسرور البارزاني. الملفت للانتباه ان سردشت عثمان ذكر في مقالته الوداعية بأنه اتصل بكل من عميد كليته والمدير العام لشرطة أربيل واعلمهم بالتهديدات التي تلقاها. في المقابل اجابه عميد الكلية “هذا من اختصاص الشرطة”، بينما اخبره مدير الشرطة أن “اربيل مدينة آمنة ولا تحدث فيها أمور كهذه”. لكن مدير شرطة اربيل عبدالخالق طلعت نفى لموقع “نقاش” ان يكون عثمان قد اتصل به قائلا “لم اتلق اي اتصال من سردشت، كما انه لم يسجل اي دعوى في مراكز الشرطة”. وذكر كارزان أحمد أحد أصدقاء عثمان لموقع “نقاش” أن سردشت” ليس له أية مشاكل مع أحد، لكنه تلقى تهديدات عدة بسبب كتاباته وقام حينها بابلاغ مدير الشرطة عنها”، وهذا ما اكده شقيق الصحفي لـ “نقاش” أيضا. وماعدا المقال المذكور اعلاه، تم الكشف عن رسالة جديدة قام سردشت عثمان بارسالها لمجموعة من اصدقائه يوم 21 نيسان (أبريل) الماضي، اي قبل 13 يوما فقط من اختطافه وقتله، يطالبهم فيها القيام بحملة جمع تواقيع للضغط على الجهات التي تهدده ولمنع احتمال اغتياله.ويكشف بنار هيدايت أحد اصدقاء الضحية والذي تلقى الرسالة الأخيرة، إن عثمان كتب فيها بأن التهديدات تطالبه بالخروج من مدينة اربيل والا سيتم قتله. لكن كما يقول هيدايت لاحدى المواقع الكردية “بسبب ضيق الوقت لم نستطع القيام بالحملة، حيث القتلة كانوا أسرع منا وقاموا بفعلتهم المشينة”. وفي نهاية تلك الرسالة التي ارسلها سردشت للمثقفين والصحفيين والكتاب، يقول “تاييدكم لي وجمع تواقيع الطلاب المستقلين في الجامعة أمر مهم جدا، ففي النهاية هو صوت للدفاع عن الحريات الفردية وحرية التعبير في هذا البلد”. وبحسب خبر تم نشره في الموقع الرسمي لحكومة اقليم كردستان، عبر رئيس حكومة الاقليم برهم صالح عن اسفه للحادث ولحادث آخر سبقه بحوالي اسبوعين في مدينة السليمانية، وكان عبارة عن اختطاف شاب في الـ16 من عمره وقتله بعد أسبوعين تقريبا في نفس المدينة. موضحا ان الاجهزة الامنية “بدأت بالتحقيقات وقد حصلت على خيوط اولية”، مشيرا الى ان هكذا اعمال “غريبة على مجتمعنا ولن نسمح للجناة أن يفلتوا من يد العدالة”. وفي مقابل كل هذه الانتقادات والاتهامات المباشرة وغير المباشرة للأجهزة الامنية والمخابراتية لاقليم كردستان، وخصوصا جهاز “الباراستن”، نشر جهاز الامن العام التابع للحزب الديمقراطي بيانا رسميا، يوم امس 10 ايار (مايو)، وصف بها الحادث على انه “عملية ارهابية يراد منها تشويه صورة الامن والاستقرار في اقليم كردستان”، مشيرا الى ان وراء العملية “اجندة سياسية لاعداء الاقليم”. واضاف البيان “لا يمكن التحقيق وكشف ملابسات الحادثة خلال ساعة او ساعتين (...)، لكن نطلب من الجميع ان لا يستبقوا التحقيقات”. وقال رئيس الاقليم في بيان نشر على موقع رئاسة الاقليم الرسمي بتاريخ الثامن من أيار (مايو)، إن مسعود البارزاني أمر بتشكيل لجنة خاصة من وزارة الداخلية مع الجهات المختصة بغرض التحقيق وكشف الجناة. كما جاء في البيان أن “الرئيس البارزاني طلب من اللجنة الخاصة العمل بكل جدية والتحقيق الدقيق حول الحادث (...) وتقديم الجناة للمحكمة”. ويذكر عدد من الاشخاص المقربين من سردشت عثمان، رفضوا الكشف عن اسمهم، أن الاخير استلم العديد من التهديدات بالقتل عن طريق الهاتف النقال، كانت اغلبها في الشهر الأول من العام الجاري، واخرها في شهر نيسان الماضي مطالبينه بالخروج من مدينة اربيل، لكن سردشت كان مصرا على موقفه بان لا يترك المدينة تحت اي ضغط او تهديد. وحسب عدد كبير من الصحفيين، يتوقع أن تهمش قضية اغتيال عثمان، وعدم الكشف عن مرتكبي الجريمة وافلاتهم من قبضة العدالة.
وفيما يأتي نقدم للقراء نص المقالات الثلاث التي كتبها الصحفي قبل مقتله:
الاول : انا اعشق بنت مسعود البرزاني (نشر في 13/12/2009 في موقع كوردستانبوست)
(نشر في موقع كوردستانبوست في 2/1/2010) المقال الثالث : اول اجراس قتلي دقت (نشر في موقع كوردستانبوست في 21/1/2010) |