أصلاح الأخطاء الأمريكية في العراق..رؤية موضوعيه |
. المقاله تحت باب في السياسة يرى المتابع لزوايا المشهد الميداني في العراق أن الخطوة الامريكية التي اتخذها الرئيس بوش بناءا على ما جاء في شهادة الجنرال بتريوس قائد القوات الامريكية في العراق والسفير الامريكي كروكر امام أعضاء الكونغرس جاءت بمثابة التحدي والاصرار بوجه الصرخات والنداءات المتكررة من قبل أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين والتي تدعو الى ضرورة جدولة انسحاب القوات الامريكية من العراق وتغيير ستراتيجية الولايات المتحدة المتعلقة بموضوعة العراق وقد شكلت هذه الخطوة أيضا قفزا فوق رغبات الرأي العام الامريكي الذي ما زال يوجه ضغوطا ورسائل قوية للرئيس الامريكي من أجل عودة الجنود الامريكيين الى بلدهم. تقرير بتريوس- كروكر وعلى الرغم من أنه أشاد بالتقدم الذي أحرزته القوات الأمنية العراقية على الأرض بالتعاون مع القوات الامريكية ألا أن ثمرة هذا التقريركانت التوصية الختامية الى الرئيس بوش بتنفيذ أنسحاب جزئي للقوات الامريكية المتواجدة في العراق يقدر بحوالي 30 ألف جندي حتى نهاية شهر تموز من العام القادم 2008 مع ضرورة الابقاء على 150 ألف جندي أمريكي هم العدد الاصلي للقوات المتواجدة في العراق قبل ان يأمر الرئيس بوش بزيادة هذا العدد في شهر حزيران المنصرم من هذه السنة وجاءت التوصية في التقرير المذكور بالابقاء على هذه القوات لفترة تمتد الى اكثر من عشر سنوات على أقل تقديركما أمر بوش نفسه بعد صدور التقرير ألأمر الذي جعل المراقبين يرون ان الرئيس بوش قد صمم على تنفيذ ستراتيجيته المتعلقة بالبقاء الطويل في العراق وأن هذه الستراتيجية سيمتد العمل بها حتى بعد ذهاب الرئيس بوش من البيت الابيض كما صرح هو بنفسه في مؤتمر صحفي عقده بعد يوم واحد من صدور التقرير. أن هذا الأنسحاب من وجهة النظر الموضوعية لايمثل في حقيقة الامر ألا محاولة التفافية من اجل الابقاء على عدد القوات الامريكية الاصلي قبل الزيادة الاخيرة أي أن المداولات والنقاشات التي تمت في جلسة الاستماع من قبل اعضاء الكونغرس لشهادة الجنرال بتريوس والسفير كروكر ومن ثم التصويت على خطوة الرئيس بوش بعد صدور التقرير وصدور نتائج التصويت لصالح سياسة الرئيس بوش في هذا المجال كانت ضمن سياسة الاتفاق على الثوابت المشتركة في الاهداف والرؤى الستراتيجية لكلا الحزبين على الرغم من الانتقادات الخجولة التي ابداها بعض الاعضاء الديمقراطيين في الكونغرس ومن بينهم رئيسة الكونغرس نفسها. وعلى ضوء معطيات الواقع الموضوعي في عملية التأمل والتحليل فأن جلسة الكونغرس تلك تعتبر أحد انواع المناورات السياسية والتي يقصد من ورائها أمتصاص وتفريغ الضغط الشعبي وغضب الراي العام الامريكي وتعد من باب الأستعداد للأنتخابات الأمريكية القادمة, وبناءا على الكثير من القرائن والشواهد والمعطيات فأن الاهداف الستراتيجية المتعلقة بالبقاء الطويل لقوات الولايات المتحدة في العراق هي من المحاورالتي يتفق عليها كلا الحزبين الامريكيين في الوقت الذي رأينا فيه قبل صدور التقرير وبعده أن المسائل الخلافية بين الحزبين لاتمس جوهر الأهداف الرئيسية وأن هذه