قراءة وتأويل لقصائد جواد الحطاب في ديوانه: إكليل موسيقى على جثة بيانو

المقاله تحت باب  مقالات و حوارات
في 
18/12/2009 06:00 AM
GMT



يكرس جواد الحطاب منذ مجموعته الأولى (سلاما أيها الفقراء) نفسه شاعرا ينشد الأخر ، شاعر يغوص في أعماق الآخر من اجل أن يتألف معه في صوغ يفيض ألفة من دون هشاشة لغوية على الرغم من اللغة الشفافة التي يستعملها إلا إن تلك اللغة لغة مقتصدة بيد أنها مكتنزة من دون ترهلات. إن شعرية جواد الحطاب تنفض عنها غبار المقتريات من اجل أن لاتدور في فلك ما هو جزئي بل أنها تبحث في كونية الأشياء بروح شاعرية لنقف قليلا مع "النصيص" المكتنز بالتناقضات المتداخلة لكن المنسوجة على يد صانع ماهر فـ /البيانو/ من الأجهزة الموسيقية الثقيلة وزنا والثابتة التي تشكل مادة الخشب فيها جزءا كبيرا لذلك جاء التوصيف دقيقا وغاية في الروعة للبيانو كونه بنية /جنة/ مدفونة في تابوت خشبي ، لكن الغريب في هذه الصدمة الأولى التي يتلقاها المتلقي هو /النشاز/ المحبب ، إذ يضع الشاعر إكليلا من نوع مادة المسجى. إننا نلاحظ وبنحو دائم إن /إكليل الزهور/ مادة غير حية توضع على ضريح إنسان (مادة حية) ، إلا إن عملية القلب التي مارسها الشاعر أنتجت ألفة بين طرفي المعادلة فالإكليل موسيقى موضوع على جثة آلة موسيقية. هذا التواشح لم يفصله الموت المفترض داخل النص وخارجه. فان الشاعر لايريد أن يبعد /جثة البيانو/ من نزوعاتها الداخلية التي هي جزء من كينونتها /الموسيقى / فاختار ما يديم زخم الفعل الروحي  ليظل البيانو على صلة مع كينونته الأولى . إن /إكليل موسيقى/ ما هو إلا إشارة وإصرار على الحياة كون الموسيقى نديم زخم الفعل الحياتي باتجاه تحصيل ما هو راق وسام. هذا العناد الروحي هو خارج بنية الجسد ، انه يعمل في مساحة اكبر وأوسع واكسر ديمومة هي الروح.
يتخذ القسم الأول من المجموعة التاريخ بساطا تتمدد عليه النصوص وهذا ما استدعى التخلي عن الذات ، أي التغلب على ما يطلق عليه "نشوة القلب " والتوحد مع "المخيلة الناصعة" التي تنهض بأعباء البعد التاريخي مما يحمل من مفردات. هذه النزعة التجريدية تضفي اهتزازا معقلنا وتؤلف كيانا شعريا مستقلا يأخذ من الموسيقى روحها غير التنغيمية ،أي إن مغزاها ينبني مما هو غير محدد لكنه معلوم. فالسخط الساخر الذي تبتدعه مخيلة الحطاب يحاول تفكيك الاشياء وعزل أجزائها وبهذا يحكم الشاعر سيطرته على موضوعه . أن اتجاه مخيلة الشاعر لاكتشاف ما هو ذو بعد تاريخي من خلال صورته المعكوسة في مراة الزمن يساعد في تفعيل بنية الزمن بنحو خلاق لان هذه البنية جعلت من مادة الزمن فعلا يبحث في افق الخيال ليشكل واقعا جديدا منضويا في اللاواقع فالتجربة التي يستعملها الحطاب تجريدا عقليا بدليل انه متحرر من القيد التاريخي أي من الموضوعة التاريخية باتجاه إيجاد الأجوبة لأسئلة يفترض أن تطرح منذ زمن بعيد .
 
