العراق: إمكانية تغيير الخارطة الانتخابية |
. المقاله تحت باب في السياسة بالإعلان الرسمي عن نية رئيس الوزراء المالكي وتكتله دخول الانتخابات القادمة بقائمة منفردة تكون أحد أهم ملامح الافتراق عن الانتخابات البرلمانية الماضية قد تبلورت، وأعني بها بروز تنافس قوي على تمثيل المكونات العرقية والطائفية كمرحلة تبدو انتقالية باتجاه التحول نحو تشكيلات سياسية عابرة للطوائف والقوميات. فالملاحظ أن المكونات العراقية الرئيسية الثلاثة تشهد اليوم صراعا داخليا أو على الأقل تحديا للتمثيل التقليدي الذي أنتجته الانتخابات السابقة. فإذا كان التمثيل الشيعي قد خضع لهيمنة الائتلاف العراقي الموحد فإن افتراق المالكي عنه بكل ما بات يشكله الأخير من ثقل سياسي وشعبي ورقم صعب داخل المعادلة السياسية يعني أن هناك تنافسا أكثر حدة حول تمثيل المكون الشيعي وأيضا حول تعريف هذا المكون بعلاقته مع المكونات الأخرى، فالمالكي تبنى خطابا جديدا نوعا ما بالقياس إلى الخطاب الذي هيمن على الساحة الشيعية في السنوات الماضية، بحيث صار يعبر عن رؤية منافسة وان لم تكن بالضرورة في تناقض تام مع رؤية الائتلاف الموحد القديم والوطني الجديد، فالمضمون الايديولوجي للخطاب الجديد بات أولا اقل تأثرا بالنزعة الدينية بعد الوصول إلى إدراك مفاده أن البون الشاسع بين المقولات الدينية الشيعية والسنية ينتج صراعا أكبر يقوم على استعارة الماضي بكل تقاطعاته واشتباكاته إلى حاضر معقد ومليء بالإشكاليات أصلا، كما أن كون المالكي لا يتعكز في نفوذه على منزلة دينية أو عائلية، بل على الانجاز المرتبط بشخصه، يعني اقترابا من بنية الحزب العلماني، وعلى صعيد شكل الدولة العراقية الجديدة والمستقبلية صار المالكي يعبر عن الرؤية الأكثر تمسكا بوجود حكومة مركزية قوية حتى ضمن إطار فيدرالي طالما كان ذلك مشروطا بعدم استقواء الأطراف على المركز، وهذا الموقف يشكل افتراقا عن رؤية الائتلاف السابقة لاسيما المجلس الأعلى وأيضا عما علق بالذهن الشيعي بعد تجارب التهميش الطويلة من أن الحكم المركزي القوي يخدم السنة ويسهل سيطرتهم على مقاليد البلاد وتهميشهم للآخرين بحكم ما يمتلكون من امتداد إقليمي وتغلغل في القوات المسلحة، ويمكن القول إن هذا العنصر يشكل احد أهم عوامل الافتراق بين المجلس الأعلى والمالكي وأحد أهم ركائز البرنامج الانتخابي للأخير، وأما على صعيد علاقة العراق بمحيطه فرغم ما يبدو من ضبابية ناتجة عن تشابك مختلف الأطراف السياسية مع قوى إقليمية وخارجية، فإن المالكي أخذ يفترق عن التقليد الذي سارت عليه الأحزاب الإسلامية الشيعية من حيث تفضيلها التحالف مع إيران بسبب الشراكة المذهبية وتبنيها لخطاب ايديولوجي قائم على التشكيك بالنوايا الغربية والأميركية والعداء الصريح لها كما في حالة التيار الصدري، فالمالكي يطرح نفسه كوطني براغماتي يحدد علاقاته مع الخارج بحسب ما تتطلبه مصلحة البلاد وقبوله علاقة قوية بإيران أصبح اقل ارتكازا على البعد الايديولوجي ومنطق (شراكة المصير) وأكثر اقترانا بحقيقة أن إيران تدعم النظام السياسي الجديد ولا تسعى إلى تدميره بقدر ما تسعى إلى التأثير في اتجاهاته لمصلحتها. |