المقاله تحت باب مقالات و حوارات في
16/08/2007 06:00 AM GMT
من كتاب الحب والشعر للشاعر منير مزيد
الشاعر منير مزيد قتل كل الخرافات التي تحوم حول المرأة، يدخلك غواية رقته الصافية في هياكل قلاع شاسعة المسافات، تسكنها قصائده المفتونة بتشريعات الحب، قوانينها عدم المساس برقة المرأة، أو إنساب أي ضعف إلى وجودها الثر، من يصاحب تلك القصائد، يغوص في بحار الحب والمشاعر التي تغدقها المرأة على وجودها في هذا العالم الذي بدونها لا يكمل، الشاعر هنا يؤكد أنها ليس مصدر غواية، بل هي تحمل صفات الحنان، الطيب، الحب، الرأفة، من يرفع من شأنها، يصبح متعري من هواجس الحياة وقلقها المزيفة تجاه أي طمع، يحسب نفسه مخلد في دنيا صميمها كل احتمالات المشاعر الدافئة، الشاعر منير مزيد يمارس سلطته المستمكنة من المفردات في لغته الشعرية، خلق شكلاً لبراري الحب الجميل المهذب، يناغي المرأة بدلال الأُم حين تلاطف صغيرها لتؤنسه، الشاعر منير مزيد لا يملك سواحل العالم ولا شواطئه، لكنه يملك عذوبة ورقة تمنحه المجد وتُمَلِكَهُ جميع الاماكن، يأخذك الشاعر منير مزيد في كتاباته الشعرية إلى مسك الضمير وحياكته المبتسمة تجاه المرأة، في كل كتاباته، يصفها بالرقة، والحنان، والانوثة الكاملة، حين تقرأ له يمتصك إلى آخر كلمة كتبها في كل قصائده، يلجأ اليها بحاً عن الاطمئنان، عن الحب، عن السكينة، لإكمال وجوده على هذا الكوكب، هو لا يقول رفقاً بالقوارير، بل رفقاً بالعطر الذي يملاؤها. الشاعر منير مزيد في (( مقطوعات من كتاب الحب والشعر)) يلبس المرأة ثوب البهاء والحياء، يعطر رؤياهُ لها بمفاتن اللحظات الرائعة، في قصائد تجدها كفراشات منسوجة بألوان الصدق والشفافية، يدهن معابد الكون بانوثتها الوادعة، تخفق جوانح قلبها كالربيع حين لا تدخلها الظنون، كالربيع فصل عمره قصير لكنه يترك من عبقه في كل نفس حيثما يوجد، حيث نجد الشاعر منير مزيد يقول: تاتي من الروح بكامل سحرها وجمالها وسرعان ما تختفي تركتني مسحوراً يطحن تجربته ويذرها على الدروب الجديدة عند كل حافة ماء تتخاتل الحصى في قعره، تتقاطر النفحات على منحنى الروح كحباة اللؤلؤ، لا يترك المرأة تغادره قبل ان يتلمس التشفع عندها يقولهِ: حتى تأخذي النفس الأخير كل ما أريده حتى اموت بسلام بعيداً عن بؤس هذا العالم يخاطب كل إدراكات المرأة ومفاهيمها للحياة، من داخل تجربته الخلاقة، حتى التربة يدسها في حديث حبه بقوله: حبيبتي تزرع وردة السماء في روحي فأغني أغاني اللاهوت قوافل من الهمس تشتعل في نفسه، يعنونها بحس مثالي تملكه المرأة، تنظيم متوج يصب في مراحل عمرهِ العامر بالألفة والجمال، بقوله: كنت أظن بأنني قد كبرت وصرت رجلاً وحين احببتك أدركت بأنني ما زلت طفلاً لا يعرف شيئاً غير النهد بالشوق الذي لا يكف عن التخاطر، يحتجز أحلام غربته مخاطباً المرأة، مخضباً بانفلاتات يحملها بين طيات رغبته، كربان لا يملك سفنه فيبحر في عواقب الامور مجسداً أحزانه واحزان حواء التي لا تنتهي، فتداعبه بلطف، بقوله: مع كل هذه الاحزان والدموع يأبى الشعر إلاَّ أن يغزل قصائده لسوسنة سوداء غارقة في حزنها الأبدي يتوثب ضلوع مغرمة بالعبث، متجرداً من الصور الزائفة والكلمات الخافقة، كما يصاحب الكاتب مقص الرقيب يصاحب حياة المرأة الرقيب، هما الاثنان مغروسان في نفس الطريق، إذ يقول: حبيبتي يحزنني أنكِ بعيدة عني وما يحزنني أكثر أن يُطال مقص الرقيب قصائدي يتشابك في نسج معانات المرأة والشعراء في متوازي واحد، هي معذبة لما تملك منجما وأنوثة تضعها موضع الشك، والشعراء لما يحملون من نظرة ثاقبة لما يدور حولهم، يتحسسون المعاني والمفردات في صياغة حياة أمثل، لكنهم في موضع شك، من قبل المغرضين والمعنيين، والشاعر منير مزيد مغرم بكل المعاني الزاهية ومصر على تجميل الكون بقصائدة وما تحمله من افكار طرية لائقة بالشعراء والمراة، يتسلق ذاتها ويحلق مع روحه، يصاحب ذهنه رعداً وبرقاُ من تلافيف جمالها، بقوله: تعرف أولاً على ذاتك وعلى المرأة التي تهدهد القلب القلب الذي يحملك فالذات بلا قلب وامرأة كومة من خراب ... تشابك يؤسس ليل الحزن، يوقعه في شرك الآهات، رغم نزعته المرحة، حيث يقول: آه لو للغناء مخالب تقلع أشواك الحزن عن وجوه الشواطئ فلن اتوقف قط عن الغناء يشهر الشاعر منير مزيد باقات ورودهِ الندية حتى يسكن ما فتئ من تلك الفوضى والضوضاء، من قصائد الشاعر منير مزيد تفهم الاحوال التي حيكت ضد المرأة واسبابها، فأمعن الشاعر في وضح النهار على اشعال قناديل فتائلها من ضوء الحقيقة عن تلك الانسانة التي خلقت في أحسن تقويم، ألبسها إياها الخالق أبدع فأحسن تكوينها، ملاءها بالحنان، مما جعل عند بعض الرجال الغيرة الزائفة تنهض وتنام الشهامة، وبدل ان يكون إلى جنبها، أصبح متعصباً وخائفاً منها، أما الشاعر منير مزيد أودعه الله قبس من الخير فشع في قلبه الانس، الذي وجده عند المرأة فكتب عنها وصقل ما علق بها من غبار، كما تصقل الجوهرة.
|