المقاله تحت باب قضايا في
18/06/2012 06:00 AM GMT
لا يُخفي ماهر محمد المُستثمر اللبناني إحباطه مما يواجهه من روتين مُعقد تسبب في عرقلة إستثماراته لوقت طويل في مدينة كربلاء. ويصف حاله بأنه "كفأر دخل المصيدة بعدما أغرته قطعة جبن داخلها". العقود التي أبرمها الفواز باعتباره مستثمراً أجنبياً تتعلق بإنشاء فندق سياحي خمس نجوم ومشاريع أخرى، ولا زال بانتظار النتائج. ويقول لـ"نقاش" إن "التعامل مع المستثمرين في النجف افضل بكثير حيث باشرت العمل الفعلي لإنجاز برج على غرار برج دبي في الإمارات". هموم المستثمر الأجنبي في كربلاء التي تستقطب عشرات الوفود في مجال السياحة الدينية شهريا تنصب في جملة عراقيل تضعها الوزارات العراقية وبعض المؤسسات الأمنية أمام مشاريعه الضخمة، فالروتين المُتبع في إنجاز المعاملات يقتُل رغبةَ أكثر المستثمرين إصراراً . يقول محمد "لم اتصور ان تكون الإجراءات الرسمية بهذا التعقيد، فبعد إبرام عقود المشروع فوجئت بأن تنفيذه يحتاج إلى إنجاز معاملات لا تنتهي في الدوائر والوزرات الأمنية والخدمية للحصول على التصاريح. وأضاف "يتوجب أن اقوم بمراجعة جهاز المخابرات والأمن الوطني ومديرية الإقامة ومن ثم الضمان الإجتماعي وقبل كل هذا إكما إجراءات هيئة الاستثمار والبلدية". ويستثمر محمد الملايين من الدولارات في قطاع السياحة والإسكان في مدينة كربلاء وسط العراق، بعدما وَجَد إن رواج السياحة الدينية في المدينة والإستقرار النسبي الذي تتمتع به كربلاء سيعود عليه بأرباح جيدة. قانون الإستثمار العراقي رقم (13) لسنة 2006 يمنح المستثمر الأجنبي الحق بتوظيف واستخدام عاملين من غير العراقيين في حالة عدم إمكانية استخدام عراقي يملك المؤهلات والقدرة اللازمة على القيام بنفس المهمة وفق ضوابط تُصدرها هيئة الإستثمار. كما تمنح الفقرة الثانية من المادة (12) فيه المستثمر الأجنبي والعاملين في المشاريع الإستثمارية من غير العراقيين حق الإقامة وتسهيل دخوله وخروجه من وإلى العراق. إلا ان هذا القانون النافذ لم يُفلح في إسعاف محمد خلال جولته الماراثونية بين الدوائر الرسمية للحصول على الموافقات الرسمية التي تؤَمن الديمومة لمشروعه، أو حتى تأمين الإقامة داخل العراق بشكل مشروع. يقول محمد "انا محُتجز بصورة شبه إجبارية في كربلاء بعدما نفَذَت مدة إقامتي وانتهت صلاحية تصاريح الدخول التي حصلت عليها، ويتوجب علي أن أجدد جميع هذه الأمور في رحلة معاملات جديدة". وتابع كلامه بشيئ من الحيَرة واليأس "لم اترك باباً للحكومة المحلية إلا وطرقته ولم أجنِ سوى الوعود، ولا ادري كيف يمكنني أن أجلب كادراً يضم خمسين عاملاً متخصصاً من خارج العراق لإدارة المشروع". ويشترك غالبية المستمرين في كربلاء في العراقيل والصعوبات التي تعيق عملهم، بل ويتفاجأ الكثيرون بها بعد توقيعهم العقود التي يظنون أن إبرامها سيسهل لهم العمل لكنهم يجدون العكس. هشام صابر لبيب مستثمر مصري في النجف قال لـ"نقاش" إن التعاون مع المستثمرين هناك افضل بكثير من محافظة كربلاء التي تتأخر فيها المعاملات. يقول هشام الذي يتابع مشروع استثمار جديد في مقبرة وادي السلام في مدينة النجف رفض الكشف عن تفاصيله إن الإستثمار في العراق بشكل عام تعترضه عراقيل عدة بسبب إختلاف التفسيرات للقوانين، فضلا عن الإرباكات في التنفيذ بين هيئة الإستثمار والحكومات المحلية. كربلاء التي لجأ إليها عدد من المستثمرين الأجانب الراغبين في إقامة مشاريع اقتصادية ضخمة تبدو أقل نجاحاً في هذا المجال من جارتها النجف. وتؤكد البيانات الرسمية على أن هيئة إستثمار مدينة النجف وقَعَت في السنوات القليلة الماضية (188) عقدا استثماريا، تم تنفيذ 80 % منها، على العكس من كربلاء التي أبرمت 25 عقدا ولم تُنفّذ سوى تسعة منها فحسب. وتُرجِع الحكومة المحلية في المحافظة التلكؤ الذي يواجه قطاع الإستثمار في المدينة إلى التقصير والفساد في بعض الوزارات، بحسب زهير كاظم مرهون رئيس لجنة رقابة الأستثمار في مجلس المحافظة الذي أكد لـ"نقاش" على "وجود مافيا فساد تهيمن على مفاصل مديرية البلدية". وقال مرهون "تم عرقلة عشرات المشاريع الإستثمارية المهمة التي كانت ستسهم بشكل إيجابي في تطوير إقتصاد المدينة ، حيث عقدت الحكومة المحلية أكثر من لقاء مع مدير بلدية كربلاء لتجاوز العراقيل التي توضع أمام قطاع الاستثمار، إلا ان ذلك لم يسفر عن نتائج ملموسة". وأضاف "سبق وان حصلنا على كتاب رسمي من رئاسة مجلس الوزراء لتسهيل العمل الإستثماري في كربلاء إلا أنه لم يُنَفَذ". أستاذ الإقتصاد في جامعة كربلاء عباس الدعمي أكد أن ملف الاستثمار فشل في عموم المحافظات العراقية باستثناء اقليم كردستان الذي نجح حسب قوله في "التحرر قلبا وقالبا من الأَغلال البيروقراطية التي تهيمن على مفاصل المؤسسات الحكومية". وقال الدعمي "لا تزال العقليات المشرفة على عمل القطاع الاقتصادي في العراق تنتهج اسلوباً متخلفاً لا يتسم بالمهنية والإختصاص المناسب، فهناك بعض المسؤولين لا يجيدون سوى وضع العصى في العَجَلة". الدعمي أكد ايضاً أن العشرات من رجال الأعمال الراغبين في الإستثمار بمشاريع عملاقة في كربلاء تركوا العمل وغادروا المدينة بعدما صعقتهم تعقيدات الوضع وعمليات الإبتزاز التي تعرضوا لها. عن (نقاش)
|