مؤتمر واشنطن للاستثمار: الفساد والاقطاعات السياسية أهم التحديات |
المقاله تحت باب قضايا دانييل غريبر وقد ثبّت أكثر من 850 مشاركاً من 12 قطاعاً مختلفاً حضورهم المؤتمر الذي رحبت به وزارة التجارة الأمريكية بوصفه "أحد أفضل الفرص للمستثمرين الأمريكيين لبناء شراكة اقتصادية مع العراق". وتصف وزارة الخارجية الأمريكية الحدث بأنه "الخطوة الأولى في العلاقة الجديدة التي تم إرساؤها بتوقيع اتفاقية الإطار الاستراتيجي الثنائية مع العراق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي". وبعد سنتين من النزاعات الأهلية التي مزّقت البلاد أو كادت وأكثر من ست سنوات من الغزو بقيادة الولايات المتحدة، يقول المسؤولون العراقيون أنهم مستعدون للاستثمارات الأمريكية وهم بحاجة إليها. وقد زادت الصادرات الأمريكية إلى العراق من 1,5 مليار دولار عام 2006 إلى 2,1 مليار عام 2008، بينما تضاعفت المستوردات الأمريكية من العراق تقريباً، إذ ارتفعت من 11,6 مليار دولار إلى 21,1 مليار خلال الفترة نفسها. وتظهر بيانات وزارة الخارجية منذ شباط/فبراير 2008 أن الولايات المتحدة هي بالتأكيد سوق التصدير الأكبر للعراق، ولكن سوريا هي التي تشحن معظم البضائع إلى تلك السوق. ويقول المحللون أن أموالا كثيرة سيجنيها المصدرون بدءا من الآن. ولكن، ورغم أن قانون الاستثمار الوطني في العراق يقدم مجموعة من الحوافز، لا تملك سوى شركات قليلة العلاقات الضرورية للنجاح في مناخ العمل الصعب هذا. فالاقتصاد السياسي في العراق حسب مراقبين محليين وأجانب يرتكز إلى حد كبير على المحسوبية والفساد، وتستغل الطبقة السياسية والدينية الفراغ السياسي في السنوات الأخيرة لتوسيع إقطاعياتها. ففي الاقتصاد المتذبذب في الجنوب، على سبيل المثال، تسيطر الكيانات السياسية الشيعية القوية على الأقل على نسبة من نشاط الميناء والعلاقة التجارية مع إيران. وعلاوة على ذلك، فإن البرلمان العراقي بطيء جداً في التحرك وإصدار التشريعات اللازمة، وكذلك بتشريع قانون الانتخابات الوطنية في كانون الثاني/يناير مطلع العام المقبل، وقد يخلق الغموض السياسي عقبات إضافية ويحد من إقبال عدد المستثمرين الأمريكيين على الاستثمار العراق. وبالرغم من كل هذه الظروف، لا يزال المناخ الاقتصادي يجذب اهتماماً كبيراً من مستثمرين امريكيين شاركوا في المؤتمر. فمقاعد المؤتمر لهذا الأسبوع في واشنطن محجوزة بالكامل والاهتمام الإعلامي يزداد، الأمر الذي يقدم مؤشراً جيداً على درجة ادراك قطاع الأعمال الأمريكي لأهمية الاستثمار في العراق. وينضم ممثلون عن مراكز القوة كشركة "بوينغ"، و"ايكسون موبيل" و"جي إل" إلى قائمة المستثمرين الأمريكيين المحتملين في العراق. وقد أقامت الشركتان الأمريكيتان "360 للعمارة" و"نيوبورت غلوبال" مشروعاً مشتركاً مع شركة عبد الله الجبوري، وهي أكبر شركة مقاولات عراقية، لإقامة "مدينة رياضية" في البصرة لاستقبال كأس الخليج لكرة القدم عام 2013. وبالطبع يحتل النفط مركز الصدارة بين القطاعات ذات الجاذبية. وقد كان العراق يحتل المرتبة الثالثة عشرة عالمياً على مستوى الدول المنتجة للنفط، بينما يحتل المرتبة الثالثة من حيث الاحتياطي المؤكد. ولكن المحللين يعتقدون أنه لدى العراق إمكانات كبيرة في مجال النفط لأن جزءاً من الحقول المعروفة قيد التطوير ولا يزال معظم البلد غير مستكشف. وكان العراق قد أقدم في حزيران/يونيو الماضي على تنظيم أول مزاد عالمي بعد الغزو لعقود النفط المربحة، رغم أن عدم الاستقرار السياسي، وغياب التشريعات الضرورية والمخاوف المتزايدة بشأن العنف دفعت مستثمرين محتملين إلى العزوف عن المشاركة. ويضيّع العراق فرصة الحصول على المليارات لأنه لا يستطيع جذب الاهتمام الخارجي المطلوب. وقد جرى حالياً تأجيل الجولة الثانية من المزادات العلنية. ولكن المسؤولين يقولون أن العراق يحتاج إلى أكثر من الاستثمارات النفطية لأن البنية التحتية الرئيسية في البلد (الطرقات، والجسور إضافة إلى الكهرباء) تحتاج إلى إعادة بناء. والبلد الآن بأمس الحاجة إلى الرأسمال والخبرة الخارجيين لانجاز هذه الأهداف. وقد قامت بغداد ببعض الخطوات المتواضعة نحو فتح هذا القطاع أمام الاستثمار الخارجي. وإلى الآن، لا يزال الفساد يمثل العقبة الرئيسة أمام الكثير من المستثمرين الأمريكيين المحتملين. ورغم اتخاذ بعض الخطوات لمعالجة هذه القضية، تقول الكثير من الشركات الأجنبية أن المخاطر المحتملة والشكوك بشأن النظام لا تزال أكبر من أن يفكر المرء باستثمارات كبيرة. ورغم ذلك امتدح نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن الفرص الاستثمارية في البلد، خلال زيارته إلى العراق في أيلول/ سبتمبر الماضي، ورحب ترحيباً حاراً بالمسؤولين العراقيين عن مؤتمر الاستثمار هذا الأسبوع في واشنطن. وسيحضر المؤتمر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي صرح أنه سيقدم قائمة أمنيات للمستثمرين الأمريكيين.
"عن نقاش " |