الطائع بالله              المستعصم بالله
القادر بالله             
القائم بأمر الله                     
المستنجد بالله                     
المستنصر بالله
المستعصم بالله

ياااااااااااااااااااااه

تضحكني هذي الاسماء

أربّ هذا ..
أمّ .. شمّاعة اخطاء                    
 
 إن اللغة الشعرية –هنا- لغة غير متأرجحة بل لغة صانعة لألفاظها واستعارتها وموسيقاها واتجاه حركة القصيدة عند الحطاب هو الذي يقرر ديناميتها لأنها تحمل نفسها بنفسها من دون عكازات أي إنها تتكئ على ما يعينها على الوقوف ذاتيا .
إن البعد التاريخي وان بدا مهيمنا إلا انه اتخذ من التمرد ديدنا له. التمرد هنا محسوب باتجاه ما هو نصي ، فنفاذية الشاعر تكمن في سرعة حركته الزمنية ومحاولته تسريع هذه النفاذية باتجاه حرق المألوف السمعي بدلا من المراوحة أمام الحدث التاريخي. إن مسك قضية المتنبي وان لم تكن جديدة غير إن الشاعر أخذها بمسار جديد إذ حاول أن يتخذ من الأدوات التاريخية السابقة للمتنبي مدخلا للنفاد إلى شخصيته بل إن /المقابلة/ التاريخية –هنا- ذات فعل انطولوجي لاتتصدع فيه المرويات التاريخية على صخرة الحدث ومنتجاته وتداعياته. فسحب الرؤية التاريخية إلى ما هو عصري من التاريخ ومحاكاته يعطي للشاعر حرية التعبير عن فكرته دون الاعتماد على مفتريات أخرى- لهذا لجأ الشاعر إلى ما يمكن أن نطلق عليه (الألفة الخادعة) فهو يرينا صورة تاريخية في أهاب معاصر كاسرا بذلك بنية القولبة التاريخية. فهو لايريد لشعره أن يعيش في عالم متغير فقط بل يريد منه أدبا يغير شيئا من العالم الذي هو فيه. انه لايريد أن يشخص التاريخ بقدر ما يريد أن يستفهم ويجيب عن تلك الاستفهامات بالشعر

كان المتنبي
مذيعا في (TV) الحمدانيين

أو

قال خراساني
رأيت المتنبي يبع الهمبركر
في صالة ماكدونالد

في /جثة بيانو/ يتخذ الصوغ المجازي الموشى بتوظيف رمزي دالة جديدة في منحى القصيدة عند الحطاب متخليا عن مألوفيته . هذا الاشتغال على بعدين مهمين في تنويع القصيدة الحديثة أعطى لهذا النزوع قيمة دلالية متشظية. هذه القيمة أثرت في مساحة الرؤيا الشعرية إذ إنها محكومة بدلالاتها المزدوجة مما أعطاها زخما عاليا في اقتناص اللحظة الشعرية الممتزجة ما بين ما هو داخلي وما هو خارجي أي بين الذات والعالم وهذا ما أحال الحقيقة إلى مهاد آخر يحمل مدلولة الضمني الذي يحاول إقامة علاقة مع ما يعارضه بواسطة خلق أفق شعري يتداخل فيه أكثر من صوت

قلقي ، وهو يرتجل النوم
تناسى إن ينزع أسنانه من سريري
فظلت الأجفان بلا ستائر

إن صوت الراوي هنا صوت الشاعر الذي سرعان ما يضعنا في مواجهة ما هو داخلي/الأنا متمثلة بـ/ قلقي/ انه يريد منا أن نخلق فراغا لذاته حتى تكون هي لب القضية لكنة فجأة يتحول إلى لغة تريد الوصول إلى الإدراك أي إن نعي من خلالها حركة البندول وهي تذهب يمينا ويسارا

أكان على الخريف أن يشكل وفدا
من العشب لمحاورة المناجل؟

إن اللغة –هنا- لغة معنى أكثر ما هي لغة شعر لأنها تبحث في المدرك (بفتح الراء) مما حولنا بيد أنها تنبثق من بؤرة مصدرها البحث في مالات الآخر التي تنكمش في نقطة مركزها الشاعر نفسه ، فان الشاعر لايفصل نفسه عن الآخر بل هو جزء منه