الخلافات قد تم خفضها الى أدنى مستوى وبالشكل الذي ظهرت للمراقبين فيه. فيما بدا الاختلاف حول هذا المحور يدخل ضمن باب التنافس الانتخابي الذي يسعى كلا الحزبين لخوضه في الانتخابات القادمه . من المثير للانتباه أن تقرير بتريوس- كروكر على الرغم من أشادة الاوساط الرسمية العراقية به الا أن التقرير جاء معبرا عن محاولات القفز على الكثير من الحقائق الموضوعية التي يغص بها المشهد الميداني العراقي وبذلك عزز هذا التقرير الرؤية التحليلية التي تقول أن خطة الادارة الامريكية تذهب الى الابقاء على حكومة عراقية ضعيفة وكسب المزيد من الوقت لتعزيز البقاء الامريكي العسكري لفترة طويلة تمتد لعشر سنوات كمرحلة اولى وكما هو معلوم للمراقبين فان للولايات المتحدة ستراتيجيتها المتعلقة بالعراق بغض النظر عن تغير الادارة التنفيذية للبيت الابيض وهي ستراتيجية تنطلق من ضرورة الحفاظ على جوهر المصالح الحيوية للولايات المتحدة في المنطقة وحماية مناطق النفوذ الامريكي والوقوف بوجه السياسات الدولية المعادية للولايات المتحدة في المنطقة والتي طالما اكد الرئيس الامريكي بوش أنها من الثوابت التي لايمكن الحياد عنها من قبل الولايات المتحدة حيث أن هذا الامر يتمثل في التقاطعات الحاصلة بين السياسة الامريكية من جهة وبين سياسات بعض الدول الاقليمية في المنطقة من جهة أخرى لاسيما أيران والتي تعتبرها الولايات المتحدة حجر عثرة يقف أمام التوجه الامريكي في المنطقة لتنفيذ خارطة الشرق الاوسط الجديد وتمثل في نظر الساسة الامريكيين أحد محاور الشر التي ينبغي العمل على استئصالها. ووفقا للكثير من معطيات التأمل للمشهد العراقي فأن الولايات المتحدة تكون قد ارتكبت خطأ ستراتيجيا يضاف الى بقية أخطائها الاخرى في العراق عبر مشروع الرئيس بوش في أبقاء القوات الامريكية أطول فترة ممكنة في العراق وجعل هذا البلد ساحة للصراعات الدولية لاسيما أن الرئيس بوش وضمن حلقة المقدمات التي سبقت تقرير بتريوس- كروكر كان قد تبنى ما سمي بنظرية (الفوضى الخلاقة) والتي تهدف في أهم أولوياتها الى جعل الساحة العراقية رأس الحربة المتقدم للحرب على تنظيم القاعدة السلفي بعيدا عن أراضي الولايات المتحدة وليكون الداخل الجغرافي الامريكي في مأمن من تداعيات هذه الحرب كما جاء على لسان الرئيس بوش نفسه والعديد من اركان حكمه وهذا التبني المحموم للتطبيق العملي لهذه النظرية على الساحة الميدانية العراقية كان احد اخطر نتائجه المعلومة هو الانفلات الامني وما رافقه من تداعيات مأساوية دفعت ثمنها شرائح الشعب العراقي وحصول حالة الأحتقان الطائفي والدفع باتجاه الأستعداء الطائفي الديني لكي يتقاتل أبناء البلد الواحد فيما بينهم بعد أن توفر الغطاء الميداني المناسب من خلال ترك الحدود العراقية مفتوحة مع دول الجوار العربي وبالتالي السماح لعناصر تنظيم القاعدة السلفي التكفيري وزمر وأيتام النظام الصدامي المقبور لبث الذعر والخوف وأشاعة القتل والقيام بعمليات التفخيخ الانتحارية التي حصدت أرواح عشرات الالاف من العراقيين الابرياء ناهيك عن المصابين والمعوقين بسبب تلك العمليات الارهابية ومن بينها قطع الرؤوس والموت المجاني ونشر الفوضى والتخريب والدمار