المقاله تحت باب أخبار و متابعات في
31/12/2009 06:00 AM GMT
عن دار فضاءات للنشر والتوزيع- الأردن صدر الكتاب الثالث من "الهجرة نحو الأمس" للروائي عبد الستار ناصر. يقع الكتاب في 236 صفحة من القطع المتوسط، وقد صمم غلافه الفنان نضال جمهور. ما يميز عبد الستار ناصر في الهجرة إلى الأمس انه يكتب عن عبد الستار وكأنه آخر ، لا يزينه، ولا يخفي له سراً، ويبدأ قوله بجملته التي زينت خلفية غلافيه الثاني والثالث" كل ما أملكه الآن هو أنني رأيت" الهجرة نحو الأمس هو كتاب مكاشفة وبوح ، وقوف امام مرايا الذات حد التعري فلندخل حارات عبد الستار من خلال مقدمة كتابه لتشير لنا ببعض ما قد يدهشنا من عوالم مخبوءة وجريئة لدى هذا الكاتب الكبير. يقول عبد الستار بهذا الكتاب، وهو الثالث من (الهجرة نحو الأمس) تنتهي رحلتي مع أرشيف العمر، وأظنني قصصت عليكم الحكاية منذ البداية حتى اليوم، أعني بذلك حكاية الكتابة والنشر وما جرى من شجون وغرائب، من مشاكسات وطرائف، من أسرار ما جرى في حياتي منذ طفولة حتى كتابة هذه السطور، وهي بحق رحلة عجائبية لم أستطع ذكر بعض أسرارها، خوفا مما سيقال عني، وخوفاً في الوقت نفسه على شخصيات الحكاية مما سيقال عنهم. *** مازلت على يقين، بأن الطفولة هي أساس كل ما سيأتي بعدها، وشخصية أي واحد منا، ليست غير فرع من شجة الطفولة، أنا نفسي مازلت ذاك الطفل الخبيث الذي رأى، وما رأيته هو الذي يطاردني ويمشي معي،بل يتربص بي أينما وليت وجهي. ربما دفعت الثمن أكثر من مرة على ما رأيت، ولكن حياتي دون ذلك لا تساوي شيئاً، لهذا أقول دائماً بأن كل ما أملكه الآن هو أنني رأيت، ماذا رأيت؟ النساء في وقت مبكر لا يناسب البراءة، خيانات بالجملة في بيت مزحوم بالمستأجرين, الفقر في أسوأ ما ترى البشرية، دجل وشعوذة، دسائس، بغضاء، منزل يتهاوى على ساكنيه، ثم بيت آيل للسقوط، وبعد ذلك كله رؤية المعذبين في المعتقلات التحتانية وفي الغرف السرية (وأنا معهم) حتى شاخ الثأر معي ولم أعرف ماذا أفعل غير الكتابة(عنهم) وعن وحشية ذاك الزمان. *** كتابي هذا يبدأ من السينما وينتهي بما يشبه صالاتها المعتمة، وثلاثية الهجرة نحو الأمس، حفنة مذكرات مأخوذة من أرشيف عملاق عاش معي أكثر من أربعين سنة، رأيت أن أمزقه بعد نقله إلى هذه الكتب الثلاثة، عساها ترى النور ذات يوم وأنا على قيد الحياة. وفعلاً، جاء الأول عن الدار العربية للعلوم (ناشرون) في بيروت عام 2008 بثلاث طبعات، ثم الكتاب الثاني عن دار فضاءات في عمان 2009 وها هو الثالث (والأخير) وأنا أمزق البقية من أوراق ذاك الأرشيف بعد أن رميت عليه الكثير من توابل ذاكرتي، الأرشيف الذي ساعدني على تأليف الهجرة نحو الأمس وأنا أكاد أشم رائحة ذكرياتي معه منذ أول حوار وأول مقالة وأول قصة وأول خبر من أخباري. *** يا لها من رحلة، أكثر من أربعين عاماً وأنا في مملكة الكتابة، اسم محبوب ومكروه في الوقت نفسه، اسم قد يبقى في ذاكرة الناس وقد يموت، المهم هو أنني رسمت الصورة لكم (صورتي) كما هي في الحياة نفسها، ولا أدري من منكم سوف يحبها ومن منكم سوف يحطمها ويلعن من كان وراء زجاجها؟ في الحالات كلها، سوف نرى الصورة، قبل أن، أو بعد أن يمضي المؤلف إلى زمن آخر.
|