تحت الصح بإصبعين
أفاجئ الكلاب
تتناهب قميص أخطائي
وتقترح النباح علي

واضح من السطور الأربعة إنها تلخص قضية الشاعر مع الآخر معا لأن مقصديتها غير خارجة عنها بمعنى إن الخط الممتد بين ما هو صحيح وما هو خطا كامن في منطقة التصرف على الرغم من إن هذا التصرف قد اتضح معناه في ذلك القميص الذي يرقد به الشاعر /قميص أخطائي/ .
إن مغزى /الخطأ/ هنا وظيفي لأنه واقع في المنطقة نفسها /تحت الصح بإصبعين/ فالأسطر الأربعة تحاول أن تنجز مقصديات الشاعر بواسطة ضخ المعطى دفعة واحدة. إن الفضاء المكاني وان بدا ضيقا لكنه مكتنز بإشاراته الصريحة غير المبتعدة عن أبعاده المحددة بإصبعين وهنا يتأتى الإيحاء من إن لفعل الصح مغزى موضوعي إذ إن المساحة بين ما هو صحيح وما هو خطا لايمكن ملؤها خارج النص لذلك اختار الشاعر /الكلاب/ رمزا تعزى إليه عائدية مواجهة الخطأ حتى بهذه الطريقة الموزعة بين /النهب واقتراح النباح/ .

  القسم الثاني من المجموعة هو (صيحة الغريق) في تسجيل ما يحدث في العراق في أدق وأحرج سنواته فالقصيدة –هنا- تتقدم بنا في مواجهة أزمته متداخلة وصعبة من عمر العراق
 
السرفات ..... ليست في الشوارع
السرفات على قلبي

أية سخرية هذي
في الألفية الثالثة
وبلادك مستعمرة

أيتها الحرية
اطمئني
إننا نحرز تقدما ملحوظا
في
الاحتلال
 
في هذا الجزء يسجل الشاعر نفسه راصدا لكن هذا الراصد في قلب كينونته /السرفات على قلبي/ هذا الرصد الحياتي اليومي الثاوي في غير ما هو معتاد ، إذ إن /الاطمئنان على الحرية/ متحقق فيما هو مضاد لها /الاحتلال/ فقلب السيرورة يمنحنا منتوجا دلاليا ذا منحى معاكس إذ إن السمة الظاهرية لتوصيف الحرية غير متأصلة فيها  فهي وان كانت (غير عاقلة) في بنية التصنيف إلا إن من غير منتجاتها أن تكون مطمئنة في زمن الاحتلال .... ثم نلاحظ ذلك التلاحق للصفات المخالفة للاطمئنان/إحراز التقدم الملحوظ/ إن السمة الضد لما ينبغي إن يكون تتمثل في (تشغيل المحور الاستبدالي) الذي من شانه زيادة عملية الانزياح التي من شانها تعميق معطيات المعنى وجعلها المحطة الأخيرة في سلسلة الحركات المتعاقبة وصولا لمعطى نهائي .
تبقى قصيدة /استغاثة الأعزل/ من وجهة نظر شخصية بؤرة البؤر . يحيلنا /نصيص/ القصيدة إلى البحث عن مجموعة أسئلة مهمة بدايتها انه لابد للأعزل من إن يستغيث إذا ما وصلت به مشكلة عويصة و/الاستغاثة/ لاتحصل إلا بحدث جلل إذن ما الجديد في هذا النصيص هنا كما أظن تنبثق عملية (تكافل) حاصلة فيما بين الاستغاثة والأعزل ، إذ قد يتحقق من الاستغاثة + اعزل = حل
 أو    استغاثة + اعزل = موت
 
اذن الشاعر استطاع إن يحقق سمتين متكافلتين من دون عزلهما ، فالاستغاثة لايتحقق مرجوها إلا بوجود الأعزل ، والأعزل مجبول بطبيعته على الاستغاثة حين وقوع الخطب. إذن (النصيص) استكمل بعده في نطاق ما هو تكافلي لتشكيل ما يأتي. بعده تفاجئنا القصيدة بالتحول إلى مخاطبة الآخر بواسطة فعل يحمل بنية لينة متشحة بالبعد الإنساني /البي/ المقترنة بـ/أخيرا والتي تشير من طرف خفي إلى الامتناع الحاصل قبل التلبية .
 