ونسف ما تبقى من البنى التحتية للعراق وتخريب الأقتصاد وكل ما له صلة بحياة الفرد والجماعة في العراق ولعل من بين الحصاد المر لهذا المخطط المبرمج هو الهجرة والتهجير الجماعي لأكثر من 4 ملايين عراقي كما ورد في العديد من البيانات والأحصائيات التي صدرت عن المنظمات الدولية ذات الشأن ومن بينها الأمم المتحدة وهذا الأمر الكوارثي ما كان ليحصل لولا الخطأ الفادح الذي ارتكبته الولايات المتحدة بجعل العراق ساحة لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة وتنظيم القاعدة من خلال استقطاب وتجميع الأعداد الكبيرة من أفراد القاعدة في العراق تحت ذريعة أبعاد هذه العناصر الأرهابية عن ممارسة نشاطاتهم في داخل الاراضي الامريكية وذلك وفق الأسلوب التطبيقي لنظرية (الفوضى الخلاقة ) سابقة الذكر. ولعل المتخصصون في الشأن القانوني الدولي يعلمون كما أن الأدارة الامريكية والكونغرس ومراكز الدراسات الرافدة لمراكز صنع القرار في الولايات المتحدة يعلمون أيضا أن كل هذه التداعيات في مجال الملف الأمني وموضوعة مراقبة الحدود العراقية مع دول الجوار وما حصل من وضع مأساوي تتحمله الادارة الامريكية كونها جائت كسلطة احتلال وهذا ما يحتم عليها الألتزام بواجبات سلطات الاحتلال تجاه السكان والمواطنين المدنيين في الدولة التي وقع عليها الاحتلال وذلك ما نصت عليه القوانين الدولية التي تنظم العلاقة بين السلطة المحتلة والمدنيين بعد وقوع الاحتلال ومن بينها أنظمة لاهاي واتفاقية جنيف الرابعة والقانون الانساني الدولي حيث أن اتفاقية جنيف الرابعة على سبيل المثال القانوني وفي (البند 4) و(البند27) و(البند 127) تلزم سلطات الاحتلال ( ألزاما قطعيا ) لامجال فيه للنقض أو التقاعس أو الأهمال أو التقصير على ضرورة توفير الأمن والأمان والدواء والمواد الغذائية ومستلزمات أدامة الحياة لجميع السكان المدنيين الواقعين تحت سلطة الاحتلال والحفاظ على حياتهم وتوفير كل ما من شأنه الحفاظ على كرامتهم وأنسانيتهم ومنع الاعتداء عليهم مهما كان شكل ولون هذا الاعتداء. وعلى ضوء هذه المعطيات تكون الولايات المتحدة وضمن شواهد الواقع الميداني المستفيضة قد خرقت معظم البنود الملزمة آنفة الذكر في اتفاقيات جنيف الرابعة والمتعلقة بواجباتها تجاه أبناء الشعب لعراقي ولعل مسيرة السنوات الاربعة ومنذ سقوط النظام الصدامي في التاسع من نيسان 2003 وحتى اليوم خير دليل ناصع على فشل الولايات المتحدة في الايفاء بالتزاماتها تجاه القانون الدولي بحق المدنيين العراقيين وبالتالي فشل سياساتها في العراق بعد أن تعهد الرئيس بوش بأن يكون العراق أنموذجا رائعا للديمقراطية والاعمار والسلام ومثالا يقتدى به بين دول المنطقة ضمن تسويقه لنظرية(الشرق الاوسط الجديد) فهل يا ترى تم تطبيق هذا النموذج من خلال المشهد الحالي للعراق بعد مرور هذه السنوات؟!!! ولعل روح التذمر من سوء أدارة الولايات المتحدة للملف العراقي ما زالت متنامية لدى الكثير من الباحثين والمراقبين السياسيين في مراكز الدراسات الستراتيجية ذات العلاقة بالقوى المؤثرة ومراكز صنع القرار الامريكي للأسباب التي ذكرناها ويقف في مقدمة هؤلاء الباحث الامريكي المعروف ( أنطوني