المقاله تحت باب منتخبات في
04/10/2009 06:00 AM GMT
"أحدثك الان وأنا مرتدية البنطلون، الذي اعتقلوني بسببه، اغسله ثم أرتديه، هم يقولون ان البنطلون دخيل على ثقافة السودان، فلماذا اذن يحللونه للرجال، ويحرمونه على النساء، زي المرأة امر يخص العلاقة بينها وبين ربها، ليس للأنظمة حق التدخل، الحكومات يجب عليها ادخال الأطفال الى المدارس، والمرضى الى المستشفيات، لكن لا علاقة لها بادخال النساء الى الجنة". هذا ما قالته الصحافية السودانية لبنى الحسين التي تخضع لمحاكمة قد تصل عقوبتها إلى الجلد، بتهمة ارتداء البنطلون. ففي الرابع من تموز الماضي، حضرت لبنى حفلا في مطعم في العاصمة السودانية الخرطوم، مرتدية بنطلونا وقميصا فضفاضا يصل الى ما فوق ركبتيها ووشاحا طويلا. كانت صالة المطعم تضم اكثر من 300 شخص، رجالا ونساء، من مختلف الأعمار. فجأة هجمت مجموعة من افراد الشرطة السوادانية على المطعم، وقبضوا على الفتيات اللائي كن يرتدين البنطلونات، وقادوهن الى قسم الشرطة، ووجهت إليهن تهمة ارتداء زي فاضح، وفقاً للمادة 152 من القانون الجنائي السوداني التي تحكم بالجلد والغرامة على من يرتدي مثل هذه الأزياء. نفذ الحكم الفوري بجلد عشر فتيات، فيما "تأجل" الحكم على لبنى التي كانت تتمتع بحصانة عملها كموظفة في الأمم المتحدة. الغريب أن لبنى تخلت عن حصانتها، وأصرّت على أن تحاكم، حتى مع معرفتها بأن النتيجة ستكون جلدها حوالي أربعين جلدة، وأعلنت انها ماضية في مسعاها لاسقاط مواد القانون التي تظلم المرأة وتحط من كرامتها، على الرغم من التهديدات بالقتل التي وصلت اليها. الوضع لم يعد يطاق في بلادنا العربية المرهونة موضوعياً إلى الغرب، والمتمسكة شكلياً بالتخلّف. طبعاً ما تقوم به الأنظمة العربية لا يمكن نعته بالشرقية. فالشرقية ليست تهمة. والغيرة، التي يتسم بها الرجال الشرقيون، أعدّها شخصياً صفة جميلة، وهي حكماً موجودة لدى الغربيين. بيد أن المسألة، ترتبط جوهرياً بالتخلّف لا بالشرق، ففي الشرق أيضاً يمكن أن تعثر على التحرر، كما يمكن أن تعثر على حركة اسلامية تفرض الجلباب في المدارس كما فعلت حركة "حماس" التي تدّعي أنها تمثّل التغيير في الخليط الإجتماعي والسياسي الفلسطيني، وتطرح نفسها بديلاً عن حركة "فتح" المترهّلة، والغارقة حتى أذنيها في الفساد. لكن مع ما تفعله "حماس"، يمكن المرء أن يهلّل ويصفق وينطنط كي تعود "فتح" إلى السلطة في غزة وسواها. في هذا السياق لا تحضرني إلا سيرة احلام مستغانمي التي أصدرت كتاباً جديداً أضافته إلى ثلاثيتها (غير ثلاثية نجيب محفوظ) وعنوانه "نسيان. Com"، وفيه نصائح للنساء كي ينسين الرجال، إضافة إلى ميثاق انثوي، ودعوة إلى إنشاء "حزب النسيان"(وكأن ما ينقصنا هو أحزاب جديدة). كل هذا في قالب تلقيني، بلغة سطحية، لا أوافق حتى على تشبيهها بلغة نزار قباني الذي يمتلك لغة يصعب تقليدها. لا تحضرني إلا سيرة الكاتبة المدافعة عن النساء، والتي تمتلك موقعاً على الإنترنت لمعجباتها وافكارها "التنويرية" في كيفية أن تضع المرأة الرجل "خارج حياتها أيا كان جمال الذكريات". وتصبح مستغانمي في نظر النساء العربيات مناضلة وبطلة، فيما لبنى الحسين ونساء غزة لا تذكرهن النساء إلا ليشفقن عليهن، ثم يسقطن في "نسيان" أحلام مستغانمي. رامي الأمين -عن النهار
|