1. إن بنية الاستثناء الدلالي النحوي تبقى حاملة كينونة الشاعر التي لايمكن مغادرتها /اكتب عنك قصيدة/ ، إلا إن جعل /الرثاء/ خارج حدود القصيدة كمفهوم عام ، القصد منه إعطاء الشعر بعدا اكبر من النواح على الآخر. إن هذا الخرق متات من عملية استبدال المحاور لتحقيق خرق في جدار المألوف والمتعارف ليترتب عليه بنية استكمالية متحققة في الآتي من القصيدة والتي تؤكد في معظمها على /العرف/ المخروق في زمن ملعون

ما انتن الرجولة
حين تنفرد الرشاشات بامرأة
 
يلجا الشاعر إلى اللعب على المحاور الاستبدالية بنحو لافت للنظر لاحظ كيف اشتعل الشاعر بذكاء حين استعمل صفة (النتانة) مع الرجل/والانفراد بالمرأة/مع الرشاشة / إذ لو استعمل غير الرشاش –هنا- لاضطرب المعنى اضطرابا غير محمود ، إذ إن الشاعر استبدل فعل الرشاشة بنتانة الرجل ونتانة الرجل بفعل الرشاشة على الرغم من سمة /الانفراد/ غير متوفرة في الرشاشة لكن الشاعر منحها هذه الصفة مستبعدا إياها من الأول /الرجل/ إن هذا اللصق الصفاتي مبتغاه الإيماء بالنتانة/ المتحققة على يد الرجل ، وفعل الرشاشة في آن واحد لتحقيقه خرق المألوف .
 
1.طموحنا أنقاض
2. ولم يعد في العلب
3.ما يكفي لفبركة البياض
4. وماذا عن رحيلك يا قديسة
5. عينان خضراوان
6. واحتاجهما الله
7. لإضاءة ليل الجنة
8. فارفعي أطراف كفنك وأنت تمشين على الماء
9. إني أخاف على النجوم أن تبتل
 
في السطور التسعة آنفا تتوضح بنية التماهي في الآخر ، إذ إن الذات التي يصفها الشاعر تستكمل عنده قمية عليا حتى أنها استحالت رمزا للشهادة المتحققة فيما هو سرمدي "إن التسلسل المنطقي الذي اعتمده الشاعر للوصول إلى مبتغاة قد وجد مسوغاته المنطقية من خلال ما هو ضمني في عملية الاستشهاد وما تعكسه من اثر نفسي عند الآخر .
 الوسيط الذي اعتمده الشاعر هو ذاته التي يلجا إليها في الكثير من الأحيان لبلورة الخامات الأولية للشخصية المتحدث عنها يبقى السؤال في دائرة ما هو شعوري بيد إن هذا الشعوري يحمل ضمنا بنية لغوية إدراكية /طموحنا أنقاض/ . إن نتيجة هذا الحادث في الطموح نجم عنه نكوص في المتحقق على امتداد بنية الحدث وهو ما يتضح جليا في السطر (2 ، 3) المتزامنيين في فعل لايفارق النواة الأولى المتحققة في السؤال (1) إذ إنهما يشيان بامتداد فضاء الخيبة والخسران.  في السطر الرابع يختلف الحال عما هو في السطور السابقة إذ تختفي إشارة الخذلان لتشرئب إشارة جديدة حاملة روح الحياة والتطلع بواسطة بنية اللون الأخضر والصفة الملاصقة للموصوف /ياقديسة/ .  في السطر الثامن يكشف فعل الأمر /ارفعي/ فطنه وذكاء الشاعر ، إذ كيف يحقق معطى هذا الفعل من مرجو ميت إلا انه في عرف الشاعر ما زال حيا لم يمت بدليل القرينة اللاحقة للفعل /ارفعي/ أنت تمشين على الماء/ ، هنا نلاحظ إن ضمير المخاطب قد اسند إلى فعل مضارع مما يدل على حضوره في الزمن المحكي داخل القصيدة وهذا ما يشي بعدم ذهاب فعل المتحدث عنه. من هنا فان مطلب الفعل من اجل استمرار ما هو صحيح من قيم عليا وهذا ما يعمق فعل البطولة لدى الشخصية المحورية /أطوار بهجت/ تتوارى الشخصية بين مقطع وآخر وهذا فعل إجرائي صحيح من قبل الشاعر ليعطي المتلقي فرصة لما سيأتي من ناحية ويعمق فعل البطولة المنجز على ارض الواقع .
 