أتش كوردسمان ) وهو باحث ستراتيجي في مركز الدراسات الستراتيجية والدولية الامريكية والذي له الدور المهم في رفد مراكز صنع القرار الامريكي بالدراسات ومن بينها البيت الابيض والكونغرس حيث جاء في تقريره الذي تم تحديثه في السادس من آب من هذه السنة 2007 والذي قدمه الى المركز بعد رحلة قام بها شخصيا الى العراق ما يلي: (لقد أصبح الأداء الأمريكي في العراق عاملا حاسما في كيفية الحكم على الولايات المتحدة من قبل العالم, وشئت أم أبيت فأنه ينظر الى الولايات المتحدة بحق على أنها ذهبت الى الحرب - في العراق – لأسباب غير صحيحة, وكذلك قيامها بشكل ثابت بأدارة السلام الذي تبع الحرب بشكل سيء وبأنها مسؤولة عن معاناة 27 مليون عراقي). ومن الواضح بعد كل هذا أن الولايات المتحدة ساهمت في أثارة الفوضى وفقا للمعطيات السابقة في العراق وجعل حياة المواطن العراقي تعج بالمزيد من المعاناة والألم والقلق والشعور الدائم بفقدان الأمان أضافة الى الشروخ والتبعات النفسية اليومية التي يئن تحت وطأتها والمشاكل الأقتصادية والمعيشية التي تتفاقم ومازال يعاني من تبعاتها المختلفة ومن بينها فقدان الجانب الخدمي والصحي ومجال النقص الكبير في الطاقة الكهربائية أضافة الى انتشار البطالة بين صفوف الشباب ناهيك عن تدخلها في موضوعة الملف الامني بشكل سيء ومحاولاتها المحمومة لمسك العصا من الوسط في تعاملها البراغماتي مع الارهابيين والحكومة العراقية وذلك لخلق حالة من التوازن في ميزان القوى ميدانيا وفقا لمتبنياتها الستراتيجية الخاطئة وحالة التخبط التي رافقت أدائها في العراق مما جعل قطاعات واسعة من شرائح المجتمع العراقي تشعر بالأمتعاض والأستهجان لهذا التخبط ووصلت هذه الشرائح جميعها الى حافة فقدان الامل في دور الولايات المتحدة في أعادة أعمار العراق وما سوقه الرئيس بوش من آمال عريضة للعراقيين قبل أسقاط النظام البائد وبعد مرور هذه السنوات. ومن الملفت للأنتباه والتأمل لحالة التخبط في لعبة التوازن الامريكي في العراق وقبل صدور تقرير بتريوس- كروكر قيام القوات الامريكية بعقد اتفاق وتعاون مع مجاميع كبيرة مكونة من الاف العناصر من تنظيم القاعدة التكفيري وعناصرحزب البعث وأمدادها بالمال والسلاح وذلك لكي تكون جزءا من قوات الامن العراقية في عدد من المناطق الاكثر سخونة في بغداد وديالى مع أن هذه المجاميع كان لها الباع الطويل والقذر في جرائم القتل والذبح والاختطاف وأشاعة الموت على الهوية الطائفية وتهجير العراقيين من مناطق سكنهم ودورهم والاستيلاء على ممتلكاتهم وقد لاقت هذه الاتفاقيات الأستنكار والتنديد من قبل المواطنين من سكنة تلك المناطق وكذلك لاقت رفضا من قبل رئيس الحكومة العراقية الشرعية ومن قبل الكتل السياسية الوطنية في البرلمان العراقي حيث اعتبرت هذه الخطوة بمثابة تشجيع لهؤلاء الارهابيين على الاستمرار في جرائمهم وتحت غطاء قانوني الشكل هذه المرة بالأضافة الى أن هذه الخطوة تشكل تقاطعا حادا مع الصلاحيات الدستورية للحكومة العراقية والقوات الامنية العراقية في مطاردة هذه المجاميع وألقاء القبض عليها وفق خطة فرض القانون المطبقة من قبل الحكومة العراقية باعتبار أن هذه المجاميع سوف تنقض عهدها مع القوات الامريكية وتعاود عملياتها الارهابية وبشكل رسمي هذه المرة وتحت حماية القوات الامريكية بحق المدنيين العراقيين لأثارة الفتنة الطائفية من جديد ناهيك عن الخوف المنطقي المشروع من أن هذه المجاميع ستكون في المستقبل القريب ميليشيات طائفية منظمة ومدربة ومجهزة بالعدة والعدد لأثارة الحرب الأستعدائية الطائفية بين العراقيين مرة أخرى في الوقت الذي تشن فيه القوات الامريكية حربا على العناصرالمنتمية لجيش المهدي التابع للسيد مقتدى الصدر وتقوم بقتل العديد من عناصر هذا التنظيم والضغط على الحكومة العراقية من أجل عدم السماح لهذا التشكيل بممارسة نشاطه كونه لايمثل قوات الأمن الرسمية ومثل هكذا أجراء يجب أن ينسحب على بقية التنظيمات المسلحة ولا يستثني أية جهة وتحت أية ذريعة أو حجة يتم تسويقها أذا كان الهدف المطلوب هو نزع سلاح الميليشيات وجعل المهام الأمنية على عاتق القوات الأمنية العراقيه من جيش وشرطة. وقد صنف المراقبون هذه الخطوة من قبل القوات الامريكية بأنها تكرار لأزدواجية التعامل والكيل بمكيالين وتكرار للأخطاء الكبيرة التي طالما دأبت عليها الادارة الامريكية في تعاملها مع الملف الأمني العراقي. وقد كان الأتفاق المذكور مع تلك المجاميع الارهابية يتضمن أنسلاخ تلك المجاميع عن تنظيم القاعدة والانقلاب عليه ومواجهته وقتاله وذلك بعد تزويدها بالسلاح والمال بل وضم الالاف من هذه المجاميع الى صفوف الجيش العراقي والشرطة لتحقيق وتنجيز الاتفاق المبرم . في الوقت الذي أشارت فيه التقارير الاخيرة اللاحقة الى صدق توقعات الحكومة العراقية والمراقبين والمواطنين العراقيين في تلك المناطق فيما يخص هذه المجاميع الارهابية حيث نقضت الاتفاق مع الجانب الامريكي وقامت مجددا كما هو ديدنها بقتل وذبح عوائل عراقية بكاملها من سكان تلك المناطق وتهديد المواطنين المهجرين من ديارهم من الذين أرادوا العودة الى منازلهم بعد الاتفاق المذكور بالقتل والابادة فيما لو عادوا الى منازلهم . وبالنسبة للجانب المتعلق بالدول المجاورة للعراق فأن تقرير بتريوس- كروكر قد ركز فيما يخص تأثير هذه الدول على الوضع الداخلي العراقي على دولة مجاورة واحدة فقط في اكثرمن عبارة من التقرير دون الأشارة الى دور دول الجوار الاخرى والتي كان لها الدور الحقيقي الواضح والمستمر في تقديم الدعم وتسهيل دخول المجاميع الأرهابية عن طريق الحدود الى داخل العراق وتوفير المقدمات المناسبة لانطلاقهم من أراضي تلك الدول والتي تعتبر أغلبها حليفا للولايات المتحدة للقيام بعمليات التفخيخ الأنتحارية ضد المدنيين العراقيين الأبرياء في المدن العراقية والعاصمة بغداد , وعلى سبيل التنويه فقد جاء ذكر كلمة ( أيران ) خمسين مرة في هذا التقريرعلى أنها هي التي تدعم الأرهاب وتصدره الى العراق في محاولة محمومة لألصاق التهم غير الواقعية بهذا البلد دون أن يذكر التقرير دليلا عمليا وواقعيا واضحا وملموسا على الأدعاء المزعوم في دور هذه الدولة في تصدير ودعم الأرهاب في العراق,في الوقت الذي غض فيه التقرير الطرف عن دول الجوار الأخرى والتي أثبتت الوقائع والشواهد والأدلة الكثيرة والناصعة على الدور الواضح لأنظمة هذه الدول