حزب الدعوة بداية نزع الأقنعة |
المقاله تحت باب في السياسة انتهى الآن حزب الدعوة من تفتيت الكتل السنية. تقمست القائمة العراقية وانشطرت تجمعات الأنبار، واختلفت أجنحة الأكراد، وتضاربت قوى التركمان والآشوريين. فتشطير الآخر ضمان القوة لدى حزب الدعوة، بدل الاصلاح الذاتي.
الآن يتوجه حزب الدعوة لتفتيت الكيان الشيعي. في البداية كان الحزب يتضاحك على شيبة المرجعية، فأعلن العام 2005 أن السيد السيسستاني فقيه الحزب، طبعا بدون مراجعة السيسستاني بالأمر، والقضية مجرد لافتة لجذب الشارع الشيعي ليس إلا. فحزب الدعوة في واقعه لم يعد له غطاء فقهي منذ تخلي السيد كاظم الحائري عنه، ولم يستطع الشيخ العطار تثبيت مؤهلات علمية وكفاءات إداراية. وعلى الرغم من كل سنوات الصبر من لدن مكتب السيد السيستاني على تجاوزات نوري المالكي القانونية وخروقاته في إدارة الشراكة السياسية، فان حزب الدعوة كان يحاول كسب الوقت ليس إلا، حتى قام المالكي بفتح مكتب محمود الهاشمي (بحسب وجهته العراقية، واسمه محمود الشاهرودي بحسب وجهته الايرانية) كي تبدأ مرحلة الضغط على مكتب المرجعية. وبعد أن قام حزب الدعوة بهدم مسجد محمد باقر الصدر في الناصرية التابع للسيد الصرخي انقلب الى داعم لهذه الجهة أيضا من أجل تحويط المالكي بلافتات دينية تحرزا من ضربة استباقية تقوم بها المرجعية، خصوصا وأن الشيخ بشير النجفي دعا في بيان له إلى ضرورة عدم انتخاب أي مرشح ينتمي للأحزاب الحاكمة التي بذلت كل ما بوسعها لتحويل السياسية إلى فرهود علني. وبالتأكيد أن مثل هذا البيان قرأه السيد السيستاني ولم يعترض عليه. رويدا رويدا يتقدم حزب الدعوة لتغيير ثوبه القديم، وهو الآن يستخدم بكل صلافة وبلا تردد لغة القائد الضرورة (لولا كتلة دولة القانون لما بقي العراق). وتاريخ الحزب الطويل دليل عملي ملموس على كون هذا الحزب سيأكل مناصريه الجدد كما أكل المتوافقين معه من قبل. وهذه اللعبة الآن هي أخطر المراحل: تفتيت صورة المرجعية، والتهديد بفتح حرب أهلية بين أبناء المذهب الواحد إن لم يبق حزب الدعوة على رأس تشكيلة التحالف الوطني والتشكيلة الوزارية. وبعد أن يستتب الأمر للحزب سيعود لتكرار معزوفته القديمة بكونه حزب مثقفين ونخبة ومفكرين (لا أدري أين هي نظرياتهم طيلة نصف قرن؟!). وعليه فهم من يتعين أن يديروا المرجعية المتخلفة، بحسب تصورهم، وليس العكس، خصوصا وان المجتمع العراقي يتقهقر علمانيا إلى مرحلة الستينيات حيث التقزز من الزي الديني والفكر الديني، وشبابنا في الجامعات وفي نشاطات فيسبوك خير شاهد على ذلك. إن حزب الدعوة هو الذي أشاع كذبة تأسيسه على يد محمد باقر الصدر، ثم حنط محمد باقر الصدر نصف قرن في متحف الضحية اجترارا لعواطف الجمهور، وكي يكون بمنأى عن السؤال والمناقشة عن حقيقة منطلقاته وإدارته، فالحزب بحاجة مستمرة لصورة الضحية هذه. لذا يقوم بضرب طرف ما؛ التيار الصدري أولا، وجماعة الصرخي ثانيا، ثم يعود بعنوان مضمد الجراح الرؤوف ليغرز مصلا مسموما بعيد المدى. عما قريب سيحل ليل التقسيم السياسي ولن تحتاج الذئاب عندها إلى أقنعة. |