السياب يكتب عن جواد سليم: فنان يمتلك عمق الإحساس ونفاذ البصيرة والموهبة |
المقاله تحت باب مقالات و حوارات الشاعر بدر شاكر السياب كتب عن الرسام العراقي الكبير في مقالة بعنوان (( جواد سليم الفنان الذي يخبرنا الاشياء) وقد وقعها باسم (ابو غيلان) في جريدة الجمهورية الصادرة عام 1959. في هذه المقالة حرص السياب ان يتحدث عما فهمه من لوحة جواد سليم التي وقف امامها مبهورا. إنها تمثل سيارة من سيارات الشحن الضخمة واقفة حيال منزل تعتليه شرفة عراقية تعلوها (الشناشيل). يقول الشاعر( لولا هاتان العجلتان لكان من الصعب ان نعرف اننا ازاء سيارة جاءتنا في الاصل من الغرب ولسنا ازاء شيء منبثق من صميم حياتنا. اننا هنا يقول السياب امام عمليتين مهمتين تكمل احداهما الاخرى ولا تتم بدونهما بل يكاد يبدو انهما في الحقيقة عملية واحدة .فهناك بالنسبة لهذه الالة الصماء السيارات وتحويلها الى شيء يمكن الاخبار به الى جزء من انفسنا. لقد اصبحت هذه السيارة وكأنها جواد روضناه وسميناه باسمه. إنها اداة رزق، وسيلة للحياة كالنخلة مثلا وشجرة الليمون وليست محض آلة من حديد وخشب ومطاط ..) ويتوسع السياب بعد ذلك في رسم دلالات لوحة جواد سليم فيستخرج منها معاني يستخدمها في قول افكار لا تمت للوحة بصلة وان كانت هي من وحيها. ويكرس الشاعر بدر شاكر السياب في مقالته لسيرة الفنان جواد سليم وافكاره في الفن وموقفه في التراث ولاهمية هذا الجزء من المقالة ادرجه هنا نصا مختتما به هذه القراءة الوثائقية التي اردناها شهادة من شاعر كبير لاننساه في ذكرى فنان خلد كفاحه كفاح شعبنا من اجل الحرية . كتب الشاعر بدر شاكر السياب ابو غيلان في مقاله: ( في اواخر عام 1940 قطعت الحرب على جواد سليم دراسته في اكاديمية الفنون الجميلة بروما فعاد الى بغداد وعين نحاتا في مديرية الاثار القديمة العامة وقيض له خلال السنوات الثلاث التي قضاها في عمله هذا ان يطلع على روائع الفن التي تمخضت عنها الحضارات التي ازدهرت في هذا الجزء من اجزاء الوطن العربي . هذا الجزء الذي هيأت مياهه الجارية وزروعه اليانعة للموجات التي تعاقبت عليه من قلب الجزيرة العربية من بدء التاريخ مجال التعبير عن عبقريتها وموهبتها الفنية الى اقصى الحدود . وتعمق في دراسة هذا الفن الذي احس منذ الوهلة الاولى بقوة الوشائج التي تربط بينه وبين هذا الشعب العربي الذي هو واحد منه كان يمتلك ما يتميز به كل فنان اصيل عمق الاحساس ونفاذ البصيرة والموهبة وراح جواد سلم يفكر في ضرورية خلق فن ينبثق من روح هذا الشعب وطبيعته وتراثه من حاضره كله وتتصل جذوره بماضيه وفنه العريق . |