فليحة حسن واختزال التجربة الانسانية |
المقاله تحت باب مقالات و حوارات نص العربة للشاعرة فليحة حسن، يقودنا الى تقصي البناء الذي يقوم عليه، بالربط بين الصورة الذهنية التي تتولد بالقراءة ، والصورة المجازية التي تعلن عن نفسها ان نحن عدنا بالنص وربطنا كل المدلولات التي يطرحها بالمرجعيات المحتملة، اذ ان دلالة العنوان (العربة) يعطي اشارة بدئية تأخذنا الى داخل النص الذي يجاري تلك الدلالة، بيد انها تفترق عن المدلول المجرد للعنوان عندما يأخذ النص بالميلان ليس نحو الدلالة البدئية ( العربة) والتي هي ايضا الصورة الذهنية المهيمنة: اعتلينا العربة وحده الحوذي صار يصغي لوقع خساراتنا وانما يتجه الى تفعيل الجانب الاخر من دلالتها الرمزية. وما يحرض على ترك الدلالة الاولى هو قول الشاعرة: لم يكن الحوذي نحيلا ولا الحصان، ولا رؤوسنا فقط كان افق العربة نحيلا؛ والذي يثير السؤال عن ما هو افق العربة، والذي ربما لن يظهر الا ان نحن تقصيناه في ضوء تلك الدلالة وبمدى مفارقته لها، ولنصنع مرتسما بسيطا للنص في ضوء هاتين الدلالتين اي الصورة الذهنية للعربة والافق المقترح ، فدلالات النص التي تقع تحت الاولى هي الفعل( اعتلينا) ، (الحوذي)، (الدرب) و(الحصان) ، اما افق العربة فيرتبط بالدلالات ( وقع خساراتنا)، (سرادق اعمارنا)، ( احزاننا)، ( الخمول) ،(التلاشي) و (نحيلا)، فالدلالات الاولى مرتبطة بالعربة وصورتها الذهنية اي التشكيل المجسم للعربة كوسيلة نقل ،اما الاخريات فهي غير مرتبطة ارتباطا فعليا بالعربة كوسيلة نقل، وانما هي مجموعة من المفاهيم المرتبطة بالركاب الذين هم داخل العربة، والذين يمثلون افقها لانهم هم الذين يسيرونها ليس بالتسيير الفعلي الذي هو واجب الحوذي بل لان الوجهة التي تقصدها العربة مبنية على ارادتهم بالوصول، والذي هو واجب العربة كوسيلة نقل، اذا هذه الدلالات تمثل افق العربة الذي يسيرها. ان استخدام الشاعرة للعربة في نصها اخرجها من محدوديتها التداولية كوسيلة نقل بين مكانيين هما مكان الصعود ومكان النزول، الى العربة كمفهوم يختزل التجربة الانسانية، حيث تتجسد هذه التجربة في انها تمظهر لأفق العربة والذي ارتبط بالدلالات السالفة والتي هي دلالات تمثل تجربة انسانية. ومما يثير التساؤل في هذا النص هو البيت الاول هكذا ومثل رجل ادمن خيباته اعتلينا العربة حيث ان ( هكذا) في بداية النص تشير الى ان النص بكاملة عبارة عن تقديم تجربة معينه وتدويرها كتجربة انسانية عامة، بيد ان الشاعرة قد قرنت هذه التجربة ب/رجل ادمن خيباته/ ولو ابقت الشاعرة على هذه الفردية الذكورية المقترنة بالرجل لأصبح النص يسير في اتجاه واحد والى وجه واحدة بيد انها اكملت النص بصيغة الجمع /اعتلينا العربة/، وهذا التوظيف ربما يكون اكثر عمق ودلالة، وهذا البيت يرينا ايضا بأن الشاعرة قد اختزلت هذه التجربة بالرجل وكأنها انعكاس له / ومثل رجل ادمن خيباته/ تأتي التجربة، ونسيت بأن الطرف الاخر المختبئ او المختبؤن خلف / اعتلينا/ ، / خساراتنا /،/ سرادق اعمارنا/،/ احزاننا/،و/منتصرين/، مشارك او مشاركون في هذه التجربة / افق العربة/. |