حجر عثرة: ملامة ونصيحة لرسام الكاريكاتير سلمان عبد

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
03/08/2009 06:00 AM
GMT



الوم الزميل سلمان عبد بما جرى له. انه جاد في تفاؤله فيما هو رسام كاريكاتير – جاد في اعتقاده ان الشرطة في كربلاء والادارة هناك قادرة على فهم كاريكاتير صوّر المالكي (ميكانيكيا) لسيارة العراق المتوقفة والعاطلة. كان عليه، وهو ابن العراق المحكوم دائما بالمجانين والجهلة والمتعصبين، أن يعرف أن  الشرطة خبيرة بالتفريق بين الواقع والخيال، بين من يمشي مع الحيطان ومن يقفز مثل الكنغر، وهي متخصصة من البيضة، ومن دون دورات في ( الوورك شوب)، بمراقبة العقول والسلوك، كما انها حتى من دون معرفة تقف الى جانب الرسم الاكاديمي ضد الزنادقة التعبيريين. الشرطة، وخبراء الضمير الجدد ، واولئك الذين اعتادوا شق الصدور يفهمون الامر على هذا النحو : المالكي ليس (فيترجيا)، بل هو رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة،  والعراق العظيم الذي  اخترع العجلة قبل الغربيين والاسيويين، ليس سيارة، وبالطبع ليس سيارة عاطلة، ولن يكون سيارة تقف على احجار!  
حتى لو كان سلمان عبد ايجابيا جدا، وقد كان حقا كذلك، حتى لو آمن بمناقبية السيد رئيس الوزراء ومهماته الاستثنائية في انقاذ البلد، وهو ما أظهره حقا في رسومه، ومهما فعل، حتى لو قرأ نشيد موطني وهو يرسم ، فقد شوّه وجوه القادة في ظروف صعبة. ولقد اقترف جرمين بينما هو يتصنع البراءة: تشويه الواقع ، واستخدام الشارع لتسويق بضاعته وافساد الذوق العام. إن الشرطة المحلية والحكومات المحلية، أي جميع اولئك المرشحين لقيادة العراق الفيدرالي بوجه عام، هم حراس الواقع، أمناء على رسالة الفن الواقعي، لا يحبون تعبيرية الكاريكاتير ولا تعبيرية الرسامين المتضايقين من زمانهم. ولماذا يتضايقون ويشوهون الوجوه ويضعون السيارات على الاحجار؟ اليوم يشوهون وجه رئيس الوزراء ونوابه وغدا يشوهون القيم التي يؤمن بها شعبنا، اليوم يضايقون النواب في أرزاقهم ويؤلفون عنهم روايات ظالمة حسدا وغدا يتجرؤون على القيادة السياسية. اليوم يستخدمون الديمقراطية لتشويه قادتها وغدا يتجرؤون على الشفافية، اي على اقدس المقدسات التي يؤمن بها الوزراء ولاسيما وزراء المالية والتجارة والكهرباء اطال الله بأعمارهم وقوّاهم على الحاسدين المشاغبين.
انا حزين من اجل الزميل سلمان عبد لأنه غير محظوظ. قبل أكثر من خمس وعشرين سنة جاء الى بغداد مع رسومه (الاجتماعية) ليجرب حظه، الا انه خاف من رسومه قبل ان تخاف السلطة منها. في تلك الايام أدرك مبكرا مخاطر الوقوع بخطأ مقصود او غير مقصود، فهو بلا سند، ومن مدينة مشبوهة ومرصودة، والسلطة تعرف ضمير الرسام بمجرد النظر الى عينيه لأن الله منحها الحكمة وقراءة الافكار، من هنا كان عليه الفرار قبل ان تغرّر به موهبته وأصدقاء السوء تماما كما فعل بسام فرج قبله . ولا اظنه خسر كثيرا، فالخاسرون يملؤون هذا البلد الكارثي ويتبارون فيما بينهم للفوز بكأس الخاسر الكبير . فمن أين جاءته الجرأة اليوم؟ من جرّ قدميه الى ارض الخطر؟ من أوهمه بأن العراق تحرر من سلطة قراءة الافكار وشق الصدور وتأويل الكلمات والصور؟
أهمس بأذن سلمان : لا تصدق كل ما تسمعه، وأرى أن تغادر كربلاء الى البصرة التي يقال أن مجلسها المحلي الجديد يسيطر عليه التعبيريون المربديون!