يوسف
ألف ذئب من ذئاب أخوتك
و لاغراب واحد من غربان (ساء من رأى)
 
هنا ، يشتغل الشاعر على الفضاء الزماني الممتد في تاريخ الذات الإنسانية ويستمر وجود الزمن في المقارنة بين (الجب) ومكان انتهاء الشخصية في سامراء / حتى انه يلعب بألفاظ الماضي في ضوء معطيات الحاضر فهي على مدى التاريخ / سر من رائ / إلا إن وقوع مأساة الشهادة بالطريقة المروعة جعلها (ساء من رائ) من المنظر المشار إليه فاللفظ –هنا- تراجع عن دلالته الإيحائية فتشكل في النتيجة النهائية تعارضا لفظيا جميلا أسفر عن حجم المأساة ولعل الشاعر استجمع كل الدلالات المتوالية من التاريخ –الوطن- الدين ليسخرها داخل النص من اجل إن تكون هذه المتواليات محكومة بنواتها الأساسية – الشهادة تتكرر وبنحو لافت للنظر تقنية الفراغ المنقوط وهي تقنية يراد منها إشراك المتلقي في ملء الفراغات النصية ومن ثم العمل على تأويل الخطاب على أكثر من مستوى
 
في نهاية كل يوم
ينعب في خرائب روحنا البوم
فنمرّ على بنادق القناصة
ونكتب اسمنا على رصاصة
..........
يبكي الله وجع العراقيين
 
لانخرج معطيات هذه السطور من القصد الأساس بيد أنها محكومة بمعطيات الحالة الرئيسية على الرغم من اطلاقية السطور آنفا. إذ إن قضية /أطوار بهجت/ قضية إنسانية أكثر منها شخصية هذا الانفتاح على ما هو أوسع في المعطى أدى إلى اتساع رقعة الدلالة مما اعطي النص انفتاحا اكبر على الهم الإنساني الذي يتجلى في أكثر من موقع ومكان .
إن /البوم/والغراب/يرسّخان الشعور بالخيبة والخسران إذ اعتماد /البوم/ لونا يكون دالة مشتركة مع /خرائب الروح/ المتشحة بالحزن والسواد. فمجيء الفعل /ينعب/ هو لتعميق الشعور بالحزن والخراب الروحي وباعثا للشعور بانعدام الطمأنينة التي تعزز بكتابة الاسم على رصاصة ، إذ إن هذا الامتداد منطقي وكان القصيدة تنذرنا بالنهاية حين تكون الكتابة على رصاصة.
 الاسم هو الهوية ومحور هذه الهوية هو فشل بحد ذاته . إذن فعل المغامرة متحقق وهو لايقل تأثيرا من فعل /البوم/ في نواحه المعتاد. وتخرج إلى فضاء أوسع تؤشره الفراغات المنقوطة إذ تمثل عنصر الحذف في المنتوج الدلالي ، إذ إن فعل /التنفس/ به حاجة إلى إخراج وإدخال
 
لا لم تمت
خيبات الأمل
تنفس
 
إن الفراغ المنقوط بنحو كثيف يزيد من رسوخ ما هو كائن أكثر من البحث في أفق ما يكون بدليل القرنية
 
في سامراء
لاننتظر الظهور
في سامراء
نكرر الغيبة
 
هكذا ترزح هذه النفس المكدودة تحت وطأة الخيبة ، ومن هنا تنشا مفارقة عميقة بين ما هو كائن وما هو حاصل على الأرض .
 لقد استطاعت هذه المجموعة أن تكشف لنا عن ذلك التماهي الراقي الذي اضطلع به الحطاب منذ سلامه الأول على الفقراء حتى وضعه إكليل الموسيقى على جثة بيانو  وما أشقهما من عملين !!
  
* اكليل موسيقى على جنة بيانو / مجموعة شعرية / جواد الحطاب / دار الساقي / 2008 / بيروت / لبنان