وصية

المقاله تحت باب  نصوص شعرية
في 
16/08/2007 06:00 AM
GMT



اعزائي ..

وصية الغائب , الحي بموته الطويل , التارك ذكرياته و هواءه و ماءه أمانة في عنق الجرح المسمى ( عراق )

وصية المشتاق , الخائف من اللاعودة

وصية العاشق

وصية لمن تلامس انفاسه جبين بلادنا التي سلبت منا و سلبنا منها ذات حرب جامحة

 

ياللشوق ..

كم يحرق اشراق الصباحات الجديدة بالبكاء على فجر جديد .. كان في الماضي يقبـِّل بيتا ً لم استطع توديعه

 

ياللشوق ..

كم يحرقني

 

ياللشوق ..

يا عراااااااق .

 

 

وصــيـة

 

 

حينَ ترجعُ يا صديقي

خذ ْ جراحي في حقيبتكَ

خبأني بينَ طياتِ الثيابِ وريقة ً من شعر

احفظ ْ ما تبقـّى من ملامح ِ ذلكَ الوجهِ

و قلْ للأصدقاء ...

إنني جرحٌ بساقين ِ

و صوتٍ

و فناء

 

حينَ ترجعُ يا صديقي

احضن ِ الشارعَ و املؤهُ نحيبا ً

تنفـَّسْ قدرَ ما يملأ حنيني من هواء

انتحبْ عني

و قلْ للأرض ِ ..

هاكِ نحيبها

نهرين ِ من غربة

و قامات ِ ابتلاء

 

حينَ ترجعُ يا صديقي

قبل ِ الجدرانَ

و قلْ للموتِ ..

أوصتني بذلك

قبل ِ النهرين ِ و النخل َ

و قلْ للموت ِ..

إرفعْ عن ترابي لعنتك

قبل ْ جبينَ اللهِ في كلِّ المآذن

خذ ْ بأنفاسي

و قلْ للموتِ ..

أوصتني بذلك

 

 

للشمس ِ فوقَ شفاه ِ دجلة َ صورة ٌ أخرى

للعشق ِ في وطني مذاق ٌ آخرُ

للحلم ِ في وطني مذاقُ آخرُ

حتى الموتُ في وطني لهُ مذاقٌ آخرُ

 

لخبز ِ تنور ِ العراقيينَ في المنفى مذاقٌ آخرُ

للشعر ِ في المنفى مذاقٌ آخرُ

و حتى اللحنُ في المنفى يعانقهُ نحيبٌ آخرُ

 

 

حينَ ترجعُ يا صديقي

زرْ بيتي و ابحثْ في زواياهُ عن صورة ٍ

عن ضحكة ٍ أو دمعة ٍ

عنــَّا

و إنا مبعدون

زرْ بيتي

و اغرفْ من ترابهِ مايكونُ لغربتي زوادة ً

عانقْ نخيلَ حديقتي عني

اسق ِ الشتيلة َ..

جفَّ في أوصالها خوفٌ

أغلق ِالأبوابَ إذ لم يتسعْ وقتي

إغسل ِ الأشلاءَ عن جدرانهِ

هدهدهُ و احنو

أنتشلهُ من الدوي

اعتذرْ عني لبيتي

لم أخنكَ .. و لم أغادر

إنهم سلبوني منكَ

و في صباح ٍ عابس ٍ مني سـُلبتَ

أغمضوني

و أغمضوك

 

يا أيها الأحياءُ و الأمواتُ

يا من تسكنونَ الحربَ بيتا ً

الشعرُ يحملنا إليكم

و نحلمُ - ذاتَ فاجعة ٍ – بأنــّا قد نعودُ

 

 

حينَ ترجعُ يا صديقي

حينَ تمرُّ في ساحةِ عنتر

قلْ لأوصال ِ الحديقة ..

إنها كانت هنا

حينَ تذرعُ خطوتاكَ رصيفَ أبي نواس

إقطع ِ الزمنَ القديم

و قلْ ..

مشت الغريبة ُ – ذاتَ ماض ٍ - من هنا

حينَ تبكي إذ ترى جسرا ً تهدَّمَ

قلْ ..

يا صرافية َالخير ِ .. انتفضْ

خذ ْ من أديمي حفنة ً

و انثرهُ فوقَ الجسر ِ

عمِّدني بهِ

عمِّدهُ بي

و أنا الترابُ

و كلُّ أرضي جنة ٌ

حتى و إن وشمَ الغزاة ُ جبينها

( لن تدخلوها آمنين )

 

للروح ِ أوجاع ٌ

على طول ِ الهزائمُ تستجيرُ :

عراقُ

يا عراق

و إذ ضاقت منافي الروح

أُ ُوجـِعَت القصائدُ بالصراخ :

هيا ارجعوني للعراق

ارجعوني للعراق .....