الجدران العازلة في بغداد والنموذج المصغر للتقسيم |
. المقاله تحت باب في السياسة هل انقطعت بنا سبل الوصول الى مكافحة الأرهاب وعصاباته حتى نلجأ ألى أسلوب أقامة الجدران الكونكريتية العازلة بين أحياء بغداد العاصمة بهذا الشكل الغريب والطاريء والذي جعل العاصمة الحبيبة تنوء تحت عبء هذا (الأسر الخرساني) وقد جعل لسان حال بغداد يذكرنا بمقطع من قصيدة الاطلال المشهورة والذي يقول فيه الشاعر(أعطني حريتي أطلق يديا) ؟ ليس من الصعوبة بمكان الأجابة على هذا التساؤل لاسيما ونحن نعلم أن ثمة بدائل وأساليب تكتيكية عدة لمكافحة زمر الأرهاب دون التعكز على هذا الأسلوب المشبوه الذي يذكرنا بجدار برلين أيام الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والأتحاد السوفييتي السابق. حيث أن أقامة هذه الجد ران التي ينفق عليها من خزينة الشعب والتي تم فرضها على أرض الواقع الميداني سيحول العاصمة الصابرة جدا بمرور الزمن الى كانتونات طائفية معزولة عن بعضها البعض الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف الى تنمية بذور المشاعر الطائفية المتطرفة والتي يسعى جميع العراقيين الشرفاء الى العمل على قطع دابرها والتوجه نحو تمتين عرى الأخوة والمحبة بين جميع أطياف وشرائح ومكونات المجتمع العراقي الذي يصطبغ بالصبغة الفسيفسائية البديعة.على الرغم من المحاولات المحمومة والفاشلة لدفع طوائف الشعب العراقي وجرها الى الأقتتال الطائفي البغيض وقانا الله شره الكريه. أذن أنه التقطيع المتعمد لأوصال الكيان الجغرافي البغدادي وتجيير الواقع الميداني المفروض لحسابات العزل الطائفي والتوجه العملي من قبل الولايات المتحدة لجعل المواطن في بغداد يرضخ لسياسة الامر الواقع تدريجيا من خلال أقامة هذه الجدران والدفع مستقبلا باتجاه توظيف هذا العامل في قضية الاستعداء والحرب الاهلية ولنا في تجربة العاصمة اللبنانية بيروت خير شاهد على ماذهبنا أليه أثناء الحرب الاهلية اللبنانية حين قسمت وفق الأجندة السياسية الطائفية الى بيروت الغربية وتضم اللبنانيين المسلمين وبيروت الشرقية وتضم اللبنانيين المسيحيين وما سببه ذلك العزل وأقامة الحواجز بين شطري بيروت أثناء تلك الحرب من خراب ودمار لدولة لبنان وشعبها وما تبعها بعد ذلك من أفرازات على مستوى البنية الاجتماعية اللبنانيه . ويأتي هذا الأجراء المتعمد أيضا في أطارنموذج تطبيقي مصغر لتطبيع نفسية المواطن العراقي على موضوعة تقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم طائفية كما جاء في خطة (بايدن) للتقسيم والتي جوبهت بالتنديد والرفض من الشارع العراقي ومجلس النواب والحكومة العراقيه. وهنالك بعد آخر يتمثل في تخريب الوجه الجمالي والحضاري المدني لبغداد من خلال أقامة الجدران العازلة تلك، فالشخص الذي يشاهد المنظر يشعر بأن أحياء العاصمة قد تحولت الى معسكرات مطوقة بالكتل الخرسانية العالية ويتولد لديه لا شعوريا أحساس التوجس والخوف من المجهول والترقب ناهيك عن افرازات ما أنتجته العمليات الأرهابية وتفخيخ السيارات والخطف على الهوية الطائفية أصلا خلال السنوات الأربعة المنصرمة من تردي الحالة النفسية للمواطن في بغداد والتي تحتاج الى الكثير من الجهد والوقت للتخلص من آثارها السلبية ومن بينها الشروخ والصدمات النفسية التي سببها الارهاب للكثير من شرائح المجتمع البغدادي. وبالأضافة الى هذه المعطيات التي ذكرناها فأن هنالك رفضا واسعا من قبل الشارع البغدادي والراي العام في العاصمة لأقامة هذه الجدران وتمثل هذا الرفض بالتظاهرات العديدة التي قام بها المواطنون في بعض أحياء بغداد للتنديد وأعلان الرفض القاطع لهذه الجدران وهي رسالة واضحة وجلية لقوات الاحتلال للعمل السريع على رفع هذه الجدران التي أقحمت أقحاما قميئا في حياة الفرد والمجتمع البغدادي والذي تعود أن ينتقل من حي الى آخر في بغداد دون أية عوائق أو عراقيل ودون أن يسأل في أي منطقة يذهب أليها عن أنتمائه المذهبي أو العرقي ألا من باب التعارف فيما بين العراقيين في بغداد وهذا ما ألفته الذائقة الاجتماعية للبغداديين بشكل خاص والعراقيين بشكل عام ناهيك عن الاستبيانات والاستفتاءات التي قامت بها مراكز البحوث والصحف العراقية والمواقع الالكترونية والتي اكدت حالة الرفض الواسع لهذه الجدران من قبل البغداديين من جميع طوائفهم وانتماءاتهم العرقية والمذهبية. ونحن نتسائل ألا يمكن أيجاد البدائل العملية للقضاء على الارهابيين في بغداد ومحيطها من غير أقامة هذه الجدران سيما ونحن قد تطرقنا وتطرق الكثير من المتخصصين سابقا الى السبل الكفيلة بالقضاء على الارهاب والارهابيين وهل عجزت تكنولوجيا الولايات المتحدة عن أيجاد هذه البدائل ؟ سؤال نوجهه الى قيادة قوات الأحتلال الأمريكية مع علمنا بأن خطة فرض القانون تؤتي أكلها كل يوم وأن مستوى العمليات الأرهابية في انخفاض مستمر فما هو الداعي أذن للأصرار البائس من قبل القوات الأمريكية على أبقاء هذه الجدران التي جعلت احياء بغداد مكبلة بالقيود الخرسانية البغيضة. وفي الوقت ذاته ندعو مجلس النواب العراقي وبالتنسيق مع الحكومة العراقية الى العمل الجاد من أجل الضغط على قوات الأحتلال لرفع وأزالة هذه الكتل الخرسانية المثيرة للأشمئزاز لدى المواطن العراقي فهل سيقوم مجلس النواب والحكومة العراقية بالعمل لتحقيق هذا الأمر بعد ان اتضحت الأهداف الحقيقية لأقامة هذه الجدران؟ |