في تسهيل ودعم وتصدير الأرهاب والأرهابيين الى العراق بهدف أفشال وتحطيم العملية السياسية في العراق باعتبارها عملية شرعية تعتمد كتجربة جديدة وبداية لأقامة دولة المؤسسات الدستورية ومبدا تداول السلطة سلميا في هذا البلد مما يجعل أنظمة هذه الدول المشكوك في شرعيتها والمتمسكة بكراسي الحكم على رغم أنوف شعوبها تخشى من أنتقال حالة العدوى الى شعوبها التواقة الى تنفس نسيم الحرية السياسية والمطالبة بحقوقها من تلك الأنظمة التي أكل عليها الدهر وشرب في عالمنا المعاصر. لقد تجنب التقرير ذكر دول مجاورة للعراق مثل السعودية والأردن وسوريا أضافة الى عدم ذكره أيضا دول أخرى غير مجاورة للعراق كاليمن ومصر وقطر والأمارات في دعم الارهابيين من تنظيم القاعدة وأيتام النظام الصدامي المقبور وتقديم كافة أنواع الدعم الأعلامي واللوجستي لهم واحتضان ما تبقى من قيادات بعثية وصدامية في أراضي تلك الدول والعمل لكل ما من شأنه تأجيج نار الأستعداء والأحتراب الطائفي البغيض بين العراقيين. لذلك فان عدم ذكر الحقائق عن هذه الدول ودورها في دعم الارهاب في التقريريعد محاولة بائسةوخطأ آخر يدخل في خانة الأجتزاء غير المبرروالقفز المتعمد فوق الحقائق من قبل الولايات المتحدة لألقاء الكرة بشكل سيء وخارج قوانين اللعبة في ملعب الأيرانيين وهي خطوة تؤكد فشل الرئيس بوش في محاولاته المتكررة لاستعداء المجتمع الدولي وشرائح المجتمع العراقي ضد الجانب الأيراني من اجل أن يكون العراق ساحة اخرى لتصفية الحسابات القديمة بين الولايات المتحدة وأيران ومن ثم جعل العراق قاعدة قريبة مجاورة للأنطلاق نحو شن الحرب على أيران بينما تتوالى النصائح من قبل الخبراء الستراتيجيين الامريكيين وغيرهم الى الرئيس بوش بضرورة توخي الحذر الشديد من موضوعة أعلان الحرب على أيران تحت حجج واهية وأهمية السعي الجاد من قبل الولايات المتحدة كي تتبع سياسة الأنفتاح والتعاون مع أيران في المجال الأقليمي بشكل عام ومجال الملف العراقي بشكل خاص لاسيما في المجال الأمني ودعم العملية السياسية والحكومة العراقية الشرعية والتي أتت عن طريق صناديق الاقتراع الانتخابي بدلا من خلق الذرائع الواهية والمبررات غير المقنعة وألقاء التهم الجاهزة على الطرف الايراني في الوقت الذي لم تقدم فيه الأدارة الأمريكية دليلا واحدا يثبت دعم أيران للأرهاب ولم نشاهد او نسمع حتى هذه الساعة بأن قوات الأمن العراقية قد قامت بألقاء القبض على عنصر أيراني واحد يشن عمليات ارهابية ضد المدنيين في العراق أو ضد القوات الأمريكية أو أفراد أو منشآت الجيش العراقي والشرطة وقد سبق أن قامت القوات الأمريكية باعتقال خمسة من الدبلوماسيين الأيرانيين الذين كانوا في زيارة الى العراق بدعوة من الرئيس العراقي جلال الطالباني وهم معتقلون حتى الآن لدى القوات الأمريكية بحجة كونهم ينتمون الى فيلق القدس الأيراني ولكن لم تقدم الولايات المتحدة أي دليل على ذلك وجاءت عملية اعتقال أحد التجار الأيرانيين وهو في زيارة الى محافظة السليمانية في أقليم كردستان من أجل تنشيط التبادل التجاري ومساهمة هذا التاجر في تقديم الدعم الغذائي لسكان الاقليم وقد ندد الرئيس العراقي جلال الطالباني بعملية اعتقال هذا التاجر المعروف في الاوساط العراقية الكردية وحكومة أقليم كردستان وطالب القوات الامريكية باخلاء سبيله فورا وكل هذه التصرفات من جانب الحكومة الامريكية تدلل على مدى التخبط الواضح في محاولة التأثير على التعاون الأقليمي والأنفتاح في العلاقات بين أيران والعراق كونهما بلدين جارين تربطهما العديد من أواصر الجيرة والتاريخ المشترك والأخوة على الرغم من الحرب التي فرضها النظام الصدامي البائد ولمدة ثماني سنوات من أجل دق الأسافين في مسيرة الشعبين الجارين الا أن تلك المحاولات القميئة باءت بالفشل. وعلى كل حال فأن المؤشرات والمعطيات الميدانية والتي يعرفها المراقب للشأن العراقي والأقليمي يرى على الرغم من حالة الأحتقان بين الولايات المتحدة وأيران فأن لأيران الدور الجلي في دعم العملية السياسية في العراق منذ سقوط النظام الصدامي وأنشاء مجلس الحكم وحتى اليوم كما أن أيران تساهم وتدعو الى أسناد الحكومة العراقية المنتخبة كما تقوم بتقديم كافة أنواع الدعم المالي والمعنوي والمساعدات الاقتصادية للشعب العراقي وحكومته وذلك للتخفيف عن كاهل ومعاناة العراقيين ولعلنا نتذكر أن دولة أيران قامت قبل أسابيع بوضع مليار دولار تحت تصرف الشعب العراقي كما أنها تبدي استعدادها الدائم للمساهمة في مشاريع أعادة أعمار العراق لاسيما في مجال الطاقة الكهربائية والتبرع بأنشاء محطات كهربائية وذلك من أجل توفير المقدمات السليمة لأخراج العراق من أزمته الحالية وأرساء الأسس المتينة لبناء العراق وهذه الخطوات لاتعني بأي حال من الأحوال التدخل في الشأن السيادي العراقي بقدر ما تشكل رفدا للعملية السياسية والتي طالما دعا العراق دول الجوار العراقي الى ترسيخ هذا الرفد من خلال أبداء الرغبة الحقيقية في وقوف هذه الدول وبذل جهودها لنصرته في هذه المرحلة الحرجة والحساسة من تاريخ العراق وهو يسعى الى بناء الدولة وتضميد الجراح وهذا لايتم ألا بتظافر الجهود الدولية والاقليمية والأصطفاف مع العراق اصطفافا حقيقيا للخروج من محنته المؤلمة وتكامل كيانه الحر المستقل. أن على أدارة الرئيس بوش ومراكز صنع القرار في الولايات المتحدة وهي الدولة الكبرى التي تقف على رأس منظومة الدول الكبرى في هذا العالم ان تصغي لكل رأي منهجي منطقي ورؤيا موضوعية واقعية فيما يتعلق باتخاذ نهج جديد للتعاون الأقليمي والدولي من أجل استتباب الأمن في المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص وذلك من خلال أقامة ومد جسور التفاهم بينها وبين أيران وبقية دول الجوار العراقي للاتفاق على صيغ عملية تؤدي الى بسط الأمن والأمان في هذه المنطقة الغنية بالموارد والتي تشكل شريانا نفطيا وتجاريا مهما بالنسبة لدول الغرب والتوجه نحو تصحيح الأخطاء بجدولة انسحاب القوات الامريكية من العراق وعدم الأصرار على ارتكاب الأخطاء الستراتيجية المتكررة والتي طالما نادى المراقبون والمحللون الأمريكيون بضرورة عدم تكرارها والأستفادة من دروس وعبر التجارب التي مرت بها الولايات المتحدة لكي يعم السلام في هذا العالم وبغير هذا التعاون سيبقى التوتر والأزمات المتلاحقة وهضم حقوق الشعوب وتطلعاتها يلون وجه العراق والمنطقة والعالم. |