نشر الغسيل السياسي في العراق ! |
المقاله تحت باب في السياسة وتتجسد هذه الفوضى في أحدى أهم مظاهرها وتجلياتها في التصريحات الغريبة المثيرة لألف علامة إستفهام والتي تنطلق من بعض المسؤولين في الحكومة العراقية أثر اقالتهم من مناصبهم ومراكزهم التي تسنموها في الحكومة , حيث ما أن يصدر أمر باقالة هذا الموظف من منصبه حتى تبدأ صحوة الضمير لديه فتنطلق التصريحات منه حول دائرته والفساد الذي ينخر جسدها وكيف كان هذا الموظف المُقال من منصبه يعمل جاهداً ليلاً ونهاراً من أجل كشف هذا الفساد وتعرية أسبابه وفضح المسؤولين عنه أمام الرأي العام العراقي من اجل خدمة العراق ووطنه الجريح !!! وأشعر بصورة مؤكدة أن ذهن القارئ الأن يستذكر الكثير من هؤلاء الذين أطلقوا مثل هذه التصريحات بعد خروجهم من منصبهم , ولعل أخر صيحات وموضات التصريحات الرنانة في هذا الشأن قد تمثلت فيما قاله موسى فرج الذي تسنم منصب رئيس مفوضية النزاهة بعد هروب رئيس المفوضية العليا للنزاهة السابق القاضي راضي الراضي الى امريكا أثر خلافات ومشكلات مع السلطة لانرى متسعاً للحديث عنها الأن , كما تمثل قضية نقل جعفر الموسوي المدعي العام في المحكمة الجنائية الكبرى الى السليمانية احدى هذه القضايا المثيرة للأستغراب والحزن والتساؤل في نفس الأن . حيث نلاحظ ان موسى فرج كان قد ظهر في لقاء على العراقية وهي قناة الحكومة الرسمية وهو يتحدث عن منصبه وماذا سيعمل ووو..... بل ان المقدم توقع أخيراً ان يتسنم المنصب رسميا خلال اسبوع , ولكن قد تفاجأنا باقالته من منصبه وتعيين شخص أخر بدلاً عنه ...ثم ظهر في الفضائيات وبدأ يهاجم الفساد ويتحدث بكلام لم يقله في لقائه مع قناة العراقية وهذا ما آلمني ودعاني الى كتابة هذا المقال حيث بدأ بمهاجمة الفاسدين والمفسدين ولوح بالكثير من الأشياء ممن لم يصرح به كما أشرت في لقاءه مع قناة العراقية ! أما جعفر الموسوي فقد صرح بالعجب العجاب بعد أن صدر امر اقالته او نقله للسليمانية , فعندما كان في منصبه لم يكن يمتلك الجرأة أن يتكلم او ينقد الطرف الأخر المسؤول الا انه وبعد اقالته نراه يهدد بكشف الفساد الاداري والمالي في المحكمة الجنائية , بل الأدهى من ذلك انه لوح بكشف الفساد الأخلاقي في المحكمة وهذا أمر مثير للعديد من الأسئلة كما أشرت , أذ اننا يمكن أن نفهم الفساد المالي والأداري بسبب وجود ضعاف النفوس والمفسدين والحرامية !!! اما وجود فساد اخلاقي فهذا مايدعو للعجب العجاب ! وفي الواقع أنا شخصياً لم ارغب بمناقشة ماقالوه قبل وبعد الإستقالة فلو فتحت هذا الباب لما أستطعت غلقه بسهولة وربما ساحتاج الى بحث طويل لنماذج كثيرة أطلقت تصريحات بعد خروجها من منصبها , كما أني لا ارغب في إدانة أحد من الأطراف سواء كانت الجهة التي أقالت المسؤول او الموظف الذي فضح الفساد في مؤسسته بعد خروجه منها , بل رغبت في توضيح قضية محاولة نشر غسيل موظف ما لدائرته الحكومية _ وهو غسيل قذر وقذر جداً_ بعد خروجه من المنصب, بينما كان ساكتاً و(مغلس كما يقول العراقيون) حينما كان فيها , والأولى به ان يقوم بذلك اثناء بقائه في المنصب لا ان يقول ذلك بعد خروجه منها الا اذا كان فضحه لهذه الأمور قد سبب له الفصل والإقالة فحينها سوف نحترم تصريحه ونُدين الأخرين الفاسدين في دائرته بل وحتى الحكومة ان قبلت بذلك وتسترت عليه . فعلى المسؤول العراقي _ وكل موظف في الدولة هو مسؤول مهما كانت درجته الوظيفية_ ان يُساءل نفسه وينقدها مرات عديدة قبل أن يفكر بادانة الأخرين ومحاسبتهم , وعليه أن تكون مبادئه وتصريحاته حينما يخرج من منصبه منسجمه مع ماكان يقوله حينما كان متربعاً على عرش المنصب بين كرسيه ومكتبه الذي صرف عليه الملايين والراتب الضخم والحرس الذي يسير أمامه وخلفه في شوراع بغداد ويُطلق النار في الهواء من اجل الحفاظ على حياته الغالية المقدسة التي هي من طينة اخرى تختلف عن طينة المواطن العراقي المسكين !!! ثم على المسؤول المُقال من منصبه أن لايكون بوجهين وأن لايتعامل بإزدواجية مع قضيته , وعليه ان يُصرح بهذه الأمور وهو في وظيفته حتى حينها اذا أقيل من منصبه فسوف نصدّق أنه كان صالحاً ويسعى لخدمة بلده لانه اذا كان " دينك هو مايمكن ان تقوم به بعد ان تنتهي الموعظة في الكنيسة " كما يقول جاكسن براون , فإن إخلاصك وصدقك يجب ان يكون ايها المسؤول والموظف الحكومي هو ماتصرح به وانت في داخل وظيفتك مواجها ذاتك ومواطنيك المساكين الذين ينتظرون منك العمل والصدق والإخلاص لهم , لانك _ برايي _ عندما تدين الأخرين في مؤسستك الحكومية بعد ان تخرج منها فأنك تدين ذاتك وسلوكك سواء شعرت ام لم تشعر بذلك !!! Mohanad.habeeb@yahoo